الدول العربية والنامية سبق أن احتلت في ظل عصبة الأمم التي سلمت الراية الى الاممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي تفنن هو الآخر في إضاعة فلسطين وتدمير العراق، والبقية تجرفها رياح الربيع العربي، وسنظل هكذا فريسة للنظام العالمي سواء تغير نظام مجلس الأمن الدولة كما تطالب السعودية أو بقي على حاله كما تصر القوى الفاعلة على الساحة الدولية، سنظل أسرى لضعفنا وتفككنا لأن الأصوات الساعية لتفعيل مجلس الأمن لا ترى وجودا دائما لجامعة الدول العربية في هذا المجلس بينما تتحمس هذه الاصوات لضم دولة مثل البرازيل. وإذا لم تسارع الدول العربية ودول عدم الانحياز وتبني على الموقف السعودي ستدفع الاجيال الحالية قبل القادمة ثمنا مؤلما من وجودنا واستقلالنا وسنبقى عبيدا لوهم اسمه «الشرعية الدولية» تلك الشرعية التي ينطبق عليها مقولة الروائي الأمريكي الساخر مارك توين بأن الكذبة تسافر حول نصف الكرة الأرضية قبل أن ترتدي الحقيقة حذاءها. ولا يخفى على أحد أن حق النقض، المعروف بالفيتو، ساعد الولاياتالمتحدة على تقديم أفضل دعم سياسي للكيان الإسرائيلي ذلك بافشال صدور أي قرار من مجلس الأمن يلزم «إسرائيل» بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية وأعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين «إسرائيل» باستخدام القوة المفرطة ضد الشعوب العربية. ويتناقض هذا النظام عموماً مع القواعد الأساسية التي تشترطها النظم الديمقراطية، فناهيك عن أن الدول الخمس الكبرى التي لم تنتخب لعضوية هذا المجلس بصورة ديمقراطية، فهي أيضاً لا تصوت على القرارات بنظام الأغلبية المعروف. ومنذ تأسيس الأممالمتحدة عام 1945، استخدم الاتحاد السوفيتي وروسيا حق الفيتو 123 مرة، والولاياتالمتحدة 76 مرة وبريطانيا 32 مرة وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 7 مرات. وكان استخدام الاتحاد السوفيتي لحق الفيتو واسعا جدا في الفترة بين عامي 1957 و1985، إلى درجة أن وزير الخارجية، أندريه غروميكو، أصبح يعرف ب «السيد نيت»، أو «السيد لا». وخلال السنوات العشر الأوائل من عمر المنظمة الدولية، استخدم الاتحاد السوفيتي حق الفيتو 79 مرة، في الفترة نفسها، استخدمت الصين الحق نفسه مرة واحدة، وفرنسا مرة واحدة. إلا أن الاتحاد السوفيتي بدأ يستخدم هذا الحق اقل فأقل في الفترات اللاحقة. وفي السنوات الأخيرة تحول مجلس الأمن الى مجلس حرب بعدما انتزعت منه أهم الصلاحيات التي انشئ من أجلها، وهي الحيلولة دون قيام الحروب والمحافظة على الأمن والسلام العالمي خصوصاً في ظل هيمنة امريكا على القرار العالمي وانتهاكها المستمر للمواثيق الدولية. وكان تدخل مجلس الأمن الدولي في السنوات الأخيرة في أكثر من مشكلة دولية وتخطيه صلاحياته الممنوحة له في ميثاق هيئة الأمم سبباً وجيهاً بأن تستمر مطالبة أغلبية أعضاء المجتمع الدولي بضرورة إصلاحه كما كانت الحرب الأنجلو أمريكية على العراق دون إذن من مجلس الأمن في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي وتحد سافر للأمم المتحدة والمجتمع الدولي قد جعل موضوع إصلاح مجلس الأمن وإعادة هيكلته بما في ذلك حق الاعتراض ونظام التصويت فيه يكتسب أهمية أكبر وجعله أكثر إلحاحاً عن ذي قبل. والعجب، كل العجب، أن نجد سفراء الدول العربية في الاممالمتحدة يطالبون السعودية بالعدول عن موقفها الجرئ والرافض لعضوية «مجلس الحرب» الدولي الذي تحول إلى أداة طيعة لخدمة أهداف اسرائيل والصهيونية العالمية.