ريتشارد جراسو رئيس بورصة نيويورك في مطلع القرن الماضي وصف الفترة التي قضاها بسوق الاوراق االمالية بالحقبة السوداء في التاريخ المالي الحديث ، بسبب مخالفات وتلاعبات قامت بها احدي المؤسسات المالية الامريكية رغم تغريمها بنحو 4.1 مليار دولار ...المأساة تكررت لدينا ...ولكن مع اختلاف الشخوص والابطال ... ملف" شركة ميراج للسمسرة- الرقابة المالية " سيظل هو الاخطرفي ملفات الفساد في عالم سوق المال ووصمة عار في جبين الرقابة المالية خلال السنوات القليلة الماضية ... الملف ظل حديث مجتمع سوق المال طوال العامين الماضيين بسبب تورط الرقابة المالية لصالح شركة "ميراج " ضد احد العملاء... الاوراق الجديدة التي حصلنا عليها تكشف العديد من المخالفات التي وصفتها المستندات بالجريمة مكتملة الاركان .... المستجدات التي شهدتها القضية ،والتي كشفت التستر"الفج " كفيلة باحالة الدكتور أشرف الشرقاوي ريس الرقابة المالية ،ورفاقه الي المحاكمة السريعة ، المستندات تؤكد تورط " بنك بيريوس " باعتباره أمين حفظ الشركة في الجريمة ، ولو هناك رقابة تعمل علي تطبيق القوانين لتم إحالة المسئولين في البنك للنيابة بسبب التجاوزات والجرا ئم التي ارتكبت في حق اموال العملاء والتي اكتفي حيالها البنك المركزي بالمصت رغم المذكرة التي قدمها الضحية منذ عدة اسابيع ولكن لا حس ولا خبر عنها . "الوفد " تحقق في احدث مستجدات اخطر ملف فساد بسوق المال ،ورغم نهب الشركة والبنك لاموال الضحية علاء الدين عاشور الا ان الشركة لاتزال حرة طليقة تخرج لسانها الي القوانين، وكأن الثورة لم تغير شيئا. المشهد من المستندات يبدو اكثر سوادا وظلاما ،بسبب المخالفات الصارخة التي تعمدت ارتكابها الرقابة المالية ،لتسقط بذلك الرقابة في مخالفة جديدة ، وهي التخلي عن دورها الرقابي ،بحماية المستثمرين والمتعاملين بالسوق. التقرير الصادر من الرقابة المالية حول مخالفات الشركة اوصي بتحرك دعوي قضا ئية ضد الشركة ، ولكن ماذا حدث؟! كالعادة لاشيء بالعودة للخلف سريعا يتبين ان المشهد الاول من سيناريو الواقعة بدأ عندما قامت شركة ميراج لتداول الاوراق المالية بالتلاعب علي حساب علاء الدين عاشور محمود وحساب نجلته القاصر "لينا " وبسبب فساد الرقابة المالية وتواطؤ في استرداد اموال العميل ...تقدم بمذكرة الي كل من مباحث الاموال العامة والهيئة العامة للرقابة المالية وذلك في يوم 6-12-2009 قضية رقم 9383حصر جرائم اقتصادية ... وكذلك تقدم في نفس اليوم الي بنك بيريوس ادارة امناء الحفظ طالبا من موظفيه كشف حساب باسهمه للوقوف علي حجم التلاعبات التي قامت بها الشركة....ومن وقتها بدأت المفاجآت تتوالي ، فوجئ "عاشور" بكشف حساب يفيد بأن اسهمه مجمدة هامشيا رغم ان الضحية لم يوقع عقداً هامشياً مع الشركة وذلك وفقا لما ذكره تقرير تفتيش هيئة الرقابة المالية الذي قام بالتحقيق مع العضو المنتدب للشركة وأكد أنه لم يكن عميلاً هامشياً ، وهذا يؤكد ان البنك اصدر احد تقاريره بمعلومات خاطئة وسلم كشف حساب مزورا لأحد عملائه. اصر "عاشور" علي تقديم طلب للبنك بوقف التعامل علي حسابه لدي بنك " بيريوس "بواسطة شركة ميراج لحين فصل هيئة الرقابة المالية في المذكرة المقدمة ضد الشركة،... وفي 9-12-2009 قام العميل بعمل انذارين علي يد محضر الي كل من الشركة والبنك بوقف التعامل علي حساباته ، الي هنا والامر عادي ولكن غير الطبيعي ان البنك والشركة رفضا استلام الانذارين رغم ارسال الانذارين علي الفاكس لكل منهما الا انهما بالتواطؤ تم بيع ما تبقي من اسهمه يوم 13-12-2009 وفقا لمذكرة الشئون القانونية الصادرة من هيئة الرقابة المالية والموقعة من رئيس الهيئة ، بعد التحقيق بمعرفة ادارة الشكاوي ولتكرار المخالفات تم احالة الموضوع الي ادارة التفتيش التي قامت بدورها بالتفتيش علي الشركة مرتين في 21-12-2009و 10-1-210 وعلي بنك الحفظ بيريوس في 31-1-2010والتحقيق هكذا كان نص الرسالة .....قامت ادارة التفتيش بعمل تقرير في 1-2-2010 ، ولكن تم اخفاء التقرير الذي يدين الشركة والبنك ولم يظهرالا في 23-5-2010 بعد ان قدمت شكوي لهيئة الرقابة الادارية وقامت بالتحقيق واجبرت الهيئة علي كشف التقرير . تطورت الاحداث سريعا وتم استبعاد صلاح ابو علم رئيس الادارة المركزية للتفتيش لرفضه التستر علي اخفاء التقرير ،لمدة اربع شهور ، ولإخلاء المسئولية قام بتسليم التقرير الي هيئة الرقابة الادارية ، تم اسناد الادارة الي ياسر المصري احد رجال الدكتور احمد سعد رئيس الهيئة الاسبق ومستشار رئيس الهيئة الحالي كما تم استبعاد الدكتور سيد عبد الفضيل رئيس لجنة التفتيش علي الشركة والبنك من ادارة التفتيش لرفضه التستر علي مخالفات الشركة والبنك ثم الاطاحة به خارج الهيئة لاحقا. المشهد الثاني من الملف بدأ يشهد تقدما ملموسا، حينما تدخلت الرقابة الادارية في الامر ،وبنا ء علي المخاطبة بين الجهتين انذرت الرقابة المالية البنك لكن لم توقع عليه اية عقوبة للآن رغم ان البنك ارتكب كوارث بالجملة طبقا لما هو مسجل بالمذكرة الخاصة بالبنك المركزي ،التي تضمنت تقديم كشف حساب مزور للعميل ،وكذلك اتهام البنك بالتواطؤ مع الشركة وضرب عرض الحائط بالقوانين وتعليمات العميل الصريحة بوقف التعامل علي حسابه ليخالف بذلك 17 بنداً من 20 بندا هي محتوي العقد ثنائي الاطراف بين البنك والعميل ولم يرجع الي جهة الرقابة التي منحته الترخيص رغم تأكد موظفيه من وجود شكوي، ورغم مرور اسبوع كامل علي اتاحته الاسهم للشركة بالجهة الرقابية والبنك ، الا انه لم يحرك احد ساكنا ليخالف البنك قوانين سوق المال ومن قبلها مخالفات جنائية مثل خيانة الامانة والتزوير و وتسهيل الاستيلاء علي اموال وهو ما تضمنته مذكرة تحريك الدعوي الجنائية الصادرة من الهيئة في 29-3-2011. واقعة الفساد تؤكد ان هيئة الرقابة المالية وقعت في العديد من المخالفات اولاها تحريك دعوي جنائية علي الشركة وهو ماتم بعد اكثر من عام من صدور تقرير التفتيش ،ولكن التحرك كان بعد خراب مالطا حسبما اشارت مذكرة تحريك الدعوي الجنائية الصادرة من الهيئة في 21-3-2011. الهيئة مفترض انها قامت بايقاف شركة ميراج لتداول الاوراق المالية لمدة ثلاثة شهور عن نشاط الشراء بالهامش ،والتداول في ذات الجلسة وهما ما يمثلان معظم التلاعبات علي حساب العميل ، ولكن رغم قوة العقوبة الا ان لجنة التظلمات قامت بالغائها لا لعدم ثبوت المخالفات ولكن لجرائم مهنية في حق اصحاب القرار في هيئة الرقابة المالية نظرا لارتكاب الهيئة اخطاء شكلية لا يصح معها توقيع العقوبة علي الشركة و تتمثل هذه المخالفات في قيام رئيس الرقابة المالية بتوقيع العقوبة علي الشركة بالايقاف 3 أشهر، وهنا مخالفة صريحة للقوانيين، فالمادة 30 من قوانين لا تسمح لرئيس الهيئة بتوقيع عقوبة باكثر من شهر،وانما عقوبة 3 شهور من مسئولية مجلس ادارة الهيئة العامة للرقابة المالية وهذا هو المعلوم بالضرورة لكل من قام بالتوقيع علي هذا القرار طبقا للمادة 31. وكان هذا الخطأ المتعمد بمثابة ضوء اخضر للشركة للهروب من المخاالفات،وكل ما فعلته الرقابة الانذار والاعلان كإجراء شكلي والسلام وهو ما تضمنه قرار لجنة التظلمات الصادرة في 22-7-2010 ومذكرة تحريك الدعوي الجنائية الصادرة من الهيئة ضد شركة ميراج الصادرة في 29-3-2011. اللجنة القضائية لم تأخذ في الاعتبارالاخطاء المتعمدة من الهيئة ، وأكدت في قرارها انه" مع الغاء العقوبة لمخالفة الشكل الا ان ذلك لا يمنع رئيس الهيئة من معاقبة الشركة علي الاخطاء الشكلية (المادة 10من القانون) وهو مالم يحدث ، وبالتالي لم يتم معاقبة البنك او الشركة ، لتكون التضحية باموال العميل هي البديل والوجه الاخر. انتظر المراقبون ان يقوم الدكتور ماهر صلاح الدين مدير إدارة التظلمات والشكاوي بالهيئة احد المسولين عن الملف بعمل مذكرة لرئيس الهيئة يشرح فيها الاخطاء التي وقعت فيها الهيئة من اجل اتوقيع العقوبة واستعادة الحقوق من خلال استكمال اجراءات توقيع العقوبات علي الشركة والبنك ، ولكن ماذا حدث لادارة الهيئة استبعدت الدكتور سيد عبد الفضيل صاحب الخبرة الطويلة وتم تعيين" ماهر " رئيسا للادارة المركزية للشكاوي رغم ان ماهر هو الذي اكد للشاكي في اكثر من موضع ان تحقيقات النيابة غير ملزمة له فيما يخص شكواه رغم أن هذه التحقيقات تمت بطلب من الهيئة وانه سيقوم باستبعاد تحقيقات النيابة ودراسة الشكوي من جديد بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول مرسل لرئيس الهيئة في 1-3-2011 يحذر فيه من تجاهل تحقيقات النيابة العامة في شكواه وتجاهل دراسة من سبقوه من ادارات شكاوي وتفتيش وشئون قانونية والصادر بخصوصها مذكرات من تلك الادارات وموقعة من رئيس الهيئة الا ان رئيس " الشرقاوي" تجاهل الانذار وهو ما وضح من مذكرة تحريك الدعوي الجنائية الصادرة في 29-3-2011والتي تجاهل فيها الدكتور ماهر تحقيقات النيابة ... يبدو ان المشهد بالفعل بات اقرب للنهاية السودا بالرقابة المالية ...وهو ما قد تكشف عنه الايام القادمة.