ياسر محجوب الحسين أزور هذه الأيام الصين ضمن وفد إعلامي إفريقي، ويضم الوفد صحفيين عربا من الجزائر فيما عتذر صحفيان مصريان في آخر لحظة لأسباب تتعلق بالأوضاع في مصر.. أكثر من (20) صحفيا إفريقيا انخرطوا في ورشة ضخمة بدعوة من صحيفة الشعب الصينية.. العنوان العريض للورشة (يداً بيد لتحقيق الحلم الصيني الإفريقي).. الصين ذلك العملاق الآسيوي بدأ في تنفيذ إستراتيجية شاملة تجاه القارة الإفريقية والدول العربية.. الصينيون يعلنون أنهم يسعون لتبادل المصالح مع البلدان الإفريقية ويرون أن كلا الطرفين يواجهان تحديات مشتركة وحلم مشترك بل وحتى تاريخ استعماري مرير.. الصين تقول إن الدول الإفريقية دعمت الصين في حصولها على وضع مؤثر في الأممالمتحدة.. لكن الولاياتالمتحدة التي تنبهت مؤخراً لزحف التنين الصيني نحو القارة السمراء البكر، أخذت ترمي الصين بدائها وتحاول أن تنسل منه، فالإعلامي الأمريكي ينضح باتهامات للصين بمحاولة استعمار القارة الإفريقية ونهب ثرواتها!. مشروعات البنى التحتية الضخمة التي نفذتها الصين خلال العقدين الماضيين في عدد من الدول الإفريقية تؤكد أن الصين تسعى لتأسيس وتمتين علاقات اقتصادية بين الطرفين، وبلغ عدد هذه المشاريع أكثر من (900) مشروع تنموي.. التبادل التجاري بين الطرفين بدأ في العام 1979 بمبلغ زهيد بلغ (82) مليون دولار ليرتفع إلى (199) مليار دولار في العام الماضي 2012.. الرئيس الصيني السابق جينتاو هاو زار أكثر من (18) دولة إفريقية.. وتقول الإحصاءات إن الصين أرسلت خلال السنوات القليلة الماضية (350) ألف فريق عمل فني، و(18) ألف طبيب إلى إفريقيا، ونظمت دورات تدريبية لأكثر من (30) ألف إفريقي، وقدمت (60) ألف منحة دراسية. المنافسة الصينية للولايات المتحدة في إفريقيا هي منافسة (شريفة) بيد أنني أعتقد جازما بأن الولاياتالمتحدة لن تسكت أو ترضى بهذه المنافسة.. لكن حتى لو لجأت واشنطن إلى أسلوب خشن في مكافحة المارد الصيني إلا أن بكين لن تجعل الصراع يتخذ أشكالا تقليدية بسبب درجة الحذر العالية لديها، وربما لاعتمادها على (تكتيك) محمد علي كلاي أشهر ملاكم أمريكي، والذي يقوم على امتصاص الضربة تلو الضربة والتراجع المستمر وعدم مسايرة الخصم ورد ضرباته حتى تحين الفرصة الملائمة وتوجيه ضربة للخصم حتى ولو طال أمد المعركة.. إن الذي يؤكد هواجس واشنطن تجاه بكين تلك المعلومات التي تشير إلى توقع صندوق النقد الدولي بأن يتجاوز حجم اقتصاد الصين بحلول العام 2016 نظيره الأمريكي من حيث تعادل القوة الشرائية، وترى العديد من المؤسسات البحثية الدولية أن الاقتصاد الصيني أصبح منذ العام 2010 الأول في العالم وهذا ما أكده الباحث الاقتصادي أرفيند سوبرامانيان من معهد برينستون الأمريكي في حين اعتبرت دراسة أجراها مؤخرا الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا روبرت فينسترا أن الزعامة الاقتصادية العالمية ستنتقل إلى الصين في العام 2014م. الصين لا تبحث عن آفاق التعاون الاقتصادي في إفريقيا فحسب فهي تمد جسور التواصل نحو الدول العربية والإسلامية كذلك.. شركة هواوي الصينية تقول أن مبيعات الشركة في الدول العربية حققت ما قيمته (3.7) مليار دولار أمريكي في عام 2010.. ويتجاوز عدد المشتغلين لشركة هواوي في الدول العربية (5300) شخصا، (70)% منهم موظفون عرب.. وأقامت الشركة دورات تدريبية شارك فيها أكثر من عشرة آلاف موظف.. وفي هذه الأيام ينظم معرض الصين والدول العربية في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة شمال غربي الصين.. الخبراء مجال التجارة يقولون على هامش المعرض أن حجم التجارة الثنائية بين الصين والدول العربية وصل في عام 2012 إلى (222.4) مليار دولار أمريكي. بزيادة 12 ضعفا عما سُجل في عام 2002. وأصبحت الدول العربية سادس أكبر شريك تجاري للصين.. ومعلوم أن معظم واردات الصين النفطية تأتي من منطقة الخليج العربي؛ لكن مع ذلك فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بين الجانبين في عام 2012. (119.1) مليار دولار أمريكي.. في اليوم الثاني للمعرض تم التوقيع على ما إجمالية (158) من العقود بقيمة (260) مليار يوان تقريبا أي نحو 42 مليار دولار أمريكي. (الحب) الصيني للدول العربية ليس من جانب واحد فقد عكست زيارة العاهلين الأردني والبحريني في الأيام الماضية إلى الصين ومحادثاتهما مع الرئيس الصيني شي جين بينغ إصرارا كبيرا من الجانبين على دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب.. وشارك العاهلان في مراسم افتتاح الدورة الأولى للمعرض الذي وصف بأنه منصة رئيسة لتشجيع العلاقات بين الصين والدول العربية.. في نفس التوقيت قام وفد رفيع المستوى من جمارك دبي بزيارة عمل رسمية إلى الصين وتم خلالها بحث علاقات التعاون المشترك وتبادل الخبرات، وفرص تنمية العلاقات التجارية بين دبي وجمهورية الصين عبر تنسيق الإجراءات الجمركية ومدى إمكانية الاستفادة من الأنظمة الجمركية في البلدين.. مدير عام جمارك دبي اعتبر الصين من أبرز الشركاء التجاريين لدبي، حيث بلغت إجمالي المبادلات التجارية بين دبي والصين (63) مليار درهم خلال النصف الأول من العام الحالي 2013 مقابل (54) مليار درهم في نفس الفترة من العام 2012 بنمو نسبته 17%.