لا يجب أن تلهينا حالة طارئة من الارتباك التي فرضت بعض الهدوء النسبي علي حركة الجماعة الهمجية عن أننا في «حالة حرب» علي هذه الجماعة وأشياعها تلتقط أنفاسها حالياً بعد القبض المتواصل علي رموزها ومخططي عملياتها الإجرامية وقد تحولوا في تحقيقات النيابة الأولية معهم إلي «حملات وديعة» أو «فئران مذعورة» تنكر وتنفي حتي انتماءها للجماعة الهمجية!، ولأن الإنكار والنفي من تكتيكات المجرمين عادة عند مواجهتهم أمام المحققين!، فإننا يجب أن نضع في حسباننا أن قضية الأمن هي أولاً وأخيراً هي الشاغل الرئيسي لنا آناء الليل وأطراف النهار، وليست هذه مبالغة منا للتهويل من خطورة الإرهاب الذي نواجهه، والذي ربما يستنيم مضطراً متظاهراً بجنوحه إلي الهدوء ولا أقول السلم حيث إن شن الجماعة الهمجية في شنها الحرب علي الشعب والدولة وقوي أمنه وجيشه وقد وضعت في حسابها أن معركتها طويلة وما بدأت إلا لتستمر!، ثقة منها في أن أهداف الذين يخططون لها في الخارج لابد أن تتحقق!، إذا ما توانت الأجهزة الأمنية المصرية وجيش مصر عنهم والرصد المتواصل لحركتهم في داخل مصر وعمقها حتي سيناء!، وأحسب أن هناك قاعدة بيانات لا بأس بها أمام الأجهزة المطاردة للعناصر الفاعلة في الجماعة الهمجية ومن يفدون لنصرتها من الإرهابيين الذين تكشف جنسياتهم عن أن مصر هي بؤرة لمؤامرة دولية تسعي لتركيع مصر وإشاعة الفوضي فيها والذعر في نفوس أبنائها، والعمل التخريبي الداخلي الذي يضعف الدولة عمداً، ويقوض أركانها بحيث لا يمكنها قيام مقومات الحياة الطبيعية، وما تهدف إليه من استقرار داخلي يتيح انتشالها من أحوال متردية في كل المجالات بضغوط الخارج ووطأة الإرهاب في الداخل!. ومما أحمله في تصوري للموقف الحالي ألا يغيب عن أذهاننا هذا الارهاب الذي يتربص بنا ونحن محور عمله ومساعيه، وما دام هذا لن يتوقف دون رادع دائم فإن هذا الردع هو مهمة الحكومة المسئولة سواء كانت انتقالية أو دائمة، ويجب أن يكون الاساس في هذا الردع أن يضيق الخناق أولاً - وقانوناً - علي وجود حضور هذه الجماعة الهمجية وأشياعها بحيث تظل محاصرة كما فطنت لذلك أنظمة الحكم المصري خلال أكثر من ستين عاماً، حتي وقوع الثورة في 25 يناير 2011، عندما وقعت الكارثة التي تمثلت في رفع الحظر عن هذه الجماعة!، والسماح لها دون غيرها بالحضور الواقعي في حياتنا العامة من خلال الإبقاء علي جماعة ادعت طيلة تاريخها أنها «دعوية» حتي سوغ لها أن يكون لها ذراعها السياسي المتمثل فيما سمي بحزب الحرية والعدالة!، وكنت من أوائل الذين رفضوا أن يكون هذا الخلل قائماً حيث إن الجماعة والحزب شيء واحد!، وأن الكيان الأصلي هو الجماعة والفرع هو الذراع الحزبي السياسي!، ثم إذا بنا أمام موجة إرهاب متوحشة تعلن أنها قد ركبت الحكم ولن تنزل عنه لنصف قرن قادم!، وإذا بالجماعة وتشكيلاتها الإرهابية هي المحرك الأساسي لما عملوا عليه حتي يعجلوا «بتمكين» جماعتهم من كل مصر!، بل بادر أقطاب الجماعة إلي التلويح بحرق مصر كلها إذا لم تعد «السلطة» إلي الجماعة ومندوبها في منصب رئيس البلاد!، وكان أن سالت الدماء أنهارا!، واشتعلت الحرائق في كل مكان برعاية الجماعة وتوجيهاتها!، وتحدث أصحاب النوايا الحسنة - ربما استجابة للعالم الخارجي - عن مصالحة وتوافق مجتمي يمكن أن يشمل الجماعة التي تمثل فصيلاً «وطنياً» طرح بياناته «الوطنية» التي كانت - ومازالت - ضد الوطن والمواطنين!، فلابد أن ننبذ هذه الأفكار وننفي هذه الجماعة التي أصبح كل الشعب يرفضها، ولا يعني ذلك غير أن تعني السلطات بمواصلة الحرب علي عناصر هذه الجماعة في إطار قانوني قائم أو مستحدث.