توعد إبليس بني آدم بالوسوسة والإضلال المتستر تحت غطاء الأماني والتبرير. فقط عباد الله المخلصين هم الذين لا سلطان له عليهم، بل إن عباد الله المخلصين هؤلاء إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون، لا يمارس إبليس سلطانه على غير المؤمنين وهؤلاء هو دائماً مبتسماً على حالهم وسوء مآلهم، ولكن ايضاً يتسلل إلي من يدعون الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ممنيا شهواتهم ومبرراً لهم أخطاءهم ومزيناً لهم أفعالهم. بعد أن جلس إبليس عاطلاً فى الدول المتخلفة التى يحكمها استبداديون تفننوا وابتكروا شروراً لم يدركها بعد إبليس بل وجعلته تلميذاً لهم, وها هو يبتسم بعد بطالة وحزن؟.. لقد نجح إبليس في أن يجعل البعض ممن يدعون الإيمان يقطعون الطريق وقد أمرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بإماطة الأذي عن الطريق، ويقتلون النفس الإنسانية بغير حق مدعين أنهم يجاهدون في سبيل الله ويدعون أنهم يناصرون دين الله وهم يناصرون السلطان والصولجان ويدعون حب الموت وهم يتنافسون في حب الدنيا.. بل جعلهم يتغنون بأنهم يطبقون الشريعة وهم يهدمون مقاصدها فلا حافظوا على النفس بل عذبوها وقتلوها ولم يحافظوا على العقل بل ضللوا مريديهم وأتباعهم وملأوا عقولهم أكاذيب وخرافات, ولم يحافظوا على الدين بل اخترعوا ديناً جديداً يفرق ولا يجمع ويروع ولا يرحم ويتكبر ولا يتواضع ويكفر ولا يهدى, ولم يحافظوا على المال بل أتلفوا ممتلكات الآخرين وبذروا فيما استحفظوا عليه وبددوا ما يملكون على الحشد ومخاطبة من يدعونهم الأعداء, ولم يحافظوا على العرض فتركوا الأطفال يحملون الأكفان وتتقدم النساء فى المسيرات الرجال والغلمان وجرحوا حياء من يجاورونهم واستباحوا حرمة وخصوصية من يعتصمون بجوارهم! ولم يكتف البعض منهم بفعل كل هذا وحسب ولكنهم أيدوا الفشل بحجة شرعية الفشل واختيار البعض من الناس له ونسوا أن العمل سيراه الله ورسوله والمؤمنون ثم يردون إلي عالم الغيب والشهادة، فينبئهم العلي القدير بما كانوا يفسدون، وإذا قال لهم الناس لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون.. وكيف لا يبتسم إبليس وهو يري البعض ممن يدعون الإيمان ويسعون إلي الصيام والقيام وهم غلاظ القلوب على أهليهم وسلاط اللسان على ذويهم يدعون لهم بالنار وسوء المصير ويفرحون إذا أصابتهم مصيبة أو حلت بهم قارعة. وكأن الخوارج قد استمر نسلهم منذ خروجهم عن الإسلام الصحيح والإنسانية السوية وقرر أحفادهم إدخال السرور على إبليس وجعله مبتسماً منشرحاً فها هو فريق آخر ينضم تحت لوائه ويتدثرون بسلطانه عليهم فيتركون الصدق والاخلاص جانباً ويتمسكون بالكذب والبهتان طريقاً ليكسبوا الدنيا وزينتها ويتركوا العمل الصالح للآخرة.. لم يكن من رؤية الأمور التي تجري من وجهة نظر إبليس إلا حقيقة واقعة يتخفي الكثيرون منها تحت غطاء الثرثرة والدجل والتلاعب بالكلمات جدلاً عقيماً بدلاً من الاقرار بالحقيقة المؤلمة. إن على من يدعي الإيمان بأنه وقر فى قلبه أن يصدقه العمل الذي تقترفه يداه وإلا كان ما يدعيه قولاً فقط بلا حجة ولا برهان، يقول البعض ممن أدخلوا البهجة على إبليس وجعلوه مبتسماً عن جهل بحقيقة الإيمان وما يفرضه على الإنسان عملاً صالحاً في الدنيا، يقول هؤلاء إنهم المؤمنون الذين يحاربون الكفر وكل أفعالهم تدفع الناس الي الكفر بما يفعلون وبما يقولون، فلم يكن الإيمان لإباحة القتل والترويع، ولم يكن الإيمان للكذب البهتان ولم يكن الإيمان باتخاذ من يحادون الله ورسوله أولياء لهم يستنجدون بهم ويطالبونهم بالنصرة على بني جلدتهم، ولم يكن الإيمان للغنيمة والسلطان ولم يكن الإيمان للإدعاء زوراً وبهتاناً بأن الفشل من صنع الآخرين ونسوا أن الفشل هو ما اقترفته أيديهم، واذا كان الأمر كما يدعون فهذا إقرار بأن المنافسين لهم أقوي منهم تأثيرا وشكيمة فكيف بهم يطالبون بأن يحكم الأضعف الأقوي وكيف بهم يطالبون بأن يحكم المفسد الذي فرق الناس وجعلهم شيعاً، وكيف بهم يطالبون أن يكونوا أمناء على الناس وهم يقتلون النفس التي حرم الله قتلها بغير حق ولا ذنب ولا جريرة إلا الادعاء بالمظلومية والقهر والاضطهاد! إذا كان البعض ممن حكموا الدول المتخلفة قد جعلوا إبليس عاطلاً إلا أن البعض الآخر ومن يؤيدونهم قد جعلوه مبتسما فلن يستطيع إبليس فعل أكثر مما يفعل هؤلاء وأولئك لكي يوقع التشاحن والبغضاء بين الناس ليحاربوا بعضهم البعض ويقتلوا بعضهم البعض ويفسدون في الأرض وهم قد أُمروا بإصلاحها ونسوا أن من قتل نفساً متعمداً بغير حق، فجزاؤه جهنم ونسوا أن محمداً والذين معه رحماء بينهم. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. يحيا الشعب المصري حراً كريماً. استشارى جراحة التجميل