إذا أخذنا ما كتب فى الإعلام اليهودي وتتبعناه لاكتشفنا فعلا أن «مرسى» هو كنز استراتيجى لإسرائيل وحزنها وأسفها على رحيله لم يكن من فراغ بل هو نتيجة طبيعية للخدمات التى قدمها «مرسى» لإسرائيل على مدار عام كامل. فهذا «أنشيل فيفار» المحلل السياسى لصحيفة «هاآرتس» كبرى الصحف الاسرائيلية يقول: «يصعب عدم التقاط موجات الرضا في إسرائيل. «مرسي» بالتأكيد ليس محباً لإسرائيل، ولكن العام الذي شغل فيه منصب الرئيس في مصر لم يضر بالعلاقات الإسرائيلية - المصرية، بل على العكس. وعدد «فيفار» الأسباب التى تجعل إسرائيل حزينة على مرسى بل وتشتاق اليه لاحقاً. ويرى فيفار أن السبب الأول هو أنه بقيادة «مرسي» قام الإخوان المسلمون بالتصديق على اتفاق كامب ديفيد، وهو الأمر الذى لا يصدق من قبل إسرائيل، ومع أنهم تحدثوا عن إمكانية تغيير الاتفاق، فإنهم عمليًا نفذوه، بالضبط مثلما فعل نظام مبارك من قبلهم، والسبب الثانى هو عدم منع «مرسي» إسرائيل من شن حملة «عمود السحاب»، الضربة الشديدة لقيادة حماس وإحلال وقف اطلاق النار بشكل سريع، الأمر الذى احترمته حماس في النصف سنة الأخيرة بحرص. والسبب الثالث إرسال الجيش لحملات مركزة ضد عناصر القاعدة ممن سيطروا على مناطق واسعة في شبه الجزيرة وما لا يقل أهمية بالنسبة لإسرائيل، كما نفذت حملات واسعة لهدم أنفاق التهريب الأمر الذى لم يقم به مبارك. السبب الرابع وليس الأخير من وجهة نظر إسرائيل فيتمثل فى أن «مرسى» قد أبطل مخاوف تل أبيب من أن يتحقق تقارب بين إيران ومصر في أعقاب صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم،حيث اتسعت الفجوات بين مصر السُنية وبين إيران الشيعية تحت حكم مرسي. وحسب «يوسي نيشر»، محرر الشئون الشرق أوسطية، بالإذاعة الإسرائيلية، فإن نظام الرئيس المعزول محمد مرسي منح «شرعية إخوانية ضمنية» لاتفاقية كامب ديفيد، وأن «عهد مرسي وخلافًا للتوقعات المتشائمة التي سبقت ثورة 25 يناير، لم يشهد انهيار العلاقات بين القاهرة وإسرائيل. وتوجت حالة الحزن الاسرائيلية بأن نظمت الحركة الإسلامية بمنطقة الجليل فى إسرائيل، مسيرة مؤيدة للرئيس المصرى المعزول محمد مرسي شارك فيها المئات من مؤيدى الحركة ودعمها الإعلام الإسرائيلي الذي يشتاق الى حكم الإخوان. «المعزول» كنز استراتيجى ل «تل أبيب» مع انتهاء إنذار الجيش المصري وسحب الصلاحيات من الرئيس محمد مرسي انهالت الصحف الإسرائيلية فى نشر التقارير والتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين لتحليل الاوضاع التى شهدتها مصر بعد عزل «مرسى» ومن هنا كانت المفاجأة فإسرائيل آسفة وحزينة على رحيل مرسى واعتبرت عزله خسارة كبيرة لها. وأكدت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية التى نشرت مقالا مطولا عن علاقة مصر بإسرائيل طوال فترة حكم محمد مرسى التى استمرت سنة وأربعة أيام والذى أبدت فيه أسفها وانزاعجها من رحيل مرسى وحظى هذا المقال باهتمام كبير فى أوساط الصحافة المصرية وأحدث صدمة فى الرئيس الذى جاء تحت ستار الدين فأظهر هذا المقال الوجه الحقيقى لحكم الإخوان المسلمين الذين كانوا ينادون بمعاداة أمريكا وإسرائيل. الممارسة على الأرض كانت مختلفة تماما ومناقضة لتصريحات الإخوان العدائية، فبهدف الوصول لهدنة بين حركة حماس وإسرائيل وافق «مرسى» على تركيب «أجهزة تنصت ومتابعة إلكترونية على طول الحدود المصرية - الإسرائيلية، وهو الطلب الذي رفضه دوما الرئيس السابق محمد حسني مبارك واعتبر تسيفي برئيل المحرر العسكرى بصحيفة «هاآرتس» التى فجرت الخبر الذى لم تقم الرئاسة المصرية بالرد عليه بالنفي أو الاثبات، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الخبراء العسكريين. معتبرينه جريمة فى حق الوطن سيحاسبنا عليها التاريخ والأجيال القادمة. وقالت صحيفة «هاآرتس» إن تركيب هذه الأجهزة التي وصفت بأنها «جساسات» - يمثل انتقاصا من الدولة المصرية على مناطقها الحدودية. وأضاف برئيل أن مرسي وافق على تركيب هذه الجساسات في إطار شرط وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وهو أمر لم يكن يتوقع الإسرائيليون أنفسهم قبول الرئيس محمد مرسي به، إلا أن رغبته في الوصول لاتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل أجبره على القبول بهذا الأمر جدير بالذكر أن التقارير الصحفية الإسرائيلية أشارت في السابق إلى أن الكثير من رؤساء وزراء إسرائيل اقترحوا على القاهرة في السابق تركيب هذه الجساسات، إلا أن الرئيس مبارك رفض مرارا هذا الطلب، مفضلا التحاور مع الفلسطينيين بدلا من تركيبها، بخاصة أن هذه الجساسات لها القدرة على رصد ما يجري في سيناء أيضا وليس متابعة الحركة الحدودية بين مصر وغزة فقط . كما ان التقارب بين الإخوان المسلمين وحماس ساعد في كبح جماح الأخيرة بشكل لم يكن موجودًا في عهد مبارك. وتخوفوا في اسرائيل من أن يمنح الاخوان المسلمون سنداً لحركة «حماس» يسمح لها بإطلاق الصواريخ ضد اسرائيل، ويمثل تهديداً يمنع رداً اسرائيلياً مضاداً. ورغم أن حماس ظنت أنها ستحظى بالحصانة، غير أن حكم مرسي لم يمنع اسرائيل من شن حملة «عمود السحاب»، وتوجيه ضربة شديد إلى قيادة حماس وبنيتها العسكرية وتنفيذ وقف سريع لإطلاق النار، احترمته حماس خلال الأشهر الستة الأخيرة بحرص. وأجمعت كل التقارير الإسرائيلية على أن حركة «حماس»، تلقت ضربة قاسية بسقوط الرئيس المعزول، محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، لكن آثار ذلك لم تظهر فى علاقة الحركة أو توجهاتها إزاء إسرائيل حتى الآن وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلى، لا يوجد أى تغيير فى سياسة حماس، ومازالت متمسكة بعدم ارتكاب أى أعمال مباشرة ضد إسرائيل، ومازالت تمنع الفصائل الفلسطينية من إطلاق أى صواريخ من القطاع على الأراضى الإسرائيلية. وصرح إسحاق اهرونوفيتش وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بأن بلاده تمتعت بعلاقات جيدة مع حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. وأشار اهرونوفيتش بأن مظاهرات30 يونية وعزل مرسي بأنها شأن مصري داخلي, وما يهم إسرائيل هو أن تبقي مصر علي علاقات الصداقة معنا. وعلى نفس الدرب ورغم المخاوف المسبقة من تحقيق تقارب بين ايران ومصر في أعقاب صعود الاخوان المسلمين الى الحكم، فان حكم مرسي أدى الى اتساع الفجوات بين مصر السُنية وايران الشيعية، وهو ما يصب في مصلحة اسرائيل لأن كل احتمال للتعاون بين القوتين العظميين في المنطقة ليس وارداً طالما بقي الاخوان في الحكم. تشويه ثورة 30 يونية والبكاء على تجربة الجماعة فى محاولة مكشوفة وجهت إسرائيل منظومتها الإعلامية المعروفة لتشويه ثورة 30 يونيو نشرت معظم الصحف الإسرائيلية تقارير ومقالات مناهضة للثورة الثانية بعنوان «هذه ليست ديمقراطية» كتب «بن درور يميني» الكاتب في صحيفة «معاريف» اليمينية الإسرائيلية يقول: «إن المتظاهرين في ميدان التحرير يحتفلون الآن، إلا أنه من غير الواضح على الإطلاق أن هذا هو ما يريده معظم المصريين». وأضاف: «ليست تلك ديمقراطية، عندما تخرج الجماهير للميادين وتسقط رئيسًا منتخبًا، وعندما يقيل الجيش الحاكم، وعندما يوضع مرسي تحت الإقامة الجبرية، ليست تلك ديمقراطية»، لافتًا إلى أنه «مع كل الاحترام لجماهير الميادين فإن تلك الجماهير القادمة من المناطق الحضرية لا تمثل مصر، هل هذا ما يريده فعلا الشعب المصري؟». وأضاف «إن عامًا واحدًا غير كاف لخلع النظام الحاكم، موضحًا أنه من المشكوك فيه وجود قوة في العالم تستطيع أن تحدث تغييرًا فوريًا، مصر على حافة الإفلاس، ونظام حكم الميادين لا يبشر بأي تغيير، هناك بالطبع من سيبتهج بسقوط الإخوان، إلا أنه هذه المرة وفي ظل الملابسات والظروف الحالية ليس واضحًا أن الحديث يدور عن بشائر كبرى. وبعنوان «مصر في حالة نشوة ولم تفق بعد»، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «إن ملايين المصريين احتفلوا بإسقاط نظام الإخوان المسلمين، لكنها ستعاني بعد ذلك ألمًا في رأسها، بعد أن تستفيق من نشوتها، متسائلة هل سيرد الإخوان على ما جرى بشكل عنيف»؟. وأضافت الصحيفة «الرئيس المصري تم خلعه، لكن ما زال هناك حركة إسلامية لها خبرتها فيما يتعلق بفرض الحصار عليها ونزع الشرعية عنها، ولديها ملايين المؤيدين بالبلاد، لهذا مازال غير واضح هل ستحقق الثورة التي شهدتها مصر الاستقرار السياسي المأمول، وهل سينجح النظام الحاكم المؤقت في القاهرة، ولو قليلا، في تخفيف الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن الشخصي الذي يعاني منه الشعب المصري. وذكرت أنه يمكن تفهم فرحة معارضي الإخوان المسلمين لكن تلك ليست إلا نشوة، ولكي يستطيع أي شخص في مصر أو خارجها الحكم على ما يحدث، عليه أن ينظر لعدة أمور، على رأسها رد فعل الإخوان المسلمين والسلفيين على خطوة الجيش، فقد هدد الإخوان قبل بيان خلع مرسي باستخدام القوة للدفاع عن مرسي، في وقت يملكون فيه سلاحًا ويحملونه بشكل علني، كما أنهم لديهم دافع وشعور بأنهم ضحية بعد سرقة السلطة منهم. وقالت إن الخبرة التي تم تعلمها بعد إسقاط مبارك هي أن منظمات المعارضة لا تعرف ماذا تريد بالضبط، ويصعب عليها بلورة قائمة مطالب واضحة، وغير متوافقة على شخصيات تمثلها في مؤسسات النظام الحاكم المؤقت، موضحة أن هذه هي إحدى سمات حكم الشارع، ليس فقط في مصر، فالجماهير التي هتفت برحيل مرسي ليس لديها قادة متفق عليهم. من جانبها، قالت القناة السابعة الإسرائيلية: «تبين في الأيام الأخيرة أن من يسيطر في مصر ليست إرادة الشعب، وإنما مجموعة صغيرة من المسئولين البارزين، ألا وهم قيادات الجيش» موضحة أنه «في أي دولة طبيعية كل هيئة حاكمة لها دور، فالحكومة تحكم، والبرلمان يشرف والمنظومة القضائية تدافع عن القانون، والجيش يحمي الأرواح والشرطة تحافظ على النظام والممتلكات». رسائل مرسى - بيريز تتخطى دبلوماسية الأعداء إلى «عشق الحلفاء» منذ الأيام الأولى لتولى مرسى رئاسة مصر حرص على توطيد العلاقات المصرية الاسرائيلية فى كافة المجالات، حيث كشفت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن الرئيس المصرى «محمد مرسى» بعث بعد توليه الحكم مباشرة برسالة إلى الرئيس الإسرائيلي «شمعون بريز» شكره فيها على تهانيه الحارة بمناسبة الانتخابات الرئاسية واختياره رئيسا للجمهورية. وأعرب «مرسى» فى البرقية عن أمله في أن يتحقق السلام في الشرق الأوسط. وأكدت «هاآرتس» أن هذا هو أول اتصال بين «الإخوان المسلمين» وأي مسئول إسرائيلي. كما اهتمت كل الصحف الإسرائيلية على الإطلاق بنشر نص البرقية منها صحيفة «يديعوت احرونوت» وأضافت أن «مرسى» أردف قائلا: «لقد حصلت على تهنئتك بمناسبة شهر رمضان بشكر عميق وأود أن اغتنم هذه الفرصة لأؤكد من جديد أننا نبذل أقصى الجهود لاستعادة السلام في الشرق الأوسط على الطريق الصحيح لتحقيق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة بما فيها الشعب الإسرائيلي». وأشارت «يديعوت» إلى أن الرئيس «شمعون بريز» قد بعث برسالة إلى الرئيس مرسى في الأول من يوليو الماضي وبعد يوم واحد من تسلمه مقاليد الحكم في مصر قال فيها: «نحن نتطلع إلى استمرار التعاون معكم على أساس اتفاقات السلام التي واجبنا الحفاظ عليها ورعايتها لمصلحة الشعبين». وأضاف أن «السلام قد أنقذ حياة عشرات الآلاف من الشباب في مصر وإسرائيل وكان بمثابة انتصار للجانبين» وبعد ذلك بعث مرسى أيضا برسالة مليئة بمشاعر الحب والود لنظيره «شمعون بيريز» على خلفية إرسال طلب يفيد بتعيين السفير المصرى عاطف محمد سالم كسفير لمصر فى إسرائيل وجاء نص الرسالة كالتالى: «صاحب الفخامة شمعون بيريز رئيس دولة إسرائيل عزيزى وصديقى العظيم: «لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيرا فوق العادة، ومفوضا من قبلي لدي فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، مما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها. ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهل لعطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، ولا سيما إن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد».ويختم: «صديقكم الوفي محمد مرسي».. وبقيادة مرسي، قام الإخوان المسلمون بما لا يُصدق، وأقرّوا اتفاق كامب ديفيد. ومع أنهم تحدثوا عن إمكانية تغيير الاتفاق، غير أنهم عملياً نفذوه، بالضبط مثلما فعل نظام حسني مبارك من قبلهم. ومع أن رجال الإخوان المسلمين ومسؤولين كباراً في الحكومة لم يلتقوا نظراءهم الاسرائيليين، لكن على المستوى الأهم بالنسبة إلى اسرائيل، المستوى الأمني والعسكري، بقيت العلاقات مستقرة. وبحسب مصادر أمنية اسرائيلية، فإنها تحسنت أيضاً خلال العام الأخير، وذلك بعدما اهتزت في العام ونصف العام بعد اسقاط مبارك.