إنَّ الصومَ درسٌ عملي يُعلم الناس الفضائلَ، وحُسن الخلق، ويُعلمهم الابتعاد عن الرذائل، وكبح جماع النفس عن الشهوات والملذات، والتعود على مجاهدة النفس، وعدم اتباع الهوى حتى لا نضل السبيل، وهذا الغرض الأسمى من الصوم، فذروة الصيام وسنامه " التقوى":" يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". الصوم خيرٌ معلمٌ ومربي لما بعد رمضان، فنحن لا نعيش رمضان من أجل رمضان؛ بل نعيشه من أجل كل زمان، فلا نتقي الله عزوجل ونبتعد عن كل المحرمات والمفطرات لأيام معدودات أو الفترة التي بين طلوع الشمس" الخيط الأبيض" وغروب الشمس" الخيط الأسود؛ ولكن التعود على طاعة الله عزوجل فرب رمضان هو رب شوال وسائر الشهور، وكذلك عدم معصيته واتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-، والتحلي بالخلق الحسن والالتزام بأوامر الحق سبحانه وتعالى وتجنب كل ما ينهي عنه. إنَّ الدرس الأسمى نفعًا للإنسان الذي يتعلمه من صومه هو الصبر، حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: الصوم نصف الصبر والصبر نصف الإيمان"، فالصوم ليس الغرض منه الامتناع عن الأكل والشرب، وكل المفطرات؛ ولكن التحلي بالفضائل" لعلكم تتقون" خاصة سمة الصبر؛ حتى ينال الصائم الجزاء العظيم من الله عزوجل" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"،" إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين". حين يصبر الصائم على الامتناع عن كل المحرمات والمفطرات في هذا الشهر، وعلى كل الطاعات مثل: صلاة التروايح، وصلاة الجماعة، وزكاة الفطر، والاعتكاف، وقيام العشر الأواخر من رمضان؛ انتظارًا لليلة القدر التي خير من ألف شهر، وغيرها من الطاعات، فلا ريب في أنه بعد هذا نتعلم حسن الخلق والتحلي بالفضائل لاسيما الصبر:" سلام عليكم بما صبرتم". أسأل الله السميه العليم أن يجعلنا من الصابرين. والحمد لله فاتحة كل خير وتمام كل نعمة.