يخطئ كثيرون عندما ينسبون رواية «الأخوة الأعداء» إلى الكاتب الروسى ديستوفسكى، وفى الأصل فإن كاتبها هو اليونانى نيكوس كازانتزاكس. وسبب الخلط أن بعض ترجمات رواية «ديستوفسكى» «الاخوة كرامازوف» ظهرت باسم الأخوة الأعداء. اللافت أن «كازانتزاكس» لم يحظ بشهرة ديستوفسكى خاصة أن أعماله الادبية محدودة للغاية. ولد كازانتزاكس عام 1883 في جزيرة كريت، وأمضى طفولته في هذه الجزيرة التي خاضت حرباً ضد الأتراك لنيل استقلالها، وكان والده من بين مقاتلى الاتراك وأراد لابنه أن يكمل تعليمه لأنه كان يؤمن: «بإن النضال لا يقتصر على القتال، بل يكون أيضاً بالعلم» وهو ما جعله يرسله لدراسة الحقوق في مدرسة القانون في أثينا. حصل كازنتزاكيس على شهادة الدكتوراه في الحقوق عام 1906، ثم سافر لدراسة الفلسفة في باريس حتى عام 1909. وانضم للجيش عام 1912 وحارب معه ثم تولى عدة أعمال داخله قبل أن يعمل فى السياسة وزيرا فى حكومة 1945 ثم مسئولا فى اليونسكو، وخلال تلك السنوات زار معظم دول العالم وكتب عشرات الروايات المبدعة التى كان من أشهرها «زوربا»، «الحرية أو الموت»، «الأخوة الأعداء»، «فقير أسيزى». وفى رواية «الأخوة الأعداء» التى ترجمها لنا الكاتب البارع إسماعيل المهداوى تجسيد حقيقى ومدهش للحرب الأهلية وما تخلفه من وجع وحزن وقسوة. تحكى الرواية قصة قس يعيش بين صراع سياسى يصل إلى حرب دموية بين مجموعة من الشيوعيين والوطنيين. يحاول القس انقاذ أهله وقريته من دماء الحرب وخرابها وحزنها، ويجتهد دائما أن ينأى بالدين عن صراعات السياسة. إنه يكشف حيل المتاجرين بالدين، كما يرفض فى الوقت ذاته استسهال المعتكفين المنعزلين من رجال الدين عن البشر، ويصر على ضرورة النضال من أجل سلامة الناس. وفى نفس الوقت يعانى القس من انضمام ابنه إلى المتمردين، وهو ما يجلب كثيراً من الكراهية تجاهه. ووسط الحرب والدم تولد قصص حب وغرام، وشفقة، وأمل، ويوجد أطفال حالمون وأناس طيبون وسيدات خائفات وأخرى يائسات. وتدفع الحرب بأهوالها كثيرين إلى الالحاد والكفر، ويقاوم القس البطل، ويحاول اقناعهم بأمانة رغم حيرته فى كثير من جوانب الحياة وتساؤلاتها. لقد أحدثت الحرب أثراً سيئا فى قلوب الناس حتى أن ليوندايس أحد المحاربين يقول «كم تقدم بي السن في عام واحد!» من هول ما رأى لذا يكرس نفسه في كتابة مذكراته معبراً عن حبه لفتاته، ويتساءل فى جنون: «لماذا نحارب نحن الجيش الوطني.. لماذا نحارب لننقذ اليونان بينما أعداؤنا رجال الطاقية الحمراء يحاربون ليبيعوا اليونان ويقسموه؟ لو أستطيع أن أعرف الجواب! لو أستطيع أن لأعرفه يقيناً! إذاً لأصبحت كل جرائمنا مقبولة».