فى تاريخ الأوطان لحظات فارقة تغير ما كان الوضع عليه فى الماضى وتحدد معالم الطريق للمستقبل القادم ولعل ثورة 30 يونية هى ضمن تلك اللحظات التى قضت على عام كامل من تنفيذ مخطط شيطانى ممنهج ومرسوم مسبقاً للسيطرة الإخوانية على وطننا الغالى مصر وأعاد للمصريين ثورتهم المسروقة في يناير 2012. وعقب قيام الثورة وتولى الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور مقاليد الرئاسة صدر أول إعلان دستورى لتكون بمثابة أولى الخطوات لرسم طريق المستقبل القادم. والأسئلة البديهية التى تطرح نفسها: هل جاء الإعلان الدستورى المكون من 33 مادة ملبياً لرغبات القضاة الذين كانوا أول من اصطدموا بالنظام الإخوانى السابق منذ توليه الحكم؟.. وهل ينهى هذا الإعلان الأزمة القضائية المشتعلة منذ عام تقريبا بسبب الاعتداءات الممنهجة والمفتعلة على القضاة وماذا عن القضاة الذين تم عزلهم من المحكمة الدستورية العليا بحكم الدستور المعطل 2012 وعلى رأسهم المستشارة تهانى الجبالى التى دخلت فى صدام ومعارضة شرسة ضد السيطرة الإخوانية على مفاصل الدولة؟.. كل هذ سنحاول الإجابة عنه خلال التقرير التالى: من جانبه رحب المستشار محمد عبده صالح، أمين صندوق نادى القضاة العام، بالبنود التى تضمنها الإعلان الدستورى مشيراً إلي أن الإعلان حدد خارطة الطريق للمرحلة القادمة ولبى طموحات القضاة وتضمن عدة بنود مهمة، منها البند 16 الذى نص على أن: «السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون، والقضاة مستقلون، وغير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة، ويكون لأعضاء هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية الضمانات المقررة للقضاة».. وأضاف «صالح»: إنه بهذا البند أعاد الأمور لما كانت عليه أن القضاة غير قابلين للعزل، وبالتالى قضى على أزمات قد تنجم نتيجة قرارات تنفيذية بعزل قضاة مثلما حدث مع المستشار عبدالمجيد محمود الذى قام الرئيس المعزول محمد مرسي بعزله من منصبه دون سند قانوني. وأشار «صالح» إلي أن التحفظ الوحيد على الإعلان الدستورى من وجهة نظره يتمثل بمنح رئيس الجمهورية الحق في تخفيض العقوبة مشدداً أن هذا الإجراء اختصاص قضائي أصيل. وكشف «صالح» أنه بموجب هذا الإعلان وتعطيل العمل بدستور 2012 يحق للقضاة المعزولين من المحكمة الدستورية بحكم الدستور السابق العودة لعملهم بحكم قضائى أو تقديم طلب للجمعية العمومية للمحكمة الدستورية أيهما أقرب، مضيفاً أن الدستور المعطل 2012 أطاح ب 7 أعضاء من المحكمة الدستورية ومن بينهم المستشارة تهانى الجبالى ليتم تقليص تشكيلها إلى 11 عضواً فقط بعد أن كان 18. أضاف المستشار سامح السروجى، عضو مجلس إدارة نادى القضاة العام: أن الإعلان الدستورى حدد جدولاً زمنياً للفترة الانتقالية مما يقضى على أية تساؤلات أو شك أو ريبة في طبيعة المرحلة القادمة، مرحباً بما تضمنه الإعلان الدستورى بالنص أن الدستور أولاً ويتم من خلال لجنة قانونية وبالتالى سيتم تفادى الأخطاء التى وقعت إبان ثورة يناير.. وأكد «السروجى» أن الإعلان الدستورى متوازن بشكل كبير. من جانبه وصف المستشار عبدالله فتحي، وكيل نادي القضاة العام، الإعلان الدستورى ب«المتوازن والجيد» مشيراً إلي أن من لهم تحفظات على الإعلان الدستورى نوضح لهم أنه بمثابة إعلان مؤقت لتحديد خارطة الطريق لمصر وأنه سيتم تغييره في الدستور القادم، وأشار «فتحى» إلي أنه بخصوص البنود المتعلقة بالقضاء فإنها جاءت متواكبة مع الأعراف القضائية. وأكد المستشار عبدالمنعم السحيمى، رئيس نادى قضاة طنطا السابق، أن تحفظه الوحيد على الإعلان الدستورى يتمثل في أنه قام بتعطيل دستور 2012 مع إجراء تعديلات عليه فيما بعد، مشدداً علي أنه كان الأولى إسقاط هذا الدستور برمته شكلاً وموضوعاً بسبب بطلان الجمعية التأسيسية التى أعدته وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في حكمها فضلاً عن أن إجراء أى تعديل عليه سيجعله محدداً بمواد وبنود بعينها وهذا أمر غير مرغوب ومطلوب.