"الكذب.. عادة سيئة عند الكبار يرثها الأطفال، يكتسبونها من آبائهم وإخوانهم، فالصغار يكذبون للهرب من المسؤولية ، أو لتجنب العقاب، أو للحصول على العطف والمحبة، وأحيانا للزهو ولفت الأنظار".. هذا ما يؤكده الدكتور هاشم بحري ،أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس، في حديثه عن الكذب عند الأطفال وسبل علاجه. يقول بحري ،في لقاء معه ببرنامج صباح الخير يامصر في حلقة اليوم الاثنين ( 13 ديسمبر)، إن معالجة الكذب عند الأطفال ،حتى سن الثامنة عشر، يجب ألا يقتصر على الطفل وحده بل يشمل أفراد الأسرة وخاصة الوالدين لأن الأبحاث أثبتت أنهما يلعبان دورا كبيرا فى إصابته بداء الكذب، وأن يشمل العلاج الوقوف على الأسباب الأسرية التى دفعته لهذه الصفة التى تعتبر من اضطرابات الشخصية خاصة إذا كانت مزمنة. ويوضح أن القدوة تلعب دورا كبيرا فى تعليم الصغار وليست النصائح الشفوية، موضحا أن الجينات والصفات الوراثية تلعب دورا محدودا فى صفاتنا لايزيد عن 15% فقط والنسبة المتبقية نكتسبها من التعلم والبيئة المحيطة، كما تلعب الإرادة دورا كبيرا فى تغيير بعض الصفات السيئة ومنها الكذب، وهو مايفسر أن الإنسان مخيّر وليس مسيّرا كالحيوانات التى تتصرف بالفطرة، ولكنه يتميز بالعقل المسئول عن اختيار أفعاله. العلاج للطفل والوالدين! ويضيف أن مصادقة الطفل شىء رئيسى ليتحدث دائما بأمان، مشيرا إلى أن معظم حالات الكذب عند الأطفال تحتاج لعلاج مزدوج يشمل الطفل والوالدين، ومشاركتهما فى جلسات العلاج ليكون العلاج ناجحا ويأتى بنتيجة جيدة وليتعلما الكف عن بعض التصرفات التى أدت لسلوك الطفل. ويلفت إلى أنه لايوجد شخص لم يكذب لأى سبب عارض، ولكن أن يستمر الكذب بشكل دائم فيعنى أن الشخص يعانى من أسباب نفسية تعود إلى فترة الطفولة، مؤكدا أن العقاب المبالغ فيه الذي يتعرض له الطفل من أهم الأسباب بعد الكذب وعدم الثقة فى البوح بسرد الحقيقة كاملة، إضافة إلى القدوة غير الحسنة فى أحد الوالدين. ويشير إلى ضرورة اقتناع الصغير أنه لن تكون هناك فائدة تعود عليه من الكذب لعدم تكراره، موضحا أن الكثير من الأطفال يصابون بصدمة بعد إعطاء الأمان لهم ليتكلموا بصراحة ثم يحنث أحد الوالدين بالوعد ويقوم بمعاقبته بعد ذكره الحقيقة، مما يدعم عنده الاستمرار بإصرار فى الكذب بالرغم من وعيه بأنها من الصفات القبيحة، لافتا أن الوالدين بحنث الوعد يمارسون الكذب أيضا. ويفرق أستاذ علم النفس فى حديثه بين ممارسة الكذب فى سن الطفولة فى الفئة العمرية حتى ثمانية عشر عاما، والفئة الناضجة فى الثلاثينات والأربعينيات من العمر، وأن الفئة الأخيرة تحتاج لإرادة واعية من الشخص ليكف عن الكذب، مؤكدا أن البعض فى مواقف الحياة وفى العمل يستفيد من الكذب ويجد له عائدا اجتماعيا واقتصاديا ولايكف إلا إذا شعر بالخسارة نتيجة كذبه فى بعض المواقف، كالموظف الذى يعاقب لإهماله فى العمل أو لتأخره لأسباب مصطنعه.