حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشورى بعد بدء عمل مجلس النواب، يطرح علامات استفهام كثيرة، وأولى هذه العلامات هى: لماذا صدر الحكم بهذا الشكل؟.. الحكم فى فحواه سياسى بالدرجة الأولى والهدف هو عدم حدوث فراغ تشريعى، ورغم أن مجلس الشورى لايصلح أصلاً للتشريع، إلا أن الوضع الآن بات غريباً وشاذاً.. فكيف تصدر المحكمة حكماً ببطلان الشورى ويتم تأجيل تنفيذ هذا البطلان إلى بدء عمل «الشعب».. المحكمة الدستورية استندت إلى المادة «230» من الدستور التى تقضى بأن يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع حتى انتخاب مجلس النواب.. وترى المحكمة أنه لو صدر قرار بالحل الفورى للشورى، فيعنى ذلك انتقال سلطة التشريع إلى رئيس الجمهورية، والخوف من وقوع البلاد فى فراغ تشريعى. كان الأفضل سحب سلطة التشريع فوراً من الشورى وحل المجلس الذى أغرق البلاد فى إسهال تشريعى وخلق أزمات خطيرة مع الشعب المصرى والمؤسسات الوطنية بالبلاد. أخطر ما فى هذا الحكم هو منح الفرصة لمجلس الشورى لتمرير قانون السلطة القضائية الذى يعد مذبحة حقيقية للقضاة لم تحدث لهم فى تاريخ القضاء المصرى.. وبما أن الرئيس محمد مرسى مندوب الجماعة فى الرئاسة لا يحكم من ذاته وإنما بأوامر من مكتب الإرشاد فى المقطم، فالحكم جاء مناسباً لهوى الإخوان لأنه منح الشورى خلال المدة المتبقية على وجوده سلطة التشريع حتى انتخاب مجلس النواب. والحقيقة المرة أن «الجماعة» الحاكمة ومندوبها، لا يريدون إجراء انتخابات برلمانية قبل الوصول إلى كل أهدافهم فى التمكين من خلال إصدار كل القوانين التى تساعدهم على السيطرة على كل المؤسسات الوطنية فى مصر، وفرض إرادتهم وعملية التمكين التى يسعون إليها، مجلس الشورى الباطل بحكم القانون والدستور وجاء فى غفلة من الزمن ليتولى التشريع يقوم بدور مهم وبارز فى تمكين جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على مفاصل الدولة بالقانون. كنا نتمنى أن تصدر المحكمة الدستورية حكمها ببطلان الشورى على الفور والتو، ووقف عمل الشورى، ليس حباً فى نقل سلطة التشريع إلى الرئيس، فهو أصلاً سقطت شرعيته وما يحدث الآن فراغ في كل شىء ولن يضر البلاد وجود فراغ تشريعى، فالبلد كله فى فراغ أمنى وسياسى واقتصادى ومصائب لا حصر لها. ما يحدث فى مصر الآن فاق الخيال ولا حل على الإطلاق سوى رحيل الإخوان عن الحكم، وضرورة أن تحكم البلاد بدولة مؤسسات بدلاً من الهرتلة السياسية التى نعيش فيها حالياً.. فمجلس الشورى هو الآن بمثابة «الفرخة» التى تبيض ذهباً للإخوان فيما يتعلق بإصدار قوانين تهدف بالدرجة الأولى إلى تمكين الجماعة، ولذلك فإن «الجماعة» ستعمل جاهدة بكل السبل والطرق على بقاء الوضع على ما هو عليه، بمعنى بذل كل المحاولات لتعطيل انتخاب مجلس النواب وبقاء الشورى لينفذ للجماعة كل ما تريد بهدف السيطرة على الدولة بالقانون.