رغم حاجة المصريين الماسة في هذه الأيام لأعمال وطنية تنمي فيهم قيمة الوطن وأهميته وتعزز الانتماء لدى الاجيال الجديدة إلا أنه لوحظ غياب تام لهذه الدراما هذا العام حيث يحرم الجمهور من مشاهدتها في رمضان المقبل. وشكلت دراما الجاسوسية وجبة دسمة ينتظرها المشاهد العربي والمصري في رمضان من كل عام رغبة منه في الاطلاع على بطولات الأجيال السابقة وقصصها ولكن هذا العام يأتي رمضان دون أن نشاهد عملا واحدا يجسد تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي. وشهد رمضان عرض مسلسل "الصفعة" المأخوذ من ملفات المخابرات العامة المصرية، وهو واحد من الأعمال الدرامية القليلة التي تطرقت إلى البطولات التي نفذها رجال المخابرات،حيث أبرز المسلسل الدور الوطني والأحداث البطولية التي وقعت في الفترة ما بين عامي 1957 و1973. والمسلسل بطولة شريف منير، هيثم زكي، فاروق فلوكس، شيرين رضا، غادةإبراهيم، هايدي كرم، حسناء سيف الدين، أحمد كامل، وأحمد عبدالعزيز، وقصة عادل شاهين، وسيناريو وحوار أحمد عبدالفتاح، وإخراج مجدي أبوعميرة. وتقول الفنانة معالي زايد التي جسدت دور "فاطمة" في مسلسل "دموع في عيون وقحة" مع الفنان عادل إمام إن هذه الأعمال مهمة جدا وتظهر عظمة المخابرات المصرية ونحن نحتاج لهذه النوعية في ظل الظروف التي تعيشها البلد حاليا لأن وقعها جميل ولا أعرف السبب لعدم وجود أعمال فنية من هذا النوع". وأضافت معالي: "أنا أدين لدور فاطمة في مسلسل "دموع في عيون وقحة" بالفضل في مسيرتي الفنية لأنه كان السبب في شهرتي وتوفرت جميع الامكانيات لنجاح هذا العمل بداية من صياغة العمل الذي قام به المبدع الراحل صالح مرسي فضلا عن دور المخابرات التي وفرت لنا كل الطاقات خلال عملية التصوير حتى يخرج المسلسل بالشكل الذي شاهده الجمهور". وأكدت معالي أن هذه الأعمال تتطلب مهارة خاصة في الكتابة وتعتبر من أصعب أنواع الدراما نظرا لاعتمادها على الإثارة والتشويق طوال أحداثها، ومن يتصدى لكتابتها يجب أن يكون ملما بأحدث الدراسات والأبحاث والآراء التي كتب عنها كما يجب أن يكون مدركا جيدا للزمن الذي كتبت فيه، وضربت مثلا بالراحل الكاتب المبدع صالح مرسي الذي وصفته بأنه قيمة كبيرة لن تعوض. وقالت الفانة معالي زايد إن هذه الاعمال مضمونة النجاح وعلينا تقديمها لأنها تفتح عيون الأشقاء العرب وتبين عظمة أجهزة المخابرات فضلا عن أنها تجذب المشاهد وتحقق أعلى الإعلانات وتوزيعها أيضا مضمون. ورفضت معالي زايد فكرة عدم وجود فنانين موهبين هو السبب في العزوف عن هذه الأعمال، وقالت"لدينا طاقة تمثيلية بشرية في مصر لم تستغل من كل الأعمار الصغيرة والكبيرة". ويرى الفنان صبري فواز أن هموم ومشاكل الناس هي القصص التي تجذب المنتجين في الوقت الحالي، بينما الأعمال الوطنية لابد أن تقف خلفها الدولة لأن أي عمل فني له علاقة بالسياسة والحرب هو شغل دولة وبالتالي إنتاج الأعمال الوطنية في الأساس من مسئولية الدولة. ورفض فواز فكرة أن تكون تكلفة هذه الأعمال وراء عزوف المنتجين عن تقديمها لأن العمل الوطني الجيد سيجذب الناس ويحقق نسبة مشاهدة عالية، وهو ما يهم المنتج والقنوات التي تعرضه لأنهما في الآخر يبحثان عن الاعلانات وهو ما حدث مع أعمال وطنية ذاع صيتها مثل "دموع في عيون وقحة" للفنان عادل إمام و"رأفت الهجان" للفنان محمود عبد العزيز حيث لايزالان يحققان مشاهدة عالية عند عرضهما رغم مرور سنوات كبيرة على انتاجهما. وعما إذا عدم وجود نص قوي هو السبب في قلة الأعمال الوطنية قال فواز: "لم تكن المشكلة في تقديم هذه الأعمال في الابداع ولكن مشكلتنا في وجود إرادة من الدولة تتولى وترعى وتهتم بأعمال وطنية تحكي تاريخ مصر". وقال المخرج نبيل الجوهري إن هذه الأعمال مطلوبة حاليا ونحن في حاجة ضرورية إليها لأنها تنمي روح الوطنية وتفتح الأمل من جديد وتظهر دور الأجهزة الأمنية والمخابرات العامة في حماية البلاد من المخاطر المحدقة بها وتطمئن المواطن على أمنه واستقراره. ولفت إلى أن نسبة المشاهدة العالية التي تحققها دراما الجاسوسية تؤكد أن الشباب لديه رغبة قوية للاطلاع على بطولات الأجيال السابقة وقصصها، مؤكدا أن ما نريده الآن صناعة دراما فاضحة لمشروع الاستعمار الاستيطاني وليس تسطيح الصراع في كونه صراع ديني . ويري الجوهري أن عزوف المنتجين عن تقديم هذه الاعمال هذا العام يعود إلى الفترة الانتقالية المضطربة التي تعيشها مصر وهذا أمر غير مقصود ولكن فرضته الظروف الحالية في البلد التي يهتم الجميع فيها باعادة البناء الداخلي.