احمد عبده ناشر يا مصر التي شرفك الله بذكرك بالقرآن بالاسم ولم يسم بلداً سوى البلاد المقدسة مكة والمدينة، وأعطاك الله مكانة في نفوس المسلمين والعالم، وكنت مطمعاً لكل الطامعين من الروم والفرس واليونانيين والعثمانيين والانجليز وقبلهم نابليون، أنت بلاد النيل العذب الذي تغنى به الشعراء والأدباء وقالوا إن مصر هبة النيل، وسمي حافظ إبراهيم شاعر النيل، هذا النيل الذي يعطي ريفك الجمال والخير لأهل مصر ويعشقه السياح، ولكنه اليوم أمام خطر عظيم في سدود يحتفل بها لتحويل مجراه لأنك ضعيفة لا يوجد بك اليوم مصطفى كامل ولا محمد فريد ولا عرابي ولا غيرهم ممن دافعوا عن كرامتك، هناك من يريد أن تموت حسدا وحقدا لينتقموا منك وأهلك في صراع، تركوك لهؤلاء وأنت تبكين وهم لا يسمعون الكل ينظر إلى عشق السلطة، ها هو البرادعي الذي تخلى عن هويته ويريدك ممسوخة للغرب وهو من باع بلاد الرافدين وكتب التقارير المزورة عنها ليعرضها للدمار ويحول الرافدين إلى دماء تسيل ويريد النيل أن يتحول إلى نهر من الدماء والدمار ولا يهمه سوى أمجاده ولم تعلمه الأيام رغم كبر سنه إلا أن طموحه القاتل جعله يعيش مراهقة سياسية حاقدة، وها هو حمدين صباحي حزبه حكم مصر ستين سنة من عهد عبدالناصر إلى حسني مبارك بالسجون والدماء وضرب الاقتصاد وإنهاء دور مصر وضياع سيناء وغزة وهزائم وديون بالمليارات وفساد اقتصادي ومظالم لو فتحت فيها تحقيقات عن جرائم بحق الإنسانية لما كفتها ملفات بالأطنان.. قتل العلماء وإهانة الرئيس نجيب وإهانة النحاس وفؤاد سراج الدين وضرب القانون والدستور عرض الحائط وبإهانة السنهوري ورجال الفكر والعلم، وماذا سيقدم لنا صلاح نصر أم حمزة بسيوني أم شمس بدران أم محاكم جمال سالم العسكرية أم سيجعل جيشك العظيم ينسحب من بقية مصر ويتباكى عليك وهو من هزمك في 67 وكان عليه أن يعرف أن الزمن تغير وتزوير التاريخ انتهى ويقرأ كتاب "الصامتون يتكلمون" لعبدالله اللطيف بغدادي وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم. وأما الحكومة الضعيفة التي لا تريد أن تفهم ما يدور حولها وتتشبث بالسلطة وعنادها في القلوب بالوفاق وحل الأمور أوصل البلاد إلى مشارف الحرب الأهلية والدمار، ظنوا الحكم قراءة كتاب وليس حكمة وخبرة.. ليتهم تعلموا من التاريخ، وعوام جهلة أحرقوا البلاد ودمروا ونهبوا الفقراء وأخافوا الناس وأرعبوهم بتهريجهم وبلطجتهم. ماذا جرى يا مصر.. كنت إذ اشتدت بك الأمور جاءتك الآمال بالإنقاذ من صلاح الدين ومن قطز ومن سليم. أما اليوم فلا أجد هؤلاء، لأن الأمة ليس فيها رجال وإنما ذكور وفرق بين الاثنين. هناك رجال بنو فيك الأهرام وصروح الحضارة والعلم والثقافة والتاريخ وجعلوا أعجوبة الدنيا، وهناك أناس يريدون منك أن تكون بلا تاريخ ولا حضارة، إلا بماكدونالد وهيلتون وفورد وآي فون وتكون حضارتك أديداس ونولوا وجافنشي، ولايريدونك مصر مكتبة الإسكندرية ودار المعارف والأزهر وجامعات مصر الشامخة أه أه يا مصر الملايين من أبناء المسلمين في إندونيسيا وإفريقيا وآسيا وبلاد العرب.. كلها حملت شهادات دينية ومدنية منك ويحبونك وقلوبهم تخفق بالحب والشفقة والخوف عليك، لأنهم مازالوا يتذكرون أجمل أيامهم فيك، عرفوك بالأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين من عباس العقاد إلى الرافعي إلى الطهطاوي إلى سيد قطب إلى محمد الغزالي وحسين مخلوف والبارودي وعبدالوهاب خلاف وغيرهم من العمالقة الذين صنعوا الفكر والعلم والأدب. منك أخذوا النحو والأدب والعلم وهم خائفون عليك مما ابتلاك الله به. يرون مبارك في سجنه يبتسم كأنه يقول ها هو البديل!! انظروا ثاروا وأحرقوا ثورتهم جمعهم الميدان وفرقتهم المناصب. أهل فلسطين يا مصر والقدس يحتمون بك ويتقون بك، اما اليوم فها هم يهانون ويشرد بدو النقب وتوطين وتهجير في القدس وأنت عاجزة عن الكلام بعد سراب السلام والاستسلام وبعد اشباح الظلام، لك الله يا مصر اليوم انت حزينة وكل مسلم في بقاع الأرض يحزن لك. وهناك من يريد أن يعيد إليك الحاكم بأمر الله ويجعلك تعودين لمملكة فارس حتى أنهم جعلوك تتركين أختيك دمشق بردى وبغداد الرافدين تنزفان وتضربان من العدوان الصفوي الذي يريدك أن تنهزمي وتركعي له ولأسياده لتبقى دولة العدوان والاغتصاب في مسرى الأرض بأمان واطمئنان بعد دمار وخراب بلد الرشيد عاصمة السلام ودمشق الفيحاء التي تصرخ إليك وتناديك وأنت عاجزة لأن فيك من يريد ذلك. اختلفوا على غنائمك ليغنموا ولا يهمهم أن تطفئ نورك ظلماتهم، فلم يعد هناك شاعر يتغنى بنيلك وجمالك وشمس ضحاك لأن البلاطجة وقادتك جعلوك كذلك سوى الشتائم والسب والشعارات فلا صوت عبدالباسط والمنشاوي ولا شعر حافظ وأحمد شوقي وإنما شتائم ومهاترات، ولكن لا بأس يا مصر دعيهم يصرخوا ودعيهم يستعرضوا عضلاتهم وينفضحوا جميعا امامك فمازلت عملاقة، وتقولي لي لقد قلتها بشجاعة على لسان الناطق باسم الأزهر كلمة قوية امام جبار متعنت يحتل جزرنا وارض الرافدين ويقتل أهلنا بالشام واليمن، قال الأزهر لا وألف لا، وهناك أصوات في مصر تقول مصر للجميع، مصر المحبة، مصر العرب، مصر المسلمين مصر التاريخ، مازلنا نأمل بأن فيك من الرجال من يتمسك بهويته ويدافع عن نيلك الجميل الذي هو شريان حياتك، وعن عزتك وكرامتك قولي لهم يا مصر أنتم لستم مني عودوا إلى فنادقكم الخمس نجوم في أوروبا وأبحثوا عن غيري فلا مكان لكم عندي.. أيديكم ملطخة بدماء الرافدين، بعتم فلسطين وشعبها، سكتم عن برنامج نووي مدمر لأمتكم في فلسطين وميعتم وغالطتم وزورتم لبرنامج بوشهر وادعيتم على بغداد إرضاء لأسيادكم فعودوا إليهم. عن ماذا تتحدثون؟ أي ديمقراطية وشعارات وثورات تتكلمون فأنتم آخر من يتكلم بهذا. قولي لهم يا مصر إن لا نابليون ولا فاطميون ولا غيرهم، مصر لن تولي قبلتها إلا لبيت الله بعد أن حررها عمرو بن العاص من العبودية فهي حرة لا تعبد إلا الله، مصر المحبة والتسامح بين الجميع. قولي لهم كما قال مكرم عبيد أنا نصراني دينا مصري جنسية مثال للتسامح. قولي لهم إن عمر بن الخطاب الذي حررك انتصر لقبطي على الحاكم الذي ولاه واقتص له منه. الكل يدعو لك يا مصر وكل قادة المسلمين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين كما قال ابنه الأمير متعب أنه يدعو لك بالصلاة، وكلنا ندعو لك لتقومي وتمسكي الراية وتكوني كما كنت شامخة. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية