ما أشبه الليلة بالبارحة.. مصر 2013 تعيش نفس أحداث عام 2010 دون تغيير، وكأن عقارب الساعة عادت ثلاثة أعوام إلى الوراء وتوقفت عند مرحلة ما قبل ثورة يناير والتى كانت الحجر الذى حرك مياة الثورة الراكدة على النظام السابق الذى غادر المشهد. ويبدو ان كلمة النهاية ستكون متطابقة أيضا ويموت نظام الإخوان الذى يعيش أيامه الأخيرة. فما أحدثته حركة جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس مرسى «تمرد» أشبه بما أحدثته توقيعات «البرادعى» ومطالب الإصلاح السبعة التى توافق عليها الإخوان والجمعية الوطنية للتغيير قبيل الثورة.. وكلاهما نجح فى اختراق حاجز السلطة المنيع ونجح فى هدمه. توقيعات «تمرد» أعادت الحياة إلى شرايين الثورة المتجلطة، بسبب «فيروس» الإخوان الذى أصاب الحياة السياسية وانتشر فى كل مفاصل الدولة للقضاء على الثورة. فجاءت حركة شبابية لتعطى جرعات مقاومة للثورة، وتحيى الأمل فى استعادة الدولة المخطوفة. وإذا كانت توقيعات البرادعى ومطالب الإصلاح نجحت فى إسقاط مبارك، فإن «تمرد» تسير على هذه الخطى حتى الآن، خاصة أن حجم الإقبال الشعبى عليها يفوق ما كان يتوقعه البعض، حيث تدافع الشعب بالآلاف للتوقيع على استمارات سحب الثقة من الرئيس، عكس توقيعات البرادعى التى كان ينظر إليها الشعب بخوف شديد وحذر من الوقوع تحت مقصلة أمن الدولة. وحتي لا ننسي، فإن الإخوان الذين دشنوا لحملة توقيعات «البرادعى» مع الجمعية الوطنية للتغيير وراحت تروج لها على أنها حل سلمي.. بل إن بيان الجماعة الذى أذاعته فور الإعلان عن تدشين الحملة ذكر أن هناك إجماعا وطنيا على مطالب الإصلاح السبعة التي تعد مقدمة ضرورية للإصلاح والتغيير في مصر.. وأنه يجب على الشعب، المشاركة بجدية وحماس في هذه الحملة من أجل القضاء على الفساد ومنع التزوير ووقف التعذيب والحفاظ على كرامة المواطن المصري في الداخل والخارج.. ومن خلال إنهاء حالة الطوارئ. ولم يكتف البيان بذلك بل إن الجماعة دعت فى كل مكان على أرض مصر وخارجها إلى دفع كل طوائف وأبناء الشعب للمشاركة في هذه الحملة.. وبررت إطلاق الحملة بقولها إنه حتى يكون هناك رأي عام مصري يطالب بالإصلاح والتغيير.. وانتشر شباب الجماعة فى كل المحافظات يروجون للتوقيعات ويطالبون الشعب بالتوقيع عليها وانتقدوا الملاحقات القضائية والأمنية لشبابها فى ذلك الوقت. هذا كان قديما في ظل نظام «مبارك»، وعندما كانت الجماعة مستضعفة.. لكن بعد ان وصلت إلى السلطة وتقمص مرسى شخصية «مبارك»، تعاملت بنفس أسلوب الحزب الوطنى وراحت تهاجم حملة توقيعات «تمرد»، وتبارى قادتها فى إطلاق سهام الهجوم والنقد على الحركة التى قالوا إنها غير دستورية، وتجر البلاد إلى فوضى رغم انها فى السابق كانت تراها ضرورة لخلق رأى عام يطالب بالتغيير والإصلاح. الأغرب من ذلك أن الجماعة عالجت المأزق الذى وقعت فيه بفضل توقيعات «تمرد» بنفس طريقة علاج «مبارك» لأزمة توقيعات «البرادعى» وكلاهما استعان بحركة بديلة لخلق رأى عام مضاد.. فنظام مبارك قام بإطلاق حملة لجمع توقيعات لترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية.. وفى المقابل قامت جماعة الإخوان عن طريق أحد حلفائها وهو عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية بتدشين حملة «تجرد» لمواجهة حملة «تمرد».. وعندما فشلت الأولي أطلقت الجماعة حملة «مؤيدون» لدعم الشرعية. وما يؤكد وجه التشابه بين نظام الإخوان والحزب الوطنى المنحل، ان كليهما اضطر إلى التبرؤ من الحملة بعد فشلها فى مواجهة حملات المعارضة الرئيسية. فحركة دعم جمال مبارك فشلت فى جمع 10 آلاف توقيع لتأييد ترشيحه.. وفى المقابل نجحت حملة البرادعى والتى انضمت لها كل قوى المعارضة فى جمع 750 ألف توقيع وهو ما اضطر جمال مبارك إلى التبرؤ من الحملة ومن صاحبها وهو نفس ما حدث مع نظام الجماعة. الإخوان أيضا اضطروا إلي التبرؤ من حملة «تجرد» و«مؤيدون» بعد ان قامت بتجميع مليون و300 ألف صوت فى الوقت الذى تقترب فيه حملة «تمرد» من جمع 4 ملايين صوت.. وهو ما جعل الجماعة تشن هجوماً على كل الحركات، وتصفها بأنها بداية انهيار الدولة. حركة «تمرد» كشفت عن القناع الحقيقى لنظام الإخوان والذى يتلون ويغير من لونه حسب الظروف السياسية التى يعيشها، فمنذ أن تم التدشين للحملة راحت الجماعة تقلل من أهميتها وتهاجمها وتسخر من هدفها حتى تلقت صفعة قوية على وجهها من الحملة بإعلانها فى أول مؤتمر صحفي لها أنها نجحت فى جمع 2 مليون و29 ألف توقيع.. وهو الرقم الذى أصاب الجماعة برعب شديد وصل إلى حدتعدى شبابها على أعضاء الحملة ومحاصرتهم. بل إن الشرطة ألقت القبض على عدد منهم فى جامعات القاهرةوالشرقية وأسيوط. لطمة «تمرد»التي وجهتها إلي جماعة الإخوان أفقدتها توازنها السياسى وجعلها تطلق تصريحات عدائية بحق الحملة وتروج حولها الشائعات والأساطير حتى تنال من هدفها النبيل.. وبدلا من ان تبحث الجماعة عن كيفية علاج الأزمات والمشكلات التى يعانى منها المجتمع والتى أدت إلى الغضب الشعبى على سياساتها، راحت تكيل الاتهامات للمعارضة وللحركة.. واختارت السير عكس الاتجاه والعناد مثلما كان يفعل نظام مبارك مع الحركات المعارضة. الأهم من كل ذلك أن الجماعة تثبت كل يوم أن الانقسام الحادث فى المجتمع من صنع يديها.. وأنها مسئولة عن التراشق والفرقة السياسية التى تعانى منها البلاد.. فهى تصر على أن تضع نفسها فى مقارنة مع نظام مبارك بتطبيقها نفس أساليبه وتغذية الانقسام السياسى، عن طريق خلق البدائل لكل الحركات والفعاليات المعارضة لها. فعندما تم الإعلان عن تدشين جبهة الإنقاذ لمواجهة تجبر الجماعة على المعارضة والدولة، لم تكلف الجماعة خاطرها فى علاج السلبيات التى يعانى منها نظامها.. وأعلنت عن جبهة موازية للإنقاذ باسم «جبهة الضمير»، ونفس الأمر فعلته عندما تم الإعلان عن حركة تمرد وواجهتها بحركة «تجرد» و«مؤيدون» الموازية لها. تلك التصرفات من الجماعة هى التى تغذى فكرة الانقسام السياسى الذى يعتبر أحد أسباب الأزمة التى تعانيها مصر الآن، والتى وضعت كل القوى المدنية والثورية وبعض القوى الإسلامية فى جانب والإخوان وبعض مؤيديها وأصحاب المصالح فى جانب واحد، وتصر الجماعة على ان يبقى هذا المشهد حاضرا فى كل أزمة وكان عليها أن تحافظ على الوحدة السياسية التى كانت تتمتع بها كل القوى فى الأيام الأولى من الثورة. «تمرد» لم تكن فقط كاشفة عن سياسة الجماعة فى تغذية الانقسام.. لكنها كانت ثورة شبابية على نظام العواجيز والمشايخ الذى يحكم مصر، والذى تصور أن الدماء تجلطت وان منابع الثورة بدأت فى الجفاف.. وشعر أنه انفرد بالحكم حتى جاءت «تمرد».. لتعيد صياغة العلاقة بين الإخوان والشعب ولتسجل شهادة موثقة على السقوط الإخوانى السريع فى الحكم. الجماعة بدأت الآن شن حرب غير شريفة على حركة «تمرد» وسعت إلى اختراقها بكل ما أوتيت من قوة، ورغم تكتم أعضاء الحركة وحرصهم على أن تحصين التوكيلات من الاختراق الإخوانى.. إلا أنه بحسب المصادر داخل الجماعة فإن شباب الإخوان نجح فى دس بعض التوكيلات المزورة إلى مقرات الأحزاب والحركات السياسية وان عملية الفرز تتم الآن داخل مقر حركة «تمرد» حتى يتم استبعاد التوكيلات المشكوك فى صحتها. الجماعة أيضا استخدمت سلاح الشائعات ضد الحركة ولاحقت جامعى التوقيعات بسلاح التشهير والترهيب.. إلا ان أسلحتها أُبطل مفعولها بسبب وعى الشعب وإدراكه الجيد للخطط الإخوانية التى تسعى إلى النيل من الحركة وأعضائها. التاريخ يؤكد: النضال بالتوقيعات إرث مصري «النديم» جمع توكيلات ل«عرابي» فى مواجهة الخديو توفيق.. والشعب وقع لسعد زغلول لاستقلال البلاد لم تكن حركة «تمرد» بدعة كما يصورها الإخوان، ولا شاذة منفردة كما يروج لها الإسلاميون.. ولكنها امتداد طبيعى لمسار الحركة الوطنية الذى كان يبحث دائما عن الاستقلال التام للدولة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتى اتخذت من التوقيعات طريقاً للتخلص من الديكتاتورية والعبودية والأنظمة الفاشية التى كانت تريد نهب خيرات البلاد. وكانت التوقيعات من وجهة نظر الحركة الوطنية هى توكيل الشعب فى تقرير مصير الوضع السياسى.. وكان الشعب دائما ما ينحاز إلى الحرية ويلفظ الاستعباد والفاشية والديكتاتورية. سجلات التاريخ تحمل فى ذاكرتها نماذج عديدة من النضال بالتوقيعات الذى بدأ عام 1881 وذلك أيام الزعيم المناضل أحمد عرابى، وذلك عندما قام عبدالله النديم بجمع توقيعات من الشعب المصرى إلى أحمد عرابى لتفويضه فى التحدث باسم الشعب وذلك للحديث عن مطالب الشعب، عند وصوله إلى قصر عابدين فى 9 سبتمبر عام 1881 وهى الذكرى التى توافق احتفالات أعياد محافظة الشرقية. وعرض عرابى مطالب الشعب التى سبقها بعبارته الشهيرة: «لقد خلقنا الله أحراراً ولن نورث ولن نستعبد بعد اليوم».. وكانت تلك المطالب ملخصة فى زيادة عدد أفراد الجيش إلى 18 ألف جندى وتشكيل مجلس شورى النواب على النظام الأوروبي وعزل وزارة رياض باشا. واستجاب الخديو توفيق لمطالب عرابى.. فعزل رياض باشا، وكلف شريف باشا بتشكيل الوزارة فى 14 سبتمبر 1881 واستقال شريف باشا بعد ذلك فى بداية العام التالى وشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامى البارودى والتى شغل عرابى فيها منصب وزير الحربية. وفى عام 1918 توجه سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز باشا فهمى إلى المندوب السامى البريطانى لعرض مطالب الأمة عليه.. فرفض المندوب السامى الاعتراف بهم على اعتبار أنهم لا يمثلون الأمة.. ومنذ هذا التاريخ بدأ الشعب المصرى جمع توقيعات من كل فئاته لسعد زغلول ورفاقه وذلك لإكسابهم الشرعية للحديث باسم مصر. وبالفعل قامت جميع فئات الشعب بكل طوائفه بعمل توكيلات للوفد المصرى للحديث باسمه. وكان نص التوقيعات كالتالى: «نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات سعد زغلول وعلى شعراوى باشا وعبدالعزيز فهمى بك ومحمد على بك وعبداللطيف المكباتى بك ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد.. ولهم فى أن يضموا إليهم ما يختارون لتحقيق المطالب المشروعة، حينما وجدوا السعى سبيلا فى استقلال مصر، تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى».. وبالفعل نجحت التوقيعات فى منح الشرعية للوفد المصرى. وفى عهد الرئيس المخلوع مبارك قام الدكتور محمد البرادعى الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار البيان الأول لتأسيس الجمعية المصرية، من أجل التغيير.. وحدد فيه 7 مطالب لضمان نزاهة الانتخابات تتمثل فى إنهاء حالة الطوارئ وتمكين القضاء المصرى من الرقابة الكاملة على الانتخابات، ووجود إشراف من قبل منظمات المجتمع المدنى المحلى والدولى.. وتوفير فرص متكافئة فى وسائل الإعلام لجميع المرشحين خاصة فى الانتخابات الرئاسية وتمكين المصريين المقيمين فى الخارج من التصويت وكفالة حق الترشح فى الانتخابات الرئاسية دون قيود تعسفية، مع ضرورة أن يكون حق الترشح للرئاسة على فترتين فقط.. وأن يكون التصويت ببطاقة الرقم القومى. وأكد بيان «البرادعى» أن تحقيق هذه الضمانات يستلزم تعديل 3 مواد من الدستور هى 76 و77 و88 من دستور 1971. وقامت جماعة الإخوان والجمعية الوطنية للتغيير بإطلاق حملة توقيعات على البيان الخاص بالبرادعى، ونجحت فى جمع 750 ألف توقيع عليه رغم الملاحقات الأمنية. وسيسجل التاريخ أنه في عهد الرئيس مرسى نجح أعضاء حركة «تمرد» فى جمع ما يقرب من 8 ملايين توقيع على بيان تمرد بحسب تأكيدات المهندس محمد الأشقر المنسق العام للحركة. وجاء نص البيان كالتالى: «عشان الأمن لسه مرجعش.. مش عاوزينك وعشان لسه الفقير مالوش مكان.. مش عاوزينك وعشان لسه بنشحت من بره.. مش عاوزينك.. وعشان حق الشهداء لسه ماجاش .. مش عاوزينك وعشان مفيش كرامة ليا ولبلدي.. مش عاوزينك وعشان الاقتصاد انهار وبقي قايم علي الشحاتة.. مش عاوزينك وعشان لسه مصر تابع للأمريكان,. مش عاوزينك. ومنذ وصل محمد مرسي العياط إلي السلطة.. يشعر المواطن البسيط بأنه لم يتحقق أى هدف من أهداف الثورة التي كانت العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني وفشل مرسي في تحقيقها جميعا فلم يحقق لا الأمن ولا العدالة الاجتماعية وأثبت أنه فاشل بمعني الكلمة ولا يصلح لإدارة بلد بحجم مصر.. ولذلك أعلن أنا الموقع أدناه بكامل إرادتي وبصفتي عضوًا في الجمعية العمومية للشعب سحب الثقة من رئيس الجمهورية وأدعو لانتخابات رئاسية مبكرة وأتعهد بالتمسك بأهداف الثورة ونشر أهداف حركة تمرد بين صفوف الجماهير حتى نستطيع معا تحقيق أهداف العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. المهندس حسين منصور عضو الهيئة العليا لحزب الوفد قال إن «تمرد» هى رغبة فى التحرر وإخراج مصر من عثرتها، وهى تشبه توقيعات الشعب لسعد زغلول والتى منحها له الشعب لتحقيق الاستقلال.. والتيار الدينى يحاول ان يدخل مصر فى أزمات حول الهوية، فضلاً عن العشوائية فى اتخاذ القرار وإفقار الشعب وحصاره لإحباطه من الثورة وكل ما يحدث اغتصاب وسرقة للثورة قام بها شعب من أجل الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية. وقال إن توقيعات «تمرد» تهدف الآن إلى استقلال مصر من حكم الإخوان واستكمال الثورة، فالشعب خرج ولن يعود تماما مثلما حدث في ثورة 1919. الرئيس بين خيارين.. الاستفتاء أو انتخابات مبكرة بالدستور: «الحركة» شرعية.. والإخوان كاذبون لم تكن تدرك جماعة الإخوان أنها ستسقط بفضل مادة من الدستور التى قامت بتفصيله على مقاسها فى الحكم، وبما يتناسب مع مصالحها فى الحكم. فالجماعة لم تكن تراهن على تحرك الشعب وكانت تتصور أنها نجحت فى وأد الحالة الثورية التى عاشتها البلاد.. لكن جاءت حركة «تمرد» لتضع المسمار الأول فى نعش الجماعة ولتسجل شهادة وفاة لحكمها. حركة «تمرد» والتى أعلنت عن حملة توقيعات لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة استندت إلى المادة 5 من الدستور والتى تنص على ان السيادة للشعب يمارسها ويحميها ويصون وحدته الوطنية وهو مصدر السلطات. الجماعة تروج لعدم قانونية التوقيعات حتى تزرع اليأس من جديد فى نفوس الشعب وتعرقل تقدم الحركة وتناست الجماعة ان السيادة التى منحها الدستور للشعب تجعل من حقه أن يقرر استمرارية الرئيس من عدمه فى الحكم استنادا إلى شرعيته، فصحيح ان هناك انتخابات رئاسية إجريت فاز فيها الرئيس مرسى ولكنه خرج عن المسار الديمقراطى وارتمى فى أحضان جماعته وابتعد عن الشعب الذى انتخبه واختاره ولذلك فمن حق الشعب ان يسترد السيادة التى منحها لمرسى ويمنحها لغيره. ما يروجه الإخوان الآن من عدم قانونية توقيعات «تمرد» يخالف ما فعلته فى أيام ثورة يناير.. فالثورة فى الأساس عمل غير دستورى وقانونى ولكنها حركة شعبية تنطلق لتفرض إرادتها فوق أى سلطة وهو ما تستند إليه توقيعات «تمرد» والتى لو نجحت فى أن تتخطى حاجز ال 14 مليون توقيع وهو رقم يفوق ما حصل عليه الرئيس مرسى فى المرحلة الثانية من الانتخابات والذى وصل إلى 5٫13 مليون صوت فقط. الأزمة الحقيقية التى تواجهها «تمرد» أنها لو فشلت فى ان تجمع توقيعات تصل إلى 14 مليون صوت يصبح أثرها القانونى منعدماً وصحيح ان الأرقام حتى الآن مبشرة وتشير إلى إمكانية تحقيق الرقم خلال الأيام القادمة إلا أن الجماعة تعد العدة الآن لمواجهة الحملة التى بدأ أعضاؤها يتعرضون للملاحقات الأمنية وهو ما يمكن ان يوقف تقدم الحركة. الأهم من ذلك أن الحملة لو حققت رقما مقبولاً ولكنه لا يتعدى الرقم الذى حصل عليه «مرسي»، فإن الأخير سيجد نفسه فى مأزق، وشرعيته ستكون محل شك.. وبالتالى أصبح لزاماً عليه أن يعيد طرح الثقة فى نفسه من خلال استفتاء يحدد إما استمرارية الرئيس فى منصبه أو إجراء انتخابات رئاسية جديدة، وهذا الاستفتاء سيكون كاشفاً إلى حد كبير عن طبيعة الأزمة الحالية. الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى قال إن «تمرد» هى حملة علمية سياسية تفكر بطريقة عملية خارج الصندوق الانتخابى، خاصة ان الطريق إلى الصناديق أصبح مليئاً بالشياطين والعفاريت الذين يقطعون الطريق على أى مواطن يسير فيه. وأصبح الطريق، مغلقاً الآن أمام المعارضة و«تمرد» هو أفضل تعبير سلمى خارج هذا الصندوق.. وآثارها تتوقف على حجم الأرقام التى تصل اليها التوقيعات ولكن حتى لو توقفت الأرقام عند المعلن عنها أصبح على الرئيس مرسى ان يجدد الثقة فى نفسه من خلال استفتاء جديد. وأكد عصام الإسلامبولى الفقيه الدستورى أن حركة «تمرد» تهدف إلى تحقيق أثر سياسى وتأثير على الرأى العام الذى سيحدد طريق الحركة ومصير الرئيس مرسى، فالأهم عند الحركة أنها أظهرت الرئيس داخليا وخارجيا بمظهر الفاقد للشرعية من الناحية الشكلية، أما من الناحية العملية.. فالرئيس فقد الشرعية منذ إصداره الإعلان الدستورى المكمل الأول وما تبعه من إعلانات دستورية اغتصب بها حقوقاً لم تكن ملكه. وأشار إلى أن الحركة تأثيرها السياسى أهم من تأثيرها القانونى.. وإذا كان الرئيس وجماعته يشككون فى الأرقام فعليهم التبكير بانتخابات رئاسية مبكرة أو على الأقل إجراء استفتاء، إما يجدد شرعية مرسى فى الحكم أو يقضى عليها تماما. وأكد رجائى عطية المحامى والمفكر الإسلامى أنه لا حديث عن قانونية توقيعات وسط دولة تم هدم القانون فيها، ف«تمرد» هى حركة سلمية تعبر عن رفض الشعب المصرى لنظام الإخوان، والتوقيعات وصلت إلى 8 ملايين حتى الآن وهزت الجماعة من الداخل وعلى مستوى العالم ويمكن ان تؤدى إلى انتخابات رئاسية مبكرة.. فالشعب كله يريد التغيير. وقال الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إن التوقيعات عمل مشروع ولكن ليس لها محل كامل فى الدستور ولا القانون وذلك غالبا ما يكون مرتبطاً برغبة الرئيس نفسه اللهم إلا إذا نجحت الحملة فى جمع توقيعات تفوق عدد ما حصل عليه الرئيس محمد مرسى ووصلت إلى رقم 14 مليون توقيع.. ساعتها سنكون بالتأكيد امام استفتاء على شرعية الرئيس أو انتخابات رئاسية جديدة. أما لو توقف العدد عند 12 مليوناً فقط ولم يتعد ما حصل عليه الرئيس ولكنه وصل إلى رقم كبير فستكون أبلغ رسالة لمرسى بأن مساره فى الحكم لا يلقى قبولا وعليه تعديله ومظاهرات الجمعة الماضية أعطت ارتياحية للجماعة بأن الغضب يمكن احتواؤه حتى الآن. وأكد مختار نوح المستشار القانونى لحملة «تمرد» أن الهدف من التوقيعات سياسى نفعى وليس قانونياً والتوقيعات رسالة توجه إلى الرئيس مرسى.. والإقبال على التوقيعات الذى فاق الحدود يؤكد رفض الشعب لسياسات الرئيس ولا نتحدث الآن فى إجراءات ونريد ان تحدث الأثر الكافى. وأضاف ان الحركة نجحت والآلاف تدافعوا من تلقاء أنفسهم للمساهمة فى الحملة.. وهناك إقبال سيتخطى حاجز 15 مليون توقيع.. وقال: أتوقع ان يصل العدد النهائى إلى 20 مليون توقيع.. وهناك حالة رعب غير عادية فى صفوف الإخوان. وقال إن هناك طرقاً يمكن الرجوع فيها عادة.. لكن الإخوان ساروا فى طريق لا يمكن الرجوع فيه الآن وهم فى طريق «اللى يروح ما يرجعشى». وأشار الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية إلي أن قضية إسقاط الرئيس مرسى ليست بسيطة. فحركة «تمرد» لها دلالة سياسية ومعنوية لا يمكت إنكارها.. لكن تأثيرها يتوقف على حجم التوقيعات التى ستنجح الحركة فى جمعها.. فإذا نجحت فى جمع 10 ملايين صوت سيكون لذلك مدلول سياسى.. لكن لا يوجد مدلول قانوني. فالرئيس وفقا للمعايير الدولية منتخب ولكن التوقيعات تحرجه فى كل دول العالم وتجعله يفكر فى قضية طرح الثقة فى نفسه إما بالاستفتاء أو بالدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة.