أكد أحمد عودة مساعد رئيس حزب الوفد وعضو الهيئة العليا أن مصر تعيش فترة استثنائية بعد ثورة 25 يناير التي قامت ضد نظام مبارك بعد ثلاثين عاماً من السلطة. وقال عودة خلال محاضرة له ألقاها بمعهد الدراسات السياسية بالوفد بحضور الدكتورة كاميليا شكرى عميد المعهد ومساعد رئيس الحزب إن ثورة يناير أزاحت حاكماً طاغية وعصابة فاسدة امتصت دماء المصريين وكانت ثورة ناجحة ضرب العالم بها المثل وهي ثورة شعبية فقدت مصر فيها أنبل شبابها وأصيب خلالها الآلاف ولن تضيع مصر طالما بها شباب مخلص محب لها ونحن لا نفرط في مصر بل ستعيد بناءها كدولة ديمقراطية مدنية حديثة وليس دولة دينية فالإيمان في القلب، ومصر يعيش فيها المسلم والمسيحي إخوة ويداً واحدة ولم نسمع عن الفتنة الطائفية إلا في عهد النظام السابق وهي فتنة مفتعلة لتخريب الوطن ولم تحدث في مصر إلا نادراً لأن المجتمع يرفضها ولم تحدث بعد الثورة إلا واقعة واحدة أو واقعتان. قال عودة إن أخطر المواقف كان في واقعة تدمير شباب مصر في حادثة تسمم طلاب المدينة الجامعية بالأزهر لأن النية كانت مبيتة للنيل من شيخ الأزهر ثم زحف المسيحي قبل المسلم لحماية مشيخة الأزهر، وكذلك في أحداث الكاتدرائية وأثناء تشييع جنازات أحداث الخصوص فوجئنا بضرب نار فوق رؤوس المشيعين رغم تواجد الأمن ولم يتم القبض علي أحد، وتساءل عودة: أين وزير الداخلية ورجاله فنحن نرفض الجريمة فكيف يعتدى المصري علي أخيه ويهدر دمه وهذه جريمة يجب أن يحاسب عليها وزير الداخلية ونتذكر هنا حديث الرسول الكريم «لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من إزهاق روح مؤمن». وأضاف عودة متحدثاً عن الدستور بأننا كنا محكومين بدستور أنور السادات الذي وضعه سنة 1971 بعد حكم عبدالناصر وإسقاط دستور 1923، وفي ثورة 1919 كانت دعوة الوفد لإعداد دستور للبلاد لأن الدستور هو العقد الاجتماعى بين الحاكم والمحكومين وتم وضع دستور 1923 الذي نفخر به حيث شكلت لجنة الدستور بأمر من الملك فؤاد، وكان سعد زغلول زعيم الوفد يقول إن لجنة الدستور تأتي بالانتخاب لأن الدستور ليس منحة من الحاكم وأطلق عليها سعد باشا «لجنة الأشقياء» واستمر هذا الدستور حتي عام 1953، وكانت مصر قد ابتليت بحكم مستبد بحكومة صدقي باشا وأسقطت دستور 1923 ووضعت دستوراً ديكتاتورياً سنة 1930 وناضل الوفد من خارج الحكم من أجل إسقاطه وإعادة دستور 1923 إلي أن حدثت حركة يوليو 1952 وأسقطته بدعوي إعلان نظام جمهوري وشكلت لجنة أعدت دستور 1956 الذي وضع في سلة المهملات، ثم جاء السادات ووضع دستور 1971 وقرأته في الأهرام وأثنيت عليه ولكن امتدت إليه يد العبث لكي يضع السادات نصوصاً تعطيه السلطة وتكرس لحكم الفرد، وعندما تولي مبارك طالبنا بتعديل هذا الدستور ولكنه قال إن تعديل الدستور ضد استقرار الحكم وشكل لجنة لتعديل 34 مادة واعترض الوفد علي التعديل الذي يفتح الباب للتوريث وكنا نأخذ علي هذا الدستور أنه «أعوج» وأستعيد هنا مقولة الراحل فؤاد باشا سراج الدين أنه دستور كسيح لا يصلح ولابد من إعداد دستور جديد يتلاءم مع ظروف المجتمع الحديث. وقال عودة إن النظام السابق سلم البلاد عقب ثورة يناير إلي المجلس العسكري ولم يسلمها إلي رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا ثم قام المجلس العسكرى بإجراء تعديلات دستورية والاستفتاء عليها وأعقب ذلك انتخابات مجلس الشعب الذي طعن علي تشكيله وتم حله، وتم تشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور وكان من بينها 75 عضواً من المجلس المنحل من بينهم 55 عضواً من أنصار الإخوان وتم حل هذه الجمعية ثم شكلت جمعية تأسيسية أخرى بأغلبية إخوانية للمرة الثانية وانضم إليها أربعة أعضاء من الوفد وكتبت في ذلك الوقت مقالات قلت فيها للمستشار الغرياني عليك أن تبرز علمك وخبرتك فى دستور نفخر به، ولكن شعر الأعضاء الوفديون والحزبيون بانحراف اللجنة بمواد الدستور وانسحبوا وكان العدد المنسحب 20 عضواً، وأصدر الرئيس مرسي قراراً بمد مهلة عمل اللجنة شهراً، وقلنا إن هناك مواد تحتاج إلي تعديل ولكن رئيس الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمين قالوا: لابد من الاستفتاء العاجل وكنا أمام أمرين، إما أن ترفض أو تقاطع، وأنا كنت أميل للمقاطعة وجاء الدستور ب63٪ مقابل 37٪ وهذا الدستور ليس توافقياً ولم يناقش رغم ما فيه من مطاعن ووجهات النظر الفنية ولا تمثيل من مختلف طوائف الشعب وتم فرضه علينا، ومع تولي أول رئيس مدني منتخب قام بإصدار إعلان دستوري يحصن فيه نفسه من جميع الطعون وقام بأخونة مرافق الدولة وقال إنه يسعي إلي عزل 3500 قاض، ونحن لن نتنازل عن حق مصر والمصريين، فمصر أمانة في رقابنا ولن تكون مصر منكسة الأعلام، ولن نرضي سوي بالديمقراطية الصحيحة، وعندما قال متحدث الجماعة إن الإعلام والصحفيين يتطاولون علي أسيادهم كتبت مقالاً بعنوان: «انتهى عصر السادة والعبيد» وقلت فيه: كلنا أحرار، فالدساتير تكفل تكافؤ الفرص وكلنا مصريون تجمعنا الوطنية وحب مصر. وأضاف عودة أن الهجوم علي مؤسسات الدولة لا يكون إلا في الأنظمة الديكتاتورية فالدول منذ القرن ال19 وبعد الثورة الفرنسية أخذت بنظرية الفصل بين السلطات الثلاث، وأن الديمقراطية تقوم علي احترام رأي الأغلبية وكان يجب وضع الدستور أولاً قبل الانتخابات البرلمانية ولكن حدث العكس وتم وضع دستور معيب، وإذا بقي النظام الحاكم بقي الدستور المعيب وإذا انتصر الشعب وتغير النظام سوف نطالب بلجنة منتخبة من أساتذة الجامعات والقانون الدستورى لوضع دستور يليق بمصر. وحول وسائل الخروج من الأزمة الحالية قال عودة: الشعب المصري عاني من الحكم الديكتاتورى أكثر من ثلاثين عاماً ثم قامت ثورة 25 يناير ونجحت ودفع ثمنها أكثر من ألفى شهيد وستة آلاف مصاب بعضهم مصاب بعاهات مستديمة وأذكر هنا حديث الرسول الكريم «سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله»، وهذا النظام الذي يحكمنا مرفوض وخير دليل علي ذلك حركة «تمرد» وهي تعبر عن الشارع المصري لأن هذا النظام لم يخلص لمصر وأن الرئيس مرسي لم يعرف إلا جماعته وأنصاره، فالشارع المصري غاضب عن أدائه وإذا وصلنا إلي أكثر من 15 أو 20 مليوناً فإن ذلك سيكون بمثابة ثقة من الشارع المصري والرأي العام وهذه الحركة انضم إليها كل القوي السياسية والأحزاب المدنية وعلي رأسها حزب الوفد. وعن دور حزب الوفد في المرحلة الحالية قال عودة إن الوفد له رؤية واضحة وهو واحد من أقدم الأحزاب السياسية وله رؤية مستقبلية، وهو أول حزب يقوم بتشكيل حكومة موازية وهذه الحكومة لها رؤية للإصلاح وقد أعدت برنامجاً في كل المجالات ويغطي مختلف مرافق الدولة، والوفد يمكن أن يكون بديلاً في ظل نظام قام بتخريب البلد وفشل في حل الأزمات وينتظر قرض الصندوق الدولي بعد أن كانت إنجلترا مدينة لمصر منذ 1936 حتي 1952. وقال عودة عن أزمة اختطاف الجنود في سيناء إن وزير الداخلية يجب أن يرحل فوراً لأنه عاجز وحكومة هشام قنديل ضعيفة وسيئة التشكيل ويكفي أن وزير الداخلية استشهد في عهده منذ يناير 2013 حتي الآن 2000 شهيد خلاف المصابين وتم إطلاق النار علي الجنازات في بورسعيد وأحداث الخصوص ولم يتمكن من ضبط فاعل واحد.