ذكرت في إنجيل مرقس الرسول الإصحاح الرابع والإصحاح السادس معجزتان صنعهما يسوع، وأظهر فيهما قدرته وسلطانه على جنون الطبيعة، فى المرة الأولى حين هاج البحر وكان التلاميذ فى السفينة ويسوع كان معهم نائمًا، وحين أيقظوه هدأ البحر والريح بكلمة ووجَّه سؤاله للتلاميذ قائلًا: «مابالكم خائفين هكذا؟ كيف لا إيمان لكم؟» وفى المعجزة الثانية كانوا التلاميذ لوحدهم معذبين من الريح والبحر الهائج؛ فأتاهم ماشيًا على المياه وحين صعد السفينة سكنت الريح ووجَّه لهم كلامه قائلًا: «ثقوا أنا هو لا تخافوا»، فى المعجزتين يُهدِّئ يسوع الريح والبحر ويهدأ خوف التلاميذ ورعبهم ويأتى فى الوقت الذى اعتقدوا فيه أن النهاية اقتربت ولا أمل من نجاتهم، فى قمة يأسهم واكتئابهم. فى قمة تعبهم وخوفهم. وفقدانهم للأمل، يتدخل يسوع فى اللحظات الأخيرة ويغير المشهد تمامًا، فى صورة مشابهة تمامًا نحن نعيش فى هذه الأيام وسط عالم مضطرب مليء بالضيقات والمشكلات، وطأة الضغوط تزداد ونصل لمرحلة نشعر فيها أننا هالكون لا محالة، لن نجد لقمة العيش، لن نستطيع تعليم أبنائنا، لن نتمكن من تسديد احتياجات عائلاتنا.. لن نجد ثمن علاج لأمراضنا... لن نستطيع الاستمرار.. سنغرق... ولسان حالنا يقول: أين أنت يارب؟ ألست تسمعنا؟ ألن تتدخل؟ ستنام وتدعنا نهلك ؟. للأسف ننسى ونتناسى تمامًا أن الله لم يتخل عنا يومًا، إنه كثيرًا ما أنقذنا من مصائب ومشكلات لا تعد ولا تحصى، إنه كان يسدد كل احتياجاتنا الصغيرة قبل الكبيرة.. ننسى وعوده لنا: بأن لا نخاف، بأنه معنا، أنه سينقذنا، ولو كتبت الآيات والوعود التى ذكرت فى الكتاب المقدس كلها سنجد أنها كثيرة جدًا، وتغطى كل يوم من أيام السنة، لكن سأذكر القليل منها فى مقالي هذا: «الرب يحفظك من كل سوء يحفظ نفسك يحفظ خروجك ودخولك من الآن، وإلى الدهر «(مزمور121: 7 و8).. » هو الذى يشجعنا فى كل ضيقة نمر بها حتى نستطيع أن نشجع الذين يمرون بأية ضيقة بالتشجيع الذى به يشجعنا الله «(2كو1: 4) وأيضًا: «الله ملجأ لنا وقوة عونا فى الضيقات وجد شديدًا» (مزمور 46: 1و 2). وهذا غيض من فيض، مراحم الرب لنا كثيرة هى فى كل صباح، الرب لا يتخلى عنا لكنه يعلمنا الصبر والاتكال عليه، الله يعطينا أكثر مما نطلب أو نفتكر؛ لكن لا يمكن أن ننال تعويضات الله إلا بالإيمان، وهناك خطوات تساعدنا أن نواجه الضيقات ونكون أقوياء علينا أن نقوم بها: أولًا: قراءة الكتاب المقدس ودراسة كلمة الله لنتعلم طرقه ونعرف إرادته الصالحة لنا. ثانيًا: أن ندخل كل يوم إلى مقادس الله ونقضى وقتًا معه بالصلاة والخلوة اليومية ثالثًا: العلاقة القوية مع الله والاتكال عليه تجعلنا متأكدين وواثقين من معيته لنا ومن تسديده لكل احتياجاتنا، وأنه خالق آمين يهتم بأصغر تفاصيلنا. رابعًا: علينا أن نسبح الله ونشكره ونردد آياته ووعوده. خامسًا: علينا أن نطرد الخوف والقلق لأنهما أعداء الإيمان، الله آمين وثابت لا يتغير وهو هو أمس واليوم وإلى الأبد والكتاب المقدس مليء بنماذج كثيرة تدخل الله فيها فى حياة قديسيه الأمناء وأنقذهم من ضيقات كثيرة بمعجزات كبيرة، فمثلًا أنقذ الرب يوسف من إخوته ومن السجن وأصبح الرجل الثانى فى مصر بعد فرعون، وكذلك بطرس الرسول الذى قبض عليه هيرودس الملك وأدخله السجن لكن صلاة الكنيسة لأجله أنقذته، وأرسل الله ملاكه وأخرجه من السجن، والأمثلة كثيرة عن عناية الرب وحمايته لأولاده فى الضيقات، وسأختم بقصة الغراب عندما يضع البيض تخرج فراخه لونها أبيض فيخاف منها ويهجرها والفراخ الصغيرة ليس أمامها سوى البكاء من شدة الجوع، لكن الرب يعطف حتى على فراخ الغربان ويجعلها تفرز مادة لزجة ذات رائحة نفاذة تجذب الحشرات فتقترب من فم الغربان الصغيرة وتلتصق بالمادة اللزجة وتبتلعها فراخ الغربان، لذلك يقول المزمور 147: (المعطى للبهائم طعامها ولفراخ الغربان التي تصرخ) فكيف بالحرى انتم، قصة قصيرة تعبر عن حكمة الله ومحبته العجيبة عن كيف يهتم الرب بمخلوق ليس فيه روح الله فكيف إذن بالإنسان الذي هو هيكل الله.