تحسّن مؤشرات الاقتصاد وموارد العملات الأجنبية والاحتياطى يرتفع

الحكومة مطالبة بتخفيف آثار الأزمة على المواطن برفع دخله وزيادة الإنتاج
الحرب الاقتصادية سلاح يستهدف الدولة... وأدواتها الشائعات ونشر الإحباط
ما زالت دعوات الإحباط والتشاؤم تنتشر على منصات السوشيال ميديا، حول الاقتصاد، وأن «البلد راح فى داهية» وأنه لا أمل، وأن مصر ستفلس، وهى حرب اقتصادية تستهدف النيل من اقتصاد الدولة واستقرارها، وتحاول بكافة السبل إشاعة الإحباط واليأس فى قلوب المصريين.
ويأتى السؤال: هل مصر تعانى من أزمة؟ والإجابة: نعم، والسؤال الثانى: هل مصر ستفلس، واقتصادها سينهار؟ الإجابة: لا.
ولِمَ لا؟ لأن الدولة تتمتع بالاستقرار السياسى والاجتماعى، ولديها قيادة سياسة على درجة عالية من الوعى بطبيعة الظروف الخارجية والداخلية، ولديها مؤسسات قائمة وتتخذ من الإجراءات والقرارات التى من شأنها عبور الأزمة وعدم الانزلاق فى الإفلاس، لأنه هناك تعاون كبير بين السياسة النقدية والمالية من أجل مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
فالأزمات المتلاحقة والمتتالية تؤكد أن مصر يجب أن تكون فى حالة استنفار دائم، وأنها يجب أن تبحث عن العلاج الفعال وليس المسكنات التى يتم اتخاذها مع كل أزمة، فالظروف الخارجية والتحديات الداخلية تفرض علينا ضرورة وضع حلول دائمة ومستديمة للأزمات، والتى يأتى فى مقدمتها نقص الموارد من العملات الأجنبية، وتزايد الدين الخارجى، وارتفاع فاتورة الواردات.
لماذا نقول إن مصر بخير، ولماذا حالة التفاؤل رغم أننا فى ذروة الأزمة الاقتصادية؟
لأن هناك كثيراً من المؤشرات الإيجابية التى ظهرت مؤخراً، التى تؤكد زيادة موارد مصر من النقد الأجنبى خلال الفترة المقبلة وهذه هى بعض المؤشرات:
قناة السويس
حققت قناة السويس حصيلة تُعتبر الأعلى تاريخيًا وصلت 7 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 8 مليارات دولار خلال عام 2023 وخلال شهر يناير الماضى حققت رقماً قياسياً هو الأعلى فى تاريخ القناة بلغ 802 مليون دولار بزيادة سنوية 47٪.
وأظهرت أرقام البنك المركزى المصرى ارتفاع متحصلات النقل بمعدل 33.7% لتسجل نحو 3 مليارات دولار منها نحو 2.3 مليار دولار كنتيجة أساسية لارتفاع إيرادات قناة السويس بمعدل 19.1% لتسجل نحو 2 مليار دولار مقابل 1,7 مليار دولار وذلك لاتفاع الحمولة الصافية بمعدل 13.8% لتسجل نحو 372.7 مليون طن وذلك خلال الفترة الربع الأول (يوليو: سبتمبر) من السنة المالية 2022-2023
قطاع السياحة
ارتفعت إيرادات قطاع السياحة خلال العام الماضى إلى 10,7 مليار دولار فى ظل التدفقات القوية من أسواق متنوعة، مثل دول الخليج وألمانيا وبولندا وكشف بيانات البنك المركزى عن ارتفاع الايرادات السياحية بنحو 43.5% مليار دولار مقابل 2.8.
مليار دولار لارتفاع كل من عدد الليالى السياحية بمعدل 47.1% ليسجل نحو 43.6 مليون ليلة، وعدد السائحين الوافدين إلى مصر بمعدل 52.2% ليسجل نحو 3,4 مليون سائح خلال الفترة الربع الأول (يوليو: سبتمبر) من السنة المالية 2022-2023.
الاستثمارات الأجنبية
زادت حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 71٪ لتحقق نحو 9,1 مليار دولار مقارنة بنحو 5,2 مليار دولار فى العام الذى يسبقه، وتنوعها بين العديد من القطاعات وأهمها: الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأعلن رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى طرح 32 شركة مملوكة للدولة فى البورصة المصرية أو لمستثمر استراتيجى على مدار عام كامل وتشمل 18 قطاعاً ونشاطاً اقتصادياً، وبدأت الحكومة تنفيذ ما ورد فى وثيقة سياسة ملكية الدولة والخاص بالطروحات، وهو ما ينعكس على زيادة موارد مصر من النقد الأجنبى وزيادة رأس المال أو الاستحواذ على حصة من الشركة بهدف التطوير وتعظيم أصول الدولة، أو إجراء طرح عام لأسهم هذه الشركات فى البورصة بهدف توسيع مشاركة المواطنين للملكية العامة وهو فى إطار الوثيقة. ومنها ثلاثة بنوك هى: «القاهرة والمصرف المتحد والبنك العربى الأفريقى الدولى» بالتنسيق الكامل مع البنك المركزى، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الشركات تطرح لأول مرة فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى وتشمل قطاعات مختلفة وتضم شركتين تابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وهما: «وطنية» و«صافى» وتشمل كل القطاعات المختلفة، سواء بتخارج الدولة منهم أو بتقليص الدولة من وجودها فيها.
محفظة الأوراق المالية
وعلى الرغم من أن الاستثمارات فى محفظة الأوراق المالية فى مصر شهدت تخارج غير المقيمين لتسجل صافى تدفق للخارج بلغ نحو 2.2 مليار دولار تزامناً مع السياسات النقدية الانكماشية التى ينتهجها الفيدرالى الأمريكى والتى تؤدى بدورها إلى نزوح الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، لتسفر الفترة يوليو إلى سبتمبر 2022 عن فائض كلى فى ميزان المدفوعات بلغ 523.5 مليون دولار. إلا أن البنك المركزى المصرى أعلن أن صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة قفز بنسبة 94% خلال الربع الثالث من العام الماضى 2022، ليصل إلى 3.3 مليار دولار مقابل نحو 1.7 مليار دولار، ما أسهم فى تحسين حساب المعاملات الرأسمالية والمالية.
وذكر تقرير ميزان المدفوعات الصادر عن البنك المركزى المصرى أن الاستثمارات الأجنبية الواردة للقطاعات غير البترولية سجلت صافى تدخل للداخل
بلغ نحو 3.6 مليار دولار مقابل نحو 2.2 مليار دولار فى الفترة المقابلة من العام السابق وجاء ذلك نتيجة أساسية لارتفاع كل من حصيلة بيع شركات وأصول إنتاجية لغير مقيمين لتسجل مليار دولار، مقابل 56.7 مليون دولار وصافى الاستثمارات الواردة لتأسيس شركات جديدة أو زيادة رؤوس أموال شركات قائمة لتسجل نحو مليار دولار، مقابل 464.7 مليون دولار، بينما استقر صافى الأرباح المرحّلة عند نحو 1.4 مليار دولار.
الصادرات والميزان التجارى
شهد العجز فى الميزان التجارى البترولى استقراراً عند 106 ملايين دولار كنتيجة أساسية لتصاعد الصادرات البترولية بمقدار 807.3 مليون دولار على خلفية ارتفاع الصادرات من الغاز الطبيعى بنحو 1.7 مليار دولار، وقد حدّ من هذا الارتفاع انخفاض الصادرات من كل من البترول الخام بنحو 449.9 مليون دولار والمنتجات البترولية 393.3 مليون دولار وارتفاع الواردات البترولية 812.2 مليون دولار ويرجع أساساً لارتفاع الواردات من المنتجات البترولية بمقدار 767.7 مليون دولار.
وتقوم الحكومة المصرية بتنفيذ التكليفات الرئاسية بالوصول بالصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار سنويًا عبر العديد من المحفزات التصديرية، من خلال توفير السيولة النقدية اللازمة لدوران عجلة الإنتاج، وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.
الدين العام
يتوقع تقرير مؤسسة «موديز» تحسن مسار الدين العام، نتيجة لما تُحقِّقه مصر من فوائض أولية فى الموازنة العامة، حيث إن الحكومة استطاعت بناء احتياطات الإنفاق للاستفادةِ منها عند الحاجةِ دونَ تعريض أهدافها المُرتبطة بتحقيق فوائض أولية للخطر؛ بما يخفف من عبء الدين الذى يتحمله الاقتصاد المصرى، خاصة أنه يمكن الحد مما يواجهه من مخاطر من خلالِ قاعدة التمويل المحلى الكبيرة المُخصصة للحكومة المصرية.
وإذا كان حجم الدين فى مصر قد ارتفع خلال الفترة الماضية، فغالبية دول العالم تعانى من الديون، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية فسجل إجمالى الدين القومى فى الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعات جديدة، حيث تجاوز 31 تريليون دولار، وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية. وهو ما يعنى أن كل مواطن أمريكى مدين بأكثر من 93000 دولار، وفقاً لحسابات مؤسسة بيتر جى بيترسون. وتدير وزارة الخزانة الأمريكية الدين القومى، والذى ينقسم إلى نوعين مختلفين: الديون التى تدين بها وكالة حكومية لأخرى، والديون التى يحتفظ بها الجمهور. وتمثل الديون الخارجية نحو 6.5 تريليون دولار من إجمالى الديون، والجزء الأكبر من الدين مملوك للجمهور يساوى نحو 24 تريليون دولار.
الاحتياطى الأجنبى
وأعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع صافى الاحتياطات الدولية إلى 34.224 مليار دولار بنهاية شهر يناير 2023، بزيادة بلغت نحو 222 مليون جنيه. كان البنك المركزى أعلن الشهر الماضى ارتفاع حجم الاحتياطى النقدى لمصر إلى 34.002 مليار دولار بنهاية ديسمبر مقابل 33.53 مليار دولار بنهاية نوفمبر، وسجل الاحتياطى بنهاية ديسمبر أعلى مستوى له منذ مايو 2022، وذلك على الرغم من سداد مدفوعات مرتبطة بالمديونيات الخارجية للبلاد.
وتشير هذه المؤشرات إلى أن مصر ستعبر الأزمة الحالية، ويبقى على الحكومة أن تعمل على تخفيف حدة الأزمة على المواطن المصرى، خاصة مع التراجع الكبير الذى شهده الجنيه خلال الفترة الماضية والارتفاع الكبير فى الأسعار، وأن يكون لديها منهج واضح خلال السنوات القادمة، قائمة على الإنتاج وزيادة دخل المواطن، لتقليل الصدمات التى تتعرض لها العملة المحلية.