قرار القتل اتخذ في واشنطن ونفذه خالد الإسلامبولي ورفاقه فرانك ويزنر رتب زيارة مبارك لواشنطن قبل الاغتيال.. وتم استقباله كرئيس دولة عندما ووري جثمان الرئيس السادات الثري تحت النصب التذكاري لشهداء حرب اكتوبر المجيدة، اسدل الستار علي واحدة من اكثر قصص الاغتيال غدراَ وقسوة وكان إحكام المؤامرة مدعاة للدهشة فإن اصبع الاسلامبولي التي شدت الزناد لتنطلق الرصاصات القاتلة من مجموعة الاغتيال ما هي إلا مخلب القط إن جاز التعبير حتي تكتمل المؤامرة بهذا المشهد المأساوي الختامي وقد سبق هذا المشهد احداث عديدة سبقت هذا اليوم الفارق في تاريخ مصر. بدأت الأحداث التي أدت إلي هذا اليوم المشهود قبل عدة شهور و بدءاَ من تغيير الإدارة الأمريكية ليصبح الرئيس جيمي كارتر هو الرئيس الأمريكي المسئول عن استكمال مسيرة السلام بين مصر وإسرائيل بمعاونة خليفة هنري كيسنجر السيد برجنسكي مستشار الأمن القومي في الإدارة الأمريكية آنذاك، ولما كان الرئيس السادات يتمتع بموهبة اكتساب الصداقات فقد وقع تقارب بينه وبين السيد بيرجنسكي (اليهودي) الذي في اثناء احد الاحاديث الودية الدافئة مع السادات أشار إلي أن الإسرائيليين راغبون في السلام ولو أن الرئيس السادات مد لهم يده فإنهم سيتجاوبون ولو أن أي اتصال مباشر كان قد حدث في الماضي لكانت المسأله قد انتهت، فما كان من الرئيس السادات الذي استحسن الفكرة واضمر في نفسه خطة السفر إلي إسرائيل وألقي خطبته الشهيرة أمام مجلس الشعب المصري وأعلن استعداده للسفر إلي إسرائيل ومخاطبة الشعب الإسرائيلي مباشرة من الكنيست، هذه الخطبة التي كانت مفاجأة لكل الأطراف بما فيهم الولاياتالمتحده نفسها والتي وقف رئيسها في مؤتمر صحفي ليعلن أنه لا يعلم شيئاً عما يخططه السادات وأن الراغبين في معرفة التفاصيل يجب أن يتوجهوا للسادات نفسه. كانت هذه الخطوة المنفردة وزيارة القدس بمثابة التوقيع علي شهادة وفاة السادات الذي بدأ في اكتساب الصداقات وإقامة العلاقات الودية فور وصوله إلي القدس. وقد بدا للولايات المتحدةالأمريكية أنها تفقد نفوذها ويتضاءل دورها في حل أزمة الشرق الأوسط، كان هذا الهاجس مؤثراًَ لدرجة كبيرة علي صنع القرار الأمريكي، خاصة أن الإسرائيليين كانوا دائماً وأبدا يطالبون بالمفاوضات المباشرة مع مصر والعرب بدون الاستعانة بوساطة الولاياتالمتحدة والتي أطلقوا عليها »شرطي المنطقة« وهي أبعد ما تكون عن ذلك. اضطرت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي أن تبارك خطوات السلام المصرية - الإسرائيلية علي مضض والتي تمخضت عن معاهدة كامب ديفيد وخططت لحصار مصر بأن أوعزت لعميلها السابق صدام حسين الذي كان مازال مشتبكاً مع إيران في حرب ضروس تمولها الدول الخليجية لعقد مؤتمر بغداد الذي أصدر قرارات المقاطعة العربية لمصر. كان هذا القرار المنشود هو كل ما تبتغيه الولاياتالمتحدةالامريكية لتقليص عملية السلام لتصبح مقصورة بين مصر وإسرائيل درءاً لخطر التقارب المصري (العربي) مع إسرائيل وخوفاً من اجتماع المال والنفط العربي مع العقلية اليهودية ما قد يشكل تهديداً مؤكداً لنفوذ الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها. لذا لم يكن عجيباَ ان يتم استقبال حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية آنذاك، استقبالاً يليق برؤساء الجمهوريات في حين لم يلق السادات الاهتمام اللائق عند زيارته التي سبقت زيارة مبارك للولايات المتحدة، ويزول العجب عندما نعلم أن السفير فرانك ويزنر الذي كان سفيرا للولايات المتحدة بالقاهرة والذي كان في مقتبل حياته أحد المؤسسين المقربين من السيد ادجار هوفر إبان تكوين جهاز الاستخبارات الأمريكية وهو الذي كان وراء ترتيبات زيارة مبارك للولايات المتحدةالأمريكية قبل فترة وجيزة من اغتيال السادات وهو الذي أضفي علي حسني مبارك هذه الهالة من الأهمية بحسب ما سوف تؤول إليه الأحداث في الأيام القليلة التي أعقبت الزيارة. لم يعلم حسني مبارك بأي تفاصيل مما كان جار إعداده، حيث إن أسلوب المخابرات الأمريكية هو عدم اطلاع عملائها إلا علي النذر اليسير من المعلومات كلاً فيما يخصه ولم يكن مطلوباً من السيد حسني مبارك إلا أن يجلس بجوار السادات في المنصة. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي دأبت علي الاحتفاظ بروابط وثيقة مع الجماعات الإسلامية هي الجهة الوحيدة القادرة علي إعطاء الأوامر بضغط الزناد. إن قرار اغتيال السادات لم يتخذه عبود الزمر في ناهيا بل كان اتخاذ القرار يبعد عن ناهيا آلاف الأميال، كان الرئيس السادات يتمتع بحظوة لدي الاسرائيليين وكانت معضلة اقناع الاسرائيليين بالتخلص من السادات هي العقبة الاخيرة في انجاز اغتيال السادات لذا قامت الولاياتالمتحدة بخلق الشكوك في نفوس الإسرائيليين في فترة ما بعد السادات وأقنعتهم بأنه من المستحسن التعجيل بوضع نهاية للسادات وبدء مرحلة جديدة تتواكب مع انسحاب اسرائيل من سيناء. راقت الفكرة للاسرائيليين بما لهم من عقلية شكاكة خاصة ان المرشح لخلافة السادات هو شخص مأمون الجانب ليست له اي تطلعات قد تعكر مسيرة السلام خاصة انهم سوف يقومون بدور المتفرج هذه المرة ولم يكن لهم هدف غير ان ينعموا بعدة عقود هادئة من السلام مع مصر بصرف النظر عن الجالس علي عرش مصر. استكمالاَ للخطة الأمريكية قامت الولاياتالمتحدة بتغذية الشعور بالكراهية نحو إسرائيل فور اغتيال السادات ومقاومة التطبيع بين الدولتين ولم تعترض علي الحملات المناهضة للتطبيع رغم تنويه اسرائيل بأن هذا مخالفاَ لمعاهدة السلام إلا أن ذلك كان يصب في مصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية تعميقاً للخلافات المصرية العربية ذ الإسرائيلية. إن حسني مبارك الذي كان رجلاً طموحه ان ينهي حياته العملية كسفير لمصر في بريطانيا لم يتدرج بمناصبه حتي وصل الي ما وصل اليه قبل اغتيال السادات إلا بضغط من الولاياتالمتحدة وأن ذلك كان يثير غضب السادات وأنه كان قد انتوي تعيين كل من منصور حسن وكمال حسن علي نائبين له إلا أن رصاصات الاغتيال كانت أسبق من أن يقوم السادات بتوقيع هذا القرار الجمهوري الذي لا يعلمه الا القليلون الذين هم مازالوا علي قيد الحياة . هذه الاحداث التي ذكرتها قد يكون فيها الكثير من إعمال العقل و القليل القليل من الخيال، إن السيد فرانك ويزنر الذي يعمل حاليا في مكتب محاماة بالولاياتالمتحدة يقوم بإدارة الامور المالية والقانونية لآل مبارك والذي سارع بالحضور عند بدء ثورة الشباب للتنسيق وعرض الترتيبات المالية والأمنية لأسرة مبارك هو ركن أساسي فيما حدث وإن بجعبته الكثير من المعلومات التي يجب الافصاح عنها بعد مرور ثلاثين سنة علي حادث المنصة. إن اختفاء حسني مبارك بعيداَ عن الأعين بعد تنحيه وكذا اطلاقه العنان لشجرة الدر تصول وتجول لسنين طويلة في ربوع مصر وتخلي ابنائه عنه بهذه الطريقة المشينة لتجعل المرء يتساءل من الذي كان يحكم مصر؟ أرجو ان تطابق البصمة الوراثية للشخص الموجود في مستشفي شرم الشيخ وبصمة علاء وجمال لعل ان تكون يد الخديعة قد لعبت بنا لسنين طويلة.. رفعت الأقلام وجفت الصحف. *وزير دولة بحكومة الظل الوفدية