طارق الحميد مع إعلان الإدارة الأميركية الأخير عن امتلاكها لأدلة على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري، ولمرتين على الأقل، في مواقع مختلفة، يكون الرئيس الأميركي نفسه هو المحاصر، وليس بشار الأسد المختفي بأحد الأقبية في دمشق، أو خارجها. الرئيس أوباما هو من أعلن بنفسه عن أن تحريك أو استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الأسد يعني تغييرا في قواعد اللعبة، وتجاوزا للخطوط الحمراء، وأنه سيترتب عليه تدخل أميركي، وللتدخل بالطبع أشكال مختلفة.. الآن فعلها الأسد حيث حرك الأسلحة، واستخدمها، وليس وفق المعلومات الأميركية فحسب، بل والمعلومات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية، وكذلك الأدلة التي قدمتها المعارضة السورية، ولا ننسى بالطبع حين تبجح النظام الأسدي بأن المعارضة هي من استخدم تلك الأسلحة وليس هو، هذا فضلا عن رفض النظام السماح لفريق الأممالمتحدة بالدخول لسوريا والتحقق من خلفيات استخدام الأسلحة الكيماوية! الآن وقع المحظور، وتجاوز الأسد كل الخطوط الحمراء، وفقا لمقاييس الرئيس أوباما نفسه، علما أن القتل هو القتل سواء بطائرة أو قنبلة، ونظام الأسد ارتكب بحق السوريين كل أنواع الفظائع، فما الذي سيفعله الرئيس أوباما حيال الأسد حيث تغيرت قواعد اللعبة، وتجاوز الأسد الخطوط الحمراء؟ هل يواصل الرئيس الأميركي التردد، ويحاول تجنب اتخاذ مواقف حاسمة تجاه جرائم الأسد ويفقد بذلك مصداقيته؟ وهل تعي الإدارة الأميركية خطورة ما فعله الأسد، سواء كان حجم المستخدم من الأسلحة الكيماوية قليلا أو كثيرا؟ وقد يقول قائل إن صدام حسين فعلها من قبل تجاه الأكراد، ولم يعاقب حينها! وهذا صحيح، وكانت جريمة بكل المقاييس، لكن لو عوقب صدام لما تجرأ الأسد اليوم، كما أن ظروف المنطقة الآن تعقدت جدا، خصوصا مع سعي إيران لتملك الأسلحة النووية، وخلافها، مما يشي بجحيم قادم. وللأسف، فإن الثابت الآن أن من امتلك هذه الأسلحة من أنظمة المنطقة لم يستخدمها ضد عدو، بل ضد شعبه، هذا ما فعله صدام، وهذا ما يفعله الأسد الآن، وهذا ما ستفعله إيران غدا في حال تم السماح لها بامتلاك الأسلحة الكيماوية أو النووية. والأخطر هنا، وهو أمر وارد جدا، أن يقوم نظام الأسد الآن بتزويد إحدى الجماعات المحسوبة عليه بشيء من الأسلحة الكيماوية ليتم استخدامها ثم يقول إن «جماعة إرهابية» تقف خلفها، على غرار بيانات «القاعدة»، أو بيان «أبو عدس» بعد اغتيال رفيق الحريري! ولذلك فإن ما فعله الأسد لم يغير قواعد اللعبة في سوريا فحسب، بل في كل المنطقة، خصوصا أنه قد ثبت للرئيس أوباما شخصيا خطورة الأسد، وخطأ التردد حيال الأزمة السورية، ولذا فإن الضغوط تتزايد الآن على الرئيس أوباما لضرورة التحرك جديا وفعليا، وإلا يكون قد فقد مصداقيته، وعرض أمن المنطقة ككل للخطر. وعليه، وإلى أن يتحرك أوباما، فإنه هو الواقع تحت الحصار وليس الأسد طاغية دمشق. نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط