ناقشت ورشة عمل، عقدت تحت رعاية أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، برئاسة الدكتور محمود صقر، بعنوان: "أهمية توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية والمعملية وتعميق التصنيع المحلي ودور البحث العلمي"، دور البحث والتطوير في توطين صناعة الأجهزة الطبية في مصر وزيادة الاستثمار بها. افتتح الورشة الدكتور عمرو فاروق، مساعد رئيس اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، مؤكدًا دور الأكاديمية وما تقدمه من مجهودات وإنجازات واضحة في تطوير صناعة الأجهزة الطبية في مصر. قدم المهندس مصطفى الوكيل، المدير التنفيذي لشركة بايوبيزنس وخبير صناعة وتطوير الأجهزة الطبية، الجلسة الأولى بعنوان "معضلة البحث والتطوير"، التي ناقش فيها موضوعي تعريف صناعة الأجهزة الطبية والبحث والتطوير. تم مناقشة عملية تطوير وتصنيع الأجهزة الطبية التي يجب أن تتبع ال V model، والعائد على الاستثمار في حالة تصنيع أجهزة طبية منخفضة التكنولوجيا الذي يكون قليلًا جدًا، أما في حالة تصنيع أجهزة طبية مرتفعة التكنولوجيا يصبح العائد على الاستثمار أعلى بكثير. يذكر أن حجم الإنفاق على عمليات البحوث والتطوير للأجهزة الطبية خلال العام الماضي بلغ حوالي 49 مليار دولار، 38% من الاستثمارات تم ضخها عن طريق الشركات الخمس الكبرى، و33% من الاستثمارات تم ضخها عن طريق الشركات العشر التالية. تصدرت الولاياتالمتحدةالأمريكية قائمة الدول الأكثر استثمارًا في مجال الأجهزة الطبية، حيث تمتلك 55% من هذه الاستثمارات في العالم، فيما بلغت نسبة أوروبا بالكامل 14% في حين لا تمتلك أفريقيا أو المنطقة العربية أي استثمارات في تلك الصناعة المهمة. كما تم مناقشة فرص الاستثمار كمقدم خدمات تطوير تكنولوجيا Outsourcing للشركات الطبية الكبري بدلًا من العمل على أجهزة كاملة، والتي غالبا ما تكون أقسام التطوير بها مشغولة بعدد مشاريع كبيرة، حيث بلغت الاستثمارات الموجهة نحو هذا النوع من المشروعات السنة الماضية حوالي 2.5 مليار دولار. تم خلال الورشة استعراض الطلب المتوقع على الأجهزة الطبية داخل السوق المصرية، وعرض الدراسة التي قام بها وزير الصحة الأسبق الدكتور عادل العدوي، التي تقوم برفع حالة القطاع الطبي والخدمات المقدمة للشعب المصري. أوضحت الدراسة، أنه خلال الفترة المقبلة يجب إضافة عدد كبير من المستشفيات وأسرة الرعاية المركزة وحضانات الأطفال حتى يمكن تغطية المستهدف القومي لتقديم الخدمة الصحية الجيدة للشعب المصري. وهو ما يعكس أن السوق المصرية سوق واعدة جدًا ويمكن استثمار الوضع الحالي لجلب المزيد من الاستثمارات للقطاع الصحي مع وضع خطة لتطوير منتجي التكنولوجيا وتحويلهم من تغطية السوق المحلية للمنافسة بالسوق الدولية. وضعت الورشة روشتة علاج للتحديات التي تواجه صناعة الأجهزة الطبية في مصر، حيث اتفق الحضور على زيادة الأنفاق على البحث والتطوير في مصر، ورغم الدور الكبير الذي تقوم به أكاديمية البحث العلمي في هذا المجال إلا أنه يجب أن يكون هناك دعم أكبر من الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص لزيادة الاستثمار في عمليات البحث والتطوير لأهميتها في تطوير الصناعة بشكل عام. أكد الحضور، أن العائد على الاستثمار المتوقع في حال إنتاج تكنولوجيا تم تطويرها محليًا أكبر بكثير من العائد على تجميع أجهزة طبية من مصنع خارجي، حيث إن مالك التكنولوجيا هو الذي يحصل على النسبة الأكبر من المكسب، بينما يحصل من يقوم بالتجميع على أقل نسبة ممكنة. شدد الحضور على وجود مشكلات في الاستثمارات والتمويل، وأن المستثمر الجاد غير مهتم بهذا النوع من الصناعة، حيث إن العائد على هذه الصناعة يتأخر أكثر من 10 سنوات تقريبًا في حين يتجة نحو الاستثمار مرتفع المخاطر بشركات البرمجيات التي يتراوح العائد على الاستثمار بها بين سنتين إلى ثلاث سنوات. تم عرض بعض نماذج الشركات الكبرى التي قامت بالاستحواذ على شركات بحوث وتطوير تعمل على تكنولوجيا متقدمة Hi-Tech وأن أغلب عمليات الاستحواذ تمت بأمريكا لسابق ذكر أن أغلب الاستثمارات بالتكنولوجيا المتقدمة الخاصة بالأجهزة الطبية تسيطر عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشار الحضور إلى مشاكل عدم توفر المهندسين ذوي الخبرات الجاهزين لتطوير هذا النوع من الصناعة، كما لفتوا إلى وجود مشاكل تتعلق بكم الخبرات المتراكمة لدى فريق البحوث والتطوير والتي تؤدي إلى عدم تقدير الوقت اللازم لتطوير هذا النوع من التكنولوجيا بشكل دقيق ما يترتب عليه تأخير بتسليم المشروع بشكل عام. لفت الحضور، إلى عدم توفر المناخ الداعم لهذا النوع من الصناعة، حيث إن التصنيع لتلبية احتياجات السوق المحلية وفقط يؤدي إلى خسارة للاستثمارات، أما التوجة للسوق العالمية يشمل العديد من التحديات المتعلقة بالاختبارات والجودة وحجم الاستثمارات المطلوبة للمنافسة العالمية. شدد الحضور على ضرورة وجود توجة إستراتيجي عام للدولة نحو دعم صناعة الأجهزة الطبية، من خلال التركيز على أن تسهيلات الحصول على الأراضي والتراخيص غير كافية وحدها للقيام بهذا النوع من الصناعة (التجميعية بالأساس) ولكن يجب الحصول علي تسهيلات أخرى (النموذج الماليزي). لفتوا إلى أن هناك تجارب عدة يمكن الاستفادة منها في هذا المجال منها التجربة الإيرانية، حيث استطاعت تلك الدولة تحت الحصار تطوير صناعة للأجهزة الطبية تلبي احتياجاتها، فهي تمتلك حاليًا 25 شركة ولديها 52 جهازًا طبيًا تم صناعتها بالكامل في إيران، بجانب التجربة الماليزية وهي تجربة رائدة أيضًا يمكننا الاستفادة منها بشكل كبير. هذا بجانب عدم حماية المنتجات المصرية الجادة من المنافسة العالمية الشرسة حال تواجدها بالسوق المصرية التي من الممكن أن تقوم بحرق الأسعار بالسوق لفترة ما يؤدي إلى تضرر المصنع المحلي وفشل تجربة الاستثمار. تابع الحضور: "إنه مع وجود كل المشكلات المذكورة يتجة المستثمر إلى الإستيراد بدلا من التصنيع الجاد لسهولة هذا الحل مقارنة بالتعقيدات المتعلقة بالتصنيع". أشار الحضور إلى التعقيدات المتعلقة بدعم التصدير ومنها تأخر وصول المواد الخام والخامات المستخدمة للبحوث والتطوير، بالإضافة إلى مشاكل خطوط الإمداد، هذا بجانب ارتفاع تكلفة المناطق الحرة مقارنة بالاستثمارات بالمناطق الصناعية.