ضمن فعاليات المهرجان القومى للمسرح فى دورته السادسة، أقيم أمس على مسرح معهد الموسيقى العربية ندوة للعرض المسرحي "1980 وانت طالع"، شارك فيها النقاد محمود عبدالله، وطارق راغب. ويبدأ العرض من خلال مجموعة من الشباب يقدمون أنفسهم أكبرهم سنا ثلاثة وثلاثون عاما والباقى أعمار متفاوتة من الثالثة والعشرين وحتى 25 عاما، في البداية يقدمون أنفسهم على أنهم متلقون للحياة وقد بدا عليهم بعض الإرهاق ولكنهم متجاوبون مع الحياة ويحاولون تجاوز أزماتها، وعبر عدد من المفارقات الكوميدية والأزمات التي واجهت هذا الشباب نتعرف على الحيوات التي نعيشها، ثم ننتقل من عالم الواقع للخيال مستشرفين المستقبل البعيد لنلاحظ أن نفس الأزمات تقريبا هي هي وإن اختلفت أدوات تقديمها. الصورة هكذا تبدو تقليدية ومعتادة، لكن الواقع وكما قيل سالفا فإننا نتعامل على التقريب مع سبعة وثلاثين فكرة (تيمة) لكن تظل آلية العرض وطريقة صناعة الكتابة هي الحد الفارق بين نص ونص أو بين إخراج عرض وآخر؛ حيث هنا تمتعت الكتابة بالكثير من العمق صعب الانقياد مع نعومة الاخراج والتمكن والسيطرة على المستهدف من العمل الفني وطريقة عرضه؛ مع حذف (الحشو) فى المشاهد إن جاز التعبير في أقل سياقاتها ومع هذا لم تكن مثقلة، والموسيقى – وهي من العروض القليلة التي تمتعت بهذه الصفة خاصة في العروض غير الاحترافية - تعاملت مع الدراما بدقة ومع مساحات الخلفية أيضا دون إزعاج. كما أن الميزة العظمى لهذا العرض أنه أكد لكل مرتزقي الإفيه أن الكوميديا قد تكون مضحكة للغاية بقدر ما تكون جادة وغير مسفة أيضا، كما أن الإشباع بالأمل كان سمة واضحة تؤكد فعالية هذه الفرقة ورغبتها في تجاوز الأزمة التي نمر بها معا. في هذا الإطار التفاعلي والفن الجاد، قامت الندوة المتابعة للعرض من قبل الناقدين محمود عبد الله وطارق راغب؛ قدم محمود عبدالله كلامه بحمد الله أنه قد شاهد هذا العرض لهؤلاء الشباب الذين يحملون القدرة على التعبير عن جيلهم وأزماتهم وما بداخلهم بهذه القدرة وهذه الجدية، كما أنه شعر وكأن المتفرج قد شاهد نفسه وشاهد مصر معه في هذه المرحلة الصعبة من حياة مصر؛ نلك الحالة التي تعاني من الجفاف التي يتعامل بها المجتمع مع الجيل الجديد. كما أن الكوميديا التي عرضتها الفرقة كانت سهلة رغم المعاناة التي كان يمر بها وما زال هذا الجيل، ولم تخرج الموسيقى عن هذا الإطار الذي تميز به العرض من جدة وإتقان, وأكبر دليل على ذلك –بحسب رأي الأستاذ محمود عبد الله- هو حفاوة الجمهور بما قدمت هذه الفرقة, التي استطاعت أن تعرض قضاياها وقضايا المجتمع المصري بكثير من الاستيعاب والجدية. وأما طارق راغب فقد عبر عن إعجابه بهذا العرض من خلال طرحه أفكارا وأداء متلامسا مع الواقع والشطح الخيالي المقبول من ناحية الدعم الدرامي، الذي أكد على ضرورة أن نتاكتف لتجاوز هذه الشبورة التي نمر بها جميعا لنرى العالم بشكله الأصح. كذلك فإن الرؤية العامة اتسمت بالجدية رغم التداخل الشديد بين الكباريه السياسي ومسرح الجريدة والميتافيزيقا في إطار من الدراما الكوميدية المريرة دون افتعال، مؤكدا في النهاية أن الممثل وهو أساس العملية المسرحية ولا يساويه في الأهمية إلا الجمهور الذي أعلن مرارا استجابته لهذا العرض الذي لم يعول كثيرا على الديكور والاكسسوار. والخلاصة أن المشكلات موجودة نعم لكننا قادرون على تجاوزها ولينا الأمل ولدينا أيضا أدوات النجاح ونحن قادمون.