تناقش الرقابة علي المصنفات الفنية إجازة مجموعة أفلام بأفكار جريئة تتناول قضايا زنا المحارم والشذوذ الجنسى. أول هذه الأفلام «أسرار عائلية» للمخرج هاني فوزي في أول تجربة إخراج، وفيلم «للكبار فقط» للمخرج علي بدرخان، وفيلم «الصمت» للمخرجة إيناس الدغيدى الذي سبق وأجازته الرقابة وقت ولاية الرقيب السابق سيد خطاب، وترددت أخبار مؤخراً عن إعادة مناقشة مشاهد فيه.. الرقابة حتي الآن وضعت موافقة مبدئية علي الأفكار وتناقش كيفية تنفيذها وسط تخوفات من سيطرة التيارات الدينية علي الشارع المصرى، وهو ما يخلق تخوفات أمام الرقابة من إجازة مثل هذه الموضوعات خاصة في ظل كساد الإنتاج السينمائى، وفي النهاية هل تنتصر الرقابة للفن وحرية الإبداع أم تظل أسيرة لمخاوفها. هاني فوزي صاحب أفكار جريئة قدمها كمؤلف من خلال أفلامه «الريس عمر حرب» و«بالألوان الطبيعة» و«بحب السيما»، وقرر أن يخوض تجربة الإخراج للمرة الأولي من خلال فيلم «أسرار عائلية» سيناريو وحوار محمد عبدالقادر لإعجابه بفكرة تناقض قضية الشذوذ، وقال إن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية وهي رحلة علاج وشفاء شاب من الشذوذ الجنسي، والفيلم يتعامل مع القضية من جانب نفسي حيث شخصيات تكتشف أن لديها مشاعر معينة، يحاول التعامل معها، ويقرر العلاج، وفي نصف الطريق يقابل مشكلات وشخصيات نكشف من خلالها الأزمات التي تواجه هؤلاء المرضى، منهم الأطباء النفسيون وكيف يتعاملون مع المرض. عن فكرة تقديم فيلم بهذه الجرأة قال فوزي من حقنا أن نناقش كل الموضوعات أياً كانت طالما أنها موجودة في المجتمع، وبالفعل هناك احتياج لفتح الموضوع ومناقشته بطريقة تحل مشكلة هؤلاء الشخصيات ولا تجعلهم يتقوقعون داخل اللوبى المثلى لأن المجتمع يرفضهم ولن يتقبلهم. وعن جرأة الفيلم في زمن كبت الإبداع قال إن الفكرة الجريئة تحتاج من يدعمها دائماً، ولذا وجدنا منتجاً في تجربته الأولى، ووجد أنها قضية تستحق المناقشة. وأضاف فوزي خلال عمري قدمت أفلاماً جريئة وحققت نجاحاً لأنها تمس المجتمع، وأعتقد أنني لن أعمل في الفن لو كان الخوف تملكني، ما يحكمني هو مصلحة الناس. وما يهمني أن أقدم شيئاً ممتعاً ومفيداً يصلح للمشاهدة بعد 50 عاماً، فالمهم بالنسبة لي تقديم فيلم به عمق، وهذا هدفي من ممارسة الفن ليس هدفاً ربحياً أو للشهرة، لكنني أعتنق هدف إفادة المجتمع. وأشار رفيق الصبان أن فيلم «الصمت» وافقت عليه الرقابة عندما كان رئيسها سيد خطاب، ولا يمكن أن يعرض مرة أخرى علي الرقابة، وكانت التعديلات في إضافة 5 مشاهد تدور حول العامل النفسي للوالد الذي قاده إلي اغتصاب ابنتيه، حيث تدور الأحداث حول فتاة تتعرض للاعتداء الجنسي من والدها علي مدي فترة طويلة هي وأختها وتعمل دكتورة وعندما تعرض عليها إحدي الحالات التي تعرضت للانتهاكات الجنسية تتذكر ذلك، وتمر بقصة حب يمنعها فيها ماضيها من أن تستكملها. وقال الصبان إن المخرجة إيناس الدغيدي لم ترغب في إنتاج الفيلم وحدها وقررت أن تبحث عن منتج آخر، وتوقف تصوير الفيلم للبحث عن منتج وسنبدأ التصوير. وأضاف الصبان أن التعديلات التي طلبتها الرقابة كان هدفها عدم تعميم القضية وأن نذكر أنها قضية خاصة ومحدودة، ورغم أن القضية تم تناولها كثيراً في القصص والأفلام في السبعينيات والثمانينيات إلا أن شروط الرقابة لم تكن كثيرة. واختتم الصبان حديثه قائلاً أتخوف علي خروج الفيلم في عصر الإخوان والمنتجون كذلك مترددون في تمويله لأنه من الممكن بعد تنفيذه والاتفاق عليه يمنع عرضه بسبب قواعد الإخوان. أما المخرج علي بدرخان فأكد أن فيلمه «للكبار فقط» تأليف علي الجندي يتناول قضية زنا المحارم ولكن بشكل فرعي، وأضاف أن الجرأة في تقديم الأعمال هي أساس الفن والمهم ليست في القضايا التي نناقشها ولكن في كيفية مناقشتها، فعندنا قدمت في فيلم «الكرنك» مشهد الاغتصاب أثار إعجاب الجميع وكان مشهداً اهتز له الجمهور ووصلت الرسالة الموجوة من الفيلم، وقدم بشكل لائق ومحترم لا يخدش حياء الشعب المصرى، وقال بدرخان إن هناك أعمالاً تدعو للإثارة وهي لا تناقش أي قضايا جريئة لكن العرض هو ما يحكم إذا كانت القضية تستحق المناقشة أو لا. وأشار بدرخان أن الرقابة طلبت بعض التعديلات الخفيفة بحوار الفيلم وتخفيف بعض الألفاظ وليست المشاهد لأننا لم نخدش الحياء وبالفعل وافقت الرقابة مبدئياً وننتظر اختيار الأماكن لنبدأ التصوير. أشارت المخرجة إيناس الدغيدي أن المبدعين لا يجب أن يضعوا رأسهم في الرمال، هناك قضايا في المجتمع لابد أن تخرج للنور، وهو منطق مطبق في العالم كله. فلا توجد رقابة علي السيناريوهات في جميع دول العالم لأن الفن لا يتحمل القيود عليه، وقضية فيلم «الصمت» أعتقد أنها باتت موجودة في المحاكم كثيراً، فالمجتمع المنغلق المريض فقط هو ما يتخوف من عرض مشاكله أمامه. رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية عبدالستار فتحي أكد أن الرقابة لا ترفض أفكاراً لكنها تعتمد في اختياراتها علي طريقة تناول القضية، وهو بالفعل ما نناقشها أثناء إجازة الأفلام التي تناقش القضايا الجريئة، وأضاف فتحي أنه من المستحيل رفض فيلم في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها السينما الآن فنحن نتمني تقديم أي عمل ولكن بشرط أن يتناسب مع العادات والتقاليد المصرية، فلا يوجد قانون يجعلني أرفض أفلاماً تناقش الشذوذ الجنسي وزنا المحارم وغيرها لأنها بالفعل قضايا موجودة في المجتمع. وأشار فتحي أن الرقابة تجيز الفيلم بعد وضع شروطها عليه وهو بالفعل ما حدث مع فيلم «الصمت» للسيناريست رفيق الصبان الذي غيرنا فيه 5 مشاهد وفيلم علي بدرخان «للكبار فقط» من تأليف علي الجندي، وبالفعل وافقنا علي نسخه وعندما تقدم بدرخان بنسخة أخرى طالبنا بالنسخة الأصلية المعدلة. وأكد فتحي أن الإبداع قائم علي الجرأة ولا توجد مؤسسة في مصر يمكن أن تجرم الإبداع أو تكبته، ما يتردد عن أن الإخوان المسلمين أو غيرهم من الجماعات الإسلامية يتحكمون في الإبداع في مصر فهذا هراء، ببساطة لأن الفن هو كسر القاعدة، والرقابة والنقابات تسمع عن الإخوان مثل الشعب بالضبط، لذا فكل شيء قابل للطرح، ولو كانت هناك قواعد من جانب الحكومة لرفضنا مخرجاً مثل هاني فوزي مثلا الذي تعودنا منه علي تقديم أفلام جريئة دائماً، وأتذكر أنني من أعطيت هاني فوزي تصريح فيلم «بحب السيما» الذي قلب موازين السينما وقتها بما تناوله من جرأة دينية غير مسبوقة، لذا فأنا أطبق القانون المجتمعي لمصر بما يتناسب مع الإبداع والتقاليد، ولا يمكنني أن أرفض قضايا لمجرد الخوف من الخوض فيها، وهذا دور الفن نقل الواقع.