قالت وكالة الأنباء الفرنسية -في تقرير لها-: إن الإعلامي باسم يوسف عاد من جديد ليواصل سخريته من الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وحلفائها، وذلك بعد أقل من أسبوع من خضوعه للتحقيق أمام النيابة العامة بتهم تتعلق بإهانة الرئيس وازدراء الدين الإسلامي. وأشارت الوكالة إلى أنه استهل برنامجه الساخر «البرنامج» بقوله بطريقة ساخرة «بصراحة موضوع النائب العام فتح عيني على حاجات كثير.. مش كل شوية مرسي مرسي»، وتابع بسخريته المعهودة أن ذلك «مش خوف ولا تراجع إطلاقا.. ولا أنا بجيب ورا». وبدا «يوسف»، حسبما ذكرت الوكالة، غير مكترث بمواصلة ملاحقته قضائيا مجددا إذ واصل نفس أسلوبه الساخر وانتقاده اللاذع للرئيس مرسي في تحدٍ واضح منه للأمر. واستمر «يوسف» في انتقاد سياسات الرئيس المصري وجماعة الإخوان مستخدما مقاطع فيديو تحمل تصريحات أو مشاركات إعلامية للمسئولين دون أن يوجه الانتقادات على لسانه هو مباشرة. وخلال الفقرة الأولى لبرنامجه وعلاوة على السخرية المعتادة من مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس، وجه «يوسف» نقدًا للطريقة التي عين بها مرسي النائب العام الذي أصدر قرار التحقيق معه، كما سخر «يوسف» من تناول بعض الإعلاميين لقضيته خاصة المنتمين للتيار الإسلامي. وأظهر مشاهدو البرنامج في منطقة مقاهي البورصة ذائعة الصيت في وسط القاهرة تجاوبا كبيرا مع برنامج باسم. وساد الهدوء مع بداية بث البرنامج الذي اجتذب اهتمام الجميع بشكل غير مسبوق، ويشير ذلك، حسبما رأت الوكالة، إلى أن ملاحقة المذيع أكسبته تأييدا شعبيا ونسبة مشاهدة أعلى حيث خلا عدد كبير من شوارع وسط العاصمة من السيارات والمارة أثناء عرض البرنامج. وقال العامل الفني مصطفى غريب (24 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية أثناء مشاهدة البرنامج: «باسم يوسف لم يخف لأنه من غير المقبول أن ينخفض سقف الحريات بعد الثورة». ووصف المهندس أحمد حسن (24 عاما) باسم يوسف بأنه «شجاع لأنه لم يخف من الملاحقة وواصل طريقته في نقد الواقع الذي نعيشه». من جانبه، وفي تقرير مطول عن باسم يوسف والإعلامي الأمريكي جون ستيوارت، قالت وكالة رويترز للأنباء، اليوم السبت: إن الأمريكيين ينظرون إلى جون ستيوارت على أنه «ثروة قومية»، وأنه «في أداء مبدع له»، الاثنين الماضي، سخر من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة المصرية ضد الإعلامي الساخر باسم يوسف والذي لقب باسم «جون ستيوارت المصري»، واعتبرت الوكالة أن «مصر غارقة في حالة من التآمر وانعدام الثقة واليأس، ومرسي لا يزال يخطئ في حساباته وتقديراته وكذلك معارضوه»، وأن أفضل أمل لمصر هو حل الخلافات عبر صناديق الاقتراع لا في المحاكم والشوارع. وأشارت «رويترز» إلى أنه في مصر نظر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على مقاليد الحكم إلى برنامج «ستيوارت» بطريقة مختلفة بعض الشيء، فقد اعتبروا أن انتقاد الإعلامي الساخر للرئيس محمد مرسي هو أحدث إهانة من دولة دعمت الزعماء المستبدين في مصر لعقود. وتعليقًا على أن اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد الإعلاميين الساخرين يترك أثرًا سيئًا في واشنطن، قال عضو كبير بجماعة الإخوان المسلمين: إن المفاهيم الغربية لحرية التعبير تستخدم من جديد في ازدراء الدين الإسلامي، وقال عضو الجماعة للصحفي الأمريكي لورين بون، الأسبوع الماضي، «نعم نفس الغرب الذي أيّد حرق القرآن، نحتاج إلى وضع خطوط حمراء». وتشير «رويترز» إلى تزايد حدة الاستقطاب السياسي في مصر، وتأجيل الانتخابات البرلمانية المهمة حتى أكتوبر في الوقت الذي يزيد فيه الجانبان من مشاركتهم في أعمال العنف بالشوارع وتوجيه انتقادات لاذعة للطرف الآخر، وشبّه الزعيم المعارض محمد البرادعي الحكومة ب«الأنظمة الفاشية» على موقع «تويتر»، الأسبوع الماضي، وتعهد مرسي ب«كسر رقبة» كل من يلقي قنابل حارقة في الشوارع. وقال ناثان براون، الأستاذ بجامعة جورج واشنطن والخبير البارز في الشؤون المصرية، ل«رويترز»: «أشعر بالقلق، فهذا نظام سياسي واهن، إنه نظام لا يمكنه الوصول إلى توافق». ورأت «رويترز» أنه وعلى الرغم من محاولة صرف الأنظار عن تحطم القطار السياسي في مصر بعد الثورة، ليس هناك دولة عربية أخرى أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، وأن مصر أكثر الدول العربية سكانًا هي العاصمة الثقافية لمنطقة الشرق الأوسط، وشهدت صراعًا على السلطة بين المحافظين والليبراليين من شأنه أن يؤثر على الساحة السياسية والثقافة والعقيدة في المنطقة لعدة عقود. وأوضحت «رويترز» أن المعارضين استغلوا قضية باسم يوسف باعتبارها أحدث مثال على تجاوز وتعصب جماعة الإخوان المسلمين، غير أن موطن الضعف السياسي للجماعة، حسبما ذكرت الوكالة، يكمن في طريقة تعاملها مع الاقتصاد المصري والانفلات الأمني المتزايد، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية التي أثارت حالة من الاستقطاب في البلاد. وأكدت «رويترز» أنه رغم استمرار نهج الحقبة الماضية، لكن هناك بعض الإيجابيات، فقضية «يوسف» على سبيل المثال تعد دليلًا على انتشار العولمة والتكنولوجيا بشكل يتعذر إيقافه، هذا الطبيب الذي صار إعلاميًا ساخرًا أسس نسخة مصرية ذات شعبية واسعة من برنامج «ديلي شو»، ينتقد فيها النخبة السياسية في البلاد على شاشة واحدة من بين 30 قناة فضائية جديدة. وقالت الوكالة، إنه ومنذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 شاع انتقاد السلطات في المجتمع المصري، وهو اتجاه تسعى جماعة الإخوان المسلمين للحد منه بطريقة «تفتقر إلى البراعة والإتقان»، وقضية «يوسف» ليست سوى واحدة من بين 33 دعوى قضائية مقامة ضد إعلاميين ساخرين ونشطاء وسياسيين ومدونين في الأسبوعين المنصرمين فقط. وأشارت «رويترز» إلى أن رد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان مرتبكًا مثلما كان رد فعلها في بداية الثورة المصرية، إذ قامت السفارة الأمريكية في القاهرة في بادئ الأمر بنشر رابط ل«ستيورات» على موقع «تويتر». ونقلت «رويترز» عن الصحفي الأمريكي، لورين بون، قوله: إن رد فعل واشنطن المشوش أربك المصريين، وفي مقابلات أجريت الأسبوع الماضي، قال عدد من المصريين إنهم لا يعرفون ما تريده واشنطن، كما أنه من ناحية أخرى تعهد بعض كبار الأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين بالمضي قدمًا، وفي قضية «يوسف» أقام أعضاء بالجماعة دعاوى قضائية رسمية يتهمون فيها الإعلامي الساخر بانتهاك قوانين قديمة تجرم إهانة الإسلام أو رئيس الدولة. وأشار بيتر هيسلر في مجلة «نيويوركر»، الخميس، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين قد تكون على حق، ووصف «هيسلر» وجهة نظر مدرسه للغة العربية في هذا الخلاف، فعلى الرغم من غضب المدرس من الوصف غير اللائق لفيديو «ستيوارت» في إحدى الصحف المصرية إلا أنه يرى أن الإعلامي الأمريكي الساخر جزء من مؤامرة يهودية، وسأل المدرس «هيسلر» قائلا: «هل تعلم من هو جون ستيوارت.. إنه يهودي أليس كذلك؟»، ورغم ذلك قال المعلم أيضًا: إن جماعة الإخوان المسلمين تستغل القضية المقامة على «يوسف» لصرف أنظار المصريين عن الوضع الاقتصادي المزري في البلاد. وأوضحت «رويترز» أنه ليس من الواضح حاليًا ما إذا كانت الجماعة تفقد شعبيتها الواسعة التي سمحت لها بتحقيق فوز ساحق في الانتخابات التي أعقبت الثورة، وتظهر استطلاعات الرأي أن مرسي يفقد شعبيته في المناطق الحضرية وبين الشباب، لكنه يحتفظ بشعبية قوية في المناطق الريفية الفقيرة. وقال «براون»، الأستاذ بجامعة جورج واشنطن، إن جماعة الإخوان المسلمين ضعيفة سياسيًّا، وحث «براون» جماعات المعارضة على رفض الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية وتوحيد صفوفها، وأضاف: «المعارضة لها فرصة هنا، لن تفوز في الانتخابات المقبلة، لكنها قد تفوز في الانتخابات التي تُجرى بعد ذلك». واختتمت «رويترز» تقريرها بأن مصر غارقة في حالة من التآمر وانعدام الثقة واليأس، ومرسي لا يزال يخطئ في حساباته وتقديراته وكذلك معارضوه، وأن أفضل أمل لمصر هو حل خلافاتهم عبر صناديق الاقتراع، لا في المحاكم والشوارع.