سؤال أود أن أطرحه علي جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الجهاد والجماعة السلفية وجميع تيارات وجماعات الإسلام السياسي في مصر بمختلف توجهاته، ماذا لو تم إجراء انتخابات رئاسية وترشح قبطي علي مقعد رئاسة الجمهورية وفقاً لأحكام الدستور المصري الذي لا يمنع ترشح قبطي لمنصب رئيس الدولة؟.. وتقدم هذا المرشح القبطي وقدم برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً قوياً ومميزاً واختاره الشعب المصري رئيساً لجمهورية مصر العربية في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وتحت إشراف قضائي كامل؟.. هنا يثور التساؤل: ماذا سيكون رد فعل التيارات والجماعات الإسلامية وخصوصاً تيار الإسلام السياسي تجاه إرادة الشعب في اختياره رئيساً قبطياً لحكم البلاد؟.. هل سترضخ وتستسلم تلك التيارات والجماعات لإرادة واختيار الشعب أم أنه سيكون لها رأي آخر ونري فصولاً دراماتيكية مختلفة تقوم ببطولتها التيارات والجماعات الإسلامية في مصر، وللتعرف علي إجابة هذا السؤال يجب أن نتناول هذا الطرح من عدة محاور أولها، هل تؤمن التيارات والجماعات السياسية الإسلامية بفكرة ترشح القبطي لمنصب رئيس الجمهورية كمواطن مصري يتمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها غيره من المواطنين المصريين المسلمين وفقاً لأحكام القانون والدستور. الأمر الثاني علي أي أساس سيكون الاختيار والتقييم للمرشح القبطي من قبل الجماعات الإسلامية، هل سيتم تقييمه علي أنه مرشح قبطي دون النظر إلي برنامجه الانتخابي ويتم إقحام الدين في المسألة وتشن ضده حملات دينية علي أساس أنه لا ينتمي للأغلبية المسلمة في مصر وأنه لا ينبغي له الترشح لهذا المنصب وأن هذا المنصب هو فقط وحصرياً للمواطنين المصريين المسلمين، أم أن رؤيتهم وتقييمهم لبرنامج المرشح القبطي سيكون بناء علي أنه مواطن مصري يعيش علي أرض مصر شارك مع المصريين في ثورة 25 يناير، وتعرض كباقي المصريين للقمع والقهر علي مدار ثلاثين عاماً، ويتمتع بكافة الحقوق السياسية والدستورية التي يكفلها الدستور لجميع المصريين، وتتم مناقشته في برنامجه الانتخابي عن ماذا سيقدمه لسكان العشوائيات مثلاً؟.. أو ما هي آلياته وأفكاره لمواجهة مشكلة كالبطالة؟.. وكيف سينهض بالاقتصاد المصري؟.. وكيف سيقضي علي الفقر والجهل والأمية وغير ذلك من الأمراض المتفشية في المجتمع المصري، وما هي استراتيجيته ورؤيته لحل أزمة مياه النيل وغير ذلك من أولويات الإصلاح في مصر. إن فكرة إقصاء الآخر والانفراد بالرأي هي سبب رئيسي من أسباب ثورة 25 يناير عندما قام النظام السابق بإقصاء جميع الآراء والأصوات التي نادت بالإصلاح والتغيير علي طريقة »خليهم يتسلوا« هذا التجاهل التام أدي إلي انفجار الجميع، مسلمين ومسيحيين، فالنظام السابق لم يكن يفرق في استبداده وقمعه لشعب مصر بين مسلم ومسيحي، الكل تعرض للاضطهاد الفكري والسياسي وأيضاً الديني من قبل النظام البائد، ولا ننسي أن شهداء ثورة 25 يناير لم يكونوا من المسلمين فقط ولا من المسيحيين فقط بل هم مواطنون مصريون شرفاء من كل الأطياف خرجوا وتوحدوا من أجل المطالبة بالخبز والحرية والكرامة والعدالة دون النظر إلي عقيدة أو انتماء ديني أو طائفي، ولقد شاهدنا كم المحبة والتآخي بين الجميع في ميدان التحرير الذي كان يتسع للجميع مسلمين ومسيحيين، فكان المسيحي يقوم علي حماية شقيقه المسلم أثناء أدائه الصلاة وأيضاً العكس، والطبيب المسلم يعالج شقيقه المسيحي المصاب، واقتسم الاثنان رغيف الخبز في كل ليلة من ليالي الثورة، إلي آخر هذه المظاهر العظيمة التي تعبر عن الوحدة الوطنية وروح التسامح التي زخر بها ميدان التحرير، وهذا الذي نريده من أبناء الوطن الواحد أن يتكاتف الجميع من أجل النهوض بدولة تخلفت عن ركب التقدم لسنوات طوال، فلا ينبغي لأحدنا أن ينتزع من الآخر حقاً من حقوقه، وليكن الشعب هو الحكم والصندوق هو الفيصل، ولترفع الوصاية عن المصريين ونترك الجميع يقرر ويختار مستقبله، فالمصريون أكبر من أن يقوم أحد بالوصاية عليهم.