6 محاور متكاملة.. مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للسكان    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 21-6-2024 بالصاغة    محافظ الغربية يتابع حملات التشجير والتجميل بالمحافظة    إزالة منشآت مخالفة في أحياء مدينة العريش    مصر ترحب بإعلان جمهورية أرمينيا اعترافها بدولة فلسطين    هيئة البث الإسرائيلية: نستعد للإعلان قريبًا عن هزيمة الذراع العسكرية لحماس    أخبار الأهلي : الأهلي يفلت من كمين الداخلية بثنائية    تفاصيل عرض الاتحاد السعودي لمدرب ميلان السابق بيولي    تصادم سيارة زفة بعمود كهرباء بطريق طنطا    بعد وصول وفيات الحجاج إلى 49.. الرئيس التونسي يقيل وزير الشؤون الدينية    محمد إمام مهنئاً صناع ولاد رزق 3: النجاح ده للسينما المصرية    مواجهات بين قوات الاحتلال والفلسطينيين بعد اقتحامها الضفة الغربية    بالأحمر.. هدى الإتربي تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها من فرنسا | فيديو    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    يورو 2024.. مبابي على مقاعد بدلاء فرنسا فى مواجهة هولندا    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    خلال ساعات.. مصطفى بكري: تغييرات في تشكيل الهيئات الإعلامية (فيديو)    شباب كفر الشيخ: ممارسة المسنين والأطفال للرياضة بأحياء كفر الشيخ    الكاتب الصحفي إسلام عفيفي يكتب : حكومة الجمهورية الجديدة    قانون لحل مشاكل الممولين    حدث في 8 ساعات| وقف إصدار إحدى تأشيرات العمرة.. ومواصفات أسئلة اللغة العربية لطلاب الثانوية    القابضة للمياه: فتح باب القبول بمدارسها الثانوية الفنية للعام الدراسي الجديد    قطر: الفجوات قائمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة رغم التقدم في المحادثات    موهوب ريال مدريد على رادار ليفربول بفرمان سلوت    تامر حبيب يحيي ذكرى وفاة سعاد حسني: "أدعو لها على قد ما سحرتكم"    المفتى: تطور العلوم لا يمكن أن يكون إلا من خلال إعادة النظر    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام -(فيديو)    من «الضفة الأخرى».. داليا عبدالرحيم تكشف مخاطر صعود اليمين المتطرف بأوروبا وعبدالمنعم سعيد يصفهم بالنازيين الجدد    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    مصدر ل"يلا كورة" يكشف الموعد المقترح من كاف لإقامة أمم أفريقيا    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    الأمم المتحدة: عددا من الأسر فى غزة يتناولون وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    مدرب وحارس الأرجنتين ينتقدان حالة ملعب مواجهة كندا في كوبا أمريكا 2024    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    ارتفع عالميًا.. سعر الذهب اليوم الجمعة 21 يونيو 2024 وعيار 21 الآن للبيع والشراء    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الأهلي والداخلية باستاد السلام    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    وزير الإسكان: إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول "أسوان" وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية القرود.. وديكتاتورية البشر!
نشر في الوفد يوم 19 - 03 - 2013

لا أعرف ما الذى جرفنى إلى التنقيب فى هذه المنطقة، ربما لتردى وتشابك أوضاعنا السياسية فى المجتمعات العربية المتعطشة لرياح الحرية فإذا بها تواجه بعواصف التحريم والتكفير فتختلط عليها الأمور وتفضل الابتعاد عن شبهات الممارسة الديمقراطية وتستسلم لديكتاتورية الأقلية، وربما اندفعت للبحث فى هذه المسألة خلفا للتيار الشبابى الجارف الذى راح يفتش فى الشبكة العنكبوتية عن ماهية الحرية السياسية التى يفتقدها فى ممارساته اليومية نتيجة الاستحواذ والتخوين والتطفيش.
هدانى تفكيرى إلى عالم القرود باعتباره يأتى فى المرتبة الحيوانية التالية مباشرة لعالم البشر، من حيث الذكاء والتصرفات والعديد من الخصال الفيسيولوجية، فكانت المفاجأة ما اكتشفه علماء فرنسيون مؤخرا من أن إحدى مستعمرات القرود من نوع «ماكاك» تطبق فيما بينهم ديمقراطية راقية فى علاقتهم.
وأشار العلماء الذين نشروا بحوثهم إلى صعوبة البحث عن وجود برلمانات أو حكومات أو محاكم دستورية أو انتخابات منتظمة فى المستعمرات الحيوانية، لأن هذه المؤسسات هى صناعة بشرية خالصة، تقوم على تنظيم حياة المجتمع طبقا لأسس ثابتة إلا أنهم وتوصلوا فى الوقت ذاته إلى ان مجتمع قرود الماكاك يتفق فيما بينه على تنفيذ أى عمل من الأعمال من خلال عملية استفتاء وانتخاب جماعي!
فإذا حدثت مشكلة ما فإن قيادة الجماعة تجتمع وتتخذ القرار لحل هذه المشكلة، وإذا كان لدى أحد القردة ثمة رأى أو فكرة للحل فإنه يقوم بطرح فكرته هذه على الآخرين ثم يخرج من الاجتماع بانتظار الحل، لكن القرار الأخير يبقى محصورا بيد اللجنة أو المجلس القيادي، والقردة التى تستحسن الفكرة أو المقترح ولديها رغبة لتحقيق الحل المطروح، تعبر عن موافقتها من خلال الإشارة.
وإذا حصل المقترح الأصلى على توافق أكثرية القرود، فإنه سيحظى بالموافقة، أما الأقلية فإنها تخضع لإرادة الأكثرية من دون أى شروط، ويصبح القرار خاضعاً للتنفيذ، وأثناء تنفيذ هذا القرار يجب على الجميع احترام طبيعة القوانين السائدة فى المستعمرة، فضلاً عن مشاركة الجميع فى تنفيذه، ولا يستثنى من ذلك الإناث أو الذكور أو حتى الصغار.
وخلص البحث العلمى إلى التزام جميع القرود بالقواعد الديمقراطية لأنها تستخدم من قبل مجتمع المستعمرة الحيوانى بصورة منتظمة ومستمرة.
أما بالنسبة للأنواع الأخرى من القردة، فإن الهيئة القيادية تكون فى العادة هيئة ذكورية حيث تستبعد الإناث من أى دور قيادى وهذا النظام الاجتماعى يمكن رؤيته بصورة جلية عند مجتمع الغوريلا.
وتعيش قردة الماكاك الديمقراطية فى الغالب فى آسيا، ولكن وطنها الآخر الذى تم اكتشافه من قبل المختصين هو شمال أفريقيا، وقيل أنها عاشت فى القارة الأوروبية قديما، ويعتبر الماكاك من أكثر أنواع القردة ذكاء وفطنة وقدرة على التصرف الاجتماعى المنضبط، فضلاً عن سلوكه الطبيعى الهادئ والمؤدب.
على جانب آخر، توصل خبراء سويديون إلى أدلة حاسمة تفيد بأن القردة تخطط مسبقاً من خلال استخدام خيالها والسيطرة على نفسها لتأمين مستقبلها، ويبدو أن الإنسان الذى فشل فى مجاراة القرود فى التنظيم والتخطيط واستيعاب الآراء المعارضة راح يحرم على نفسه وغيره العديد من الأمور التى أقرتها الفطرة، فاستبدل إنسان العالم الثالث مقولة الديمقراطية والحرية بقاعدة التعايش الاجتماعى وفق قواعد اللعبة السياسية التى تقتضيها النخبة قبل العامة.
وتراهن الأقلية الديكتاتورية على أن الوقت كفيل بتغيير كل شىء، سواء أكان مرتبطا بالفطرة أو بالمكتسبات التاريخية، ودليل إنسان العالم الثالث هنا أن مجموعة من العلماء وضعوا 5 قرود فى قفص واحد، وفى وسط القفص يوجد سلم وضع فى أعلاه بعض الموز، وفى كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقى القرود بالماء البارد، وبعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يتم رشهم بالماء البارد، وبمرور الوقت لم يجرؤ أى قرد على صعود السلم لأخذ الموز، على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب, بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرداً جديداً فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز وعلى الفور يبادر الأربعة الباقون بضربه وإجباره على النزول، وبعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدرى ما السبب، كرر العلماء التجربة بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد آخر وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدرى لماذا يضرب.
وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة وصار فى القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا، ومع ذلك يضربون أى قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب، ومثل هذا الاضطهاد المستمر والتحريم المتعمد يخلق جيلاً من الغباء الاجتماعى حسب نظرية آينشتاين.
وخلاصة الأمر أن إنسان العالم الثالث يتفنن فى تحريم الممارسة الديمقراطية، ليس فقط على نفسه ولكن أيضا على «إنسان الغاب»، فى الوقت الذى يقف فيه دعاة الحرية منبهرين بفيلم «كوكب القرود» وكيف تمسك هذا الحيوان بفطرة الديمقراطية ورفضه استبدالها بديكتاتورية البشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.