إذا حدثت نفسك ، برؤية اساطير فرعونية صوت وصورة فما عليك إلا أن تذهب الى المنيا ، فالمنيا ليست مجرد ، أرض ، وبشر ، ونيل ، وزرع ، ولكنها سجل تاريخي ليس له مثيل، ففيها أقام الفراعنة حينا من الدهر ، وتركوا آثاراً ونقوشاً تحكي أساطير مثيرة، وعندما تتسلم رسالة من قلب الصعيد وعروسه المنيا، فأنت سعيد الحظ، لأنك سوف ترى وجها جميلا ، يزين مقدمة الرسالة، وإذا كنت من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي ، فلن تفارق موقعها، إلا وينابيع الفجر توشك أن تنهمر. وإذا كنت مدعوًا لزيارتها، أو مسافرًا على طريقها ، فسوف يكون هذا الوجه فى استقبالك بإبتسامة ساحرة، تلطف من شمس الصعيد الحارقة، هذا الوجه اتخذته المنيا شعارا لها، لتتفرد بين المدن المصرية ، بأن يكون رمزها امرأة، والمثير للدهشة والإعجاب أن تكون تلك المدينة فى صعيد مصر، المسكون بقوة الرجل وخشونته، عن حنان المرأة وجمالها، منذ ما يقرب من أكثر من قرن، وفي عام 1912 تحديدا، عثر عالم المصريات الألماني "لودفيج بورشاردت"، على تمثال رأس جميلة الجميلات المصرية، الملكة نفرتيتى . في حفائر مدينة "أخيتاتون"، أو "تل العمارنة" بمحافظة المنيا، ومدينة ( أخيتاتون) ، بناها الملك إخناتون عام 1365 ق.م، لتكون عاصمة مصر ومقر عقيدة (آتون) التوحيدية،وقد دمرت تلك المدينة ، ونهبت قصورها، قبل أن يقوم الفرعون الذهبي" توت عنخ آمون" خليفته فى الحكم بنقل العاصمة مرة ثانية إلى (طيبة) لإحياء ، عقيدة آمون، وقد عثر على تمثالها، الذى يعتبر تحفة فنية في منطقة ، (تل العمارنة) بمحافظة المنيا ، وذلك قبل العثور علي أطلال المدينة العملاقة نفسها ، والتى كانت يومًا عاصمة لمصر. كانت "اخيتاتون" مدينة هائلة زُينت جدران منازلها وأسوارها وقصورها بنقوش وزخارف بالغة الجمال والدقة، مما يؤكد أن تلك الفترة من تاريخ مصر ، كانت تشهد ازدهارًا فى عهد الاسرة 18 ، أول أسر الدولةالحديثة فى مصر القديمة، وهو عصر وصلت فيه مصر القديمة إلى ذروة قوتها، هذا الوجه الساحر له عشاق كثيرون، يأتون لزيارته من كل مكان؛ حيث يمكث وحيدًا، غريبًا منذ أن فارق وطنه، إلى بلاد جهزت له أفخم الأماكن وأروعها، ومع هذا من يقترب منه يسمع أنين الفراق، ويرى لهفة الشوق، وحنين العودة إلى وطنه، تنطق به عيناه الحزينتان إنه وجه الجميلة «نفرتيتى» مع أن كل شىء فعله «هتلر» تم محوه إلا تلك الإشارة اللعينة، ببقاء تمثال «نفرتيتى» فى المانيا. بعد أن وقع فى غرامها، وقد طال الشوق لعشقها القديم «العمارنة» مدينة الأفق، ومن يزور «العمارنة» يشعر بأنفاس زوجة محبة لزوجها «أخناتون» ، ويلمح عيونا يسكنها الجمال، لاختيارها تلك المدينة الساحرة، وقد قيل أيضًا أن «نفرتيتى» هى من اختارت عقيدة التوحيد، رافضة سلطة القديم وقيود كهنة أمون، فمن يمتلك هذا الحضور الطاغي لسلطان الجمال، بالتأكيد يمتلك حضورا قويًا للتأثير فى الآخرين، والزائر العاشق لمدينة «الأفق» يرى شروقا حزينا للشمس، لأن شعاعها لم يعد يعانق بالحنين أيادى الجميلة «نفرتيتى»، وفي نهاية الزيارة يرى دموعا فى الشفق، انتظارا لعودة «نفرتيتى». "الجميلة أتت"..هكذا يعني اسم نفرتيتى،تلك الملكة التي تُعد واحدة من أكثر النساء غموضًا، وقوة، في تاريخ مصر القديمة، وقد وصفت بأنها ملكة جمال الفراعنة واكثر ملكات مصر القديمة غموضًا، تزوجت الملك اخناتون، صاحب اول دعوة بشرية للتوحيد في مصر القديمة، خلال الفترة من 1353 إلى 1336 قبل الميلاد،حكمت الملكة الجميلة نفرتيتى مصر، من المنيا من العاصمة الجديدة اخيتاتون او تل العمارنه الحالية. فى عصر الدولة الحديثة مباشرة بعد وفاة زوجها، كانت فترة حكمها فترة تغير واضطراب ثقافي هائل،حيث أعاد إخناتون توجيه الحياة الدينية والسياسية في مصر ، الى عبادة الإله الواحد (آتون)، ممثلا فى القوة الكامنة فى قرص الشمس، أكثر ما تشتهر به الملكة نفرتيتي هو تمثالها النصفي، المنحوت من الحجر الرملي الملون ، وقد أعيد اكتشافه في عام 1913 وأصبح رمزًا عالميًا للجمال الأنثوي والقوة0 حملت الملكة نفرتيتى القابا عديدة فهى:مليحه المحيا،بهيجه التاج،صاحبة الريشتين،تلك التي إذا ما أصغى إليها الإنسان طرب،سيدة الرشاقة،ذات الحب العظيم،تلك التي يسر رب الأرضين سماعها،أميرة وراثية-تسبيح عظيم-سيدة النعمة-حلوة الحب-سيدة الأرضين-زوجة الملك الرئيسية- زوجة الملك العظيم-سيدة كل النساءسيدة مصر العليا والسفلى"..كلها ألقاب حُظيت بها الملكة، حتي أن اخناتون كان يفضل أن يطلق عليها اسم ، سيده جميع النساء. ويعتقد المؤرخون أن الملكة نفرتيتى ابنة "آي"، أحد كبار المستشارين، وقائد الجيش، وامها زوجته الملكة "تي"غير الحاكمة، وقد لعبت الكثير من الأدوار المهمة في الحياة الدينية والسياسية في مصر، وتميزت نفرتيتي بجانب جمالها وجاذبيتها بشخصية قوية، فكانت ذات تاثير واضح على زوجها،وقد نُقشت صورها بما يشبه صور اخناتون،وعلى جدران المعابد التي بنيت في عهد إخناتون، تم تصويرها جنبًا إلى جنب مع زوجها، وبنفس حجمه، وهو ما لم تشهده أي ملكة أخري من قبل، وهو ما فسره المؤرخون بأنه كان واقعا تحت تأثير الحب والوله لها. إذا كانت «نفرتيتى» قد صنعت حضارة قوامها رفض ظلام القديم وقبحه، واختارت نور الجديد وجماله، حتي أنها كانت تصور وهي تضرب الأعداء مثل الملك، رغم ما اشتهرت به الملكة نفرتيتي ودورها في الحياة المصرية، إلا أن البعض يؤكد أنها ليست ذات أصول مصرية، فهناك من يعتقد انها ذات أصول سورىة،ورأي بعض الباحثين انها ابنه الملك امنحتب الثالث، أي أنها أخت اخناتون، وأنها قد تكون من نفس الأم الملكة "تي" اومن زوجة أخرى. ويؤكد المؤرخون ، أن نفرتيتي، هي ملكة من أصل مصري،وإن كانت لا تنتسسب للأسرة المالكة، خاصة وأن شقيقتها "موت نجمت" ملكة مصرية قديمة غير حاكمة، أو زوجة ملك عاشت في آخر الأسرة الثامنة عشرة، وهي زوجة الملك حورمحب ابن المنيا، أيضاآخر ملوك هذه الأسرة، وطبقا لنقوش "تل العمارنة" و"معبد أتون" في الكرنك، يتضح أن زواجها من الملك اخناتون ، تم في نهايه العام الأول لاعتلاء العرش، أو بداية العام الثاني، وفي العام السادس للحكم هاجرت مع زوجها إلى" تل العمارنه" ،ومعهم ثلاثة من بناتهم، وقد عاشت مع زوجها حياه زوجيه سعيده وهانئه تتميز بالقرب التفاهم العقلي، بل والتوافق العقائدي. كما شاركت زوجها في كافه المناسبات الرسمية والطقوس الدينية، وهو ما جعل الكثير من المؤرخين يعتقدون أنها كانت شريكة في الحكم،فظهرت فى النقوش الى جانب زوجها في دور المعابد تردد معه صلاة الشمس ، وفى نقوش أخرى تظهر في شرفات القصر 00يطلان على الجموع الحاشدة التي تجمعت في الساحه ويقدمان الهدايا إلى رعاياهم من العسكريين والمدنيين،كما رافقته في المواكب الرسمية وهما يستقبلان السفراء والوفود الاجنبية. لم يكن لنفرتيتي مكانة خاصة في الحكم ، أو السياسة فقط، ولكنها كانت تتمتع بمركز ديني خاص،فنراها في مقاصير قد خصصت لتقدم الشعائر الدينيه باسمها، كما صورت نفرتيتي على جوانب التابوت الخاص بابنتها "ماكيت اتون"، وهو دليل على مكانتها الخاصة، إذ أن صور التوابيت كانت مخصصة للألهة فقط.