فى الوقت الذى تحتفل فيه الكويت بالذكرى الأولى لتولى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم فيها صرح وزير شئون الديوان الأميرى الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، بأن أمير البلاد وجه إلى حوار وطنى يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود، وتعزيز التعاون، وتوجيه كافة الطاقات والإمكانيات، لخدمة الوطن العزيز ونبذ الخلافات وحل كافة المشاكل، وتجاوز العقبات التى تحول دون ذلك خدمة للمواطنين ورفعة راية الوطن العزيز ومكانته العالية. وأكد الشيخ العبد الله أن أمير الكويت يتطلع بأن يحقق هذا الحوار أهدافه المنشودة لتعزيز مسيرة العمل الديمقراطى الذى هو محل الفخر والاعتزاز لدى الجميع وذلك فى إطار التمسك بالدستور والثوابت الوطنية. مصالحة وطنية وأكدت مصادر كويتية أن هذه الدعوة التى وجهها أمير الكويت للسلطتين للحوار الوطنى جاءت تتويجاً للمساعى المتواصلة منذ بداية الصيف من أجل المصالحة الوطنية، وبات الدور اليوم على القوى السياسية والنواب والمعنيين بهذه القضية من أجل تحقيق ما ينتظره أبناء الكويت منهم. وكانت الحكومة الكويتية قد عبّرت فى جلسة مجلس الوزراء الأخيرة عن مشاعر الارتياح والتفاؤل لبدء مرحلة جديدة من العمل الإيجابى بين السلطتين، والعمل كفريق واحد لمواجهة التحديات التى تواجه البلاد. كما رحب عدد من النواب بالحوار من أجل رأب الصدع وتوحيد الجهود، بقيت التساؤلات حول مَن سيمثل السلطة التشريعية فى هذا الحوار، ومَن سيحدّد أسماء المشاركين عن الكتل والمجاميع السياسية من دون إجابة بعد. مسئولية وطنية وأعرب مراقبون عن ثقتهم بالمسئولية الوطنية الكبيرة التى سيتحمّلها المشاركون فى الحوار والتفاهم على إزالة أسباب الخلاف والاختلاف وتصحيح المسارات الخاطئة. وبحسب المراقبين، من المتوقع أن ينتج عن الحوار فى حال نجاحه التوافق على جملة من القضايا ذات الأهمية الكبيرة، وفى مقدمها: عفو خاص عن المتهمين فى قضية دخول المجلس وترتيب تشريعى لرد اعتبارهم القانونى، تعديل قانون الانتخابات واعتماد 10 دوائر وصوت واحد، قانون الدين العام وإجراءات الإصلاح الاقتصادى والضرائب، وتأييد تحصين رئيس الوزراء وسحب الاستجوابات المقدمة له. الحاكم السادس عشر وقد احتفلت الكويت الأربعاء الماضى بمرور عام على تولى الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم فيها بعد مسيرة حافلة بالإنجازات، ومحطات متميزة من المناصب الرسمية والمواقف الوطنية المشرفة، حيث بايعت الكويت فى 29 سبتمبر عام 2020 الشيخ نواف الأحمد أميرا للبلاد وقائدا لمسيرتها، خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه. وفى ذلك اليوم نودى بسمو الشيخ نواف الأحمد ليكون الحاكم السادس عشر للكويت فى ظل إجراءات سلسة لعملية انتقال مسند الإمارة. وقد اجتمع مجلس الوزراء فى ذلك اليوم وفقا لأحكام الدستور الكويتى والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 فى شأن أحكام توارث الإمارة، بما عرف عن سموه من حكمة وعفة وإخلاص وتفان لكل ما فيه رفعة الكويت ومصلحتها وأمنها وازدهارها. وهكذا تُوِّج الشيخ نواف أميرا للبلاد بعد نحو 58 عاما من العطاء فى مناصب عدة خدم خلالها الكويت فى عهد عدد من أمرائها السابقين، ونال تزكيتهم وثقتهم جميعا، بدأها بتعيينه محافظاً لمحافظة حولى، ثم وزيراً للداخلية، ثم وزيراً للدفاع، فوزيراً للشئون الاجتماعية والعمل، ثم نائبا لرئيس الحرس الوطنى، فنائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية. مرحلة تاريخية وكانت محطته الأخيرة قبل توليه مسند الإمارة هى ولاية العهد وفقاً للأمر الأميرى الذى أصدره الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، فى السابع من فبراير عام 2006 بتزكية الشيخ نواف الاحمد لولاية العهد، لما عهد فيه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولى هذا المنصب، واستمر فيه 14 عاماً سندا أمينا للأمير الراحل، ومشاركاً فى اتخاذ القرارات التى تسهم فى تطور البلاد والمحافظة على أمنها واستقرارها. وفى 30 سبتمبر أدى سمو الشيخ نواف الأحمد اليمين الدستورية أميراً للبلاد أمام جلسة خاصة لمجلس الأمة وفق المادة 60 من الدستور التى تنص على أن «يؤدى الأمير قبل ممارسة صلاحياته فى جلسة خاصة لمجلس الأمة. وبدأت البلاد فى عهد سموه مرحلة تاريخية فى مسيرة البناء والعطاء، كما بدأت خططاً جديدة تعتمد فيها على معطيات الحاضر لبناء مستقبل زاهر تواكب فيه مستجدات العصر وتطوراته وتتبوأ المكانة التى تستحقها إقليمياً وعالمياً. قضايا هامة وشغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى الشيخ نواف خلال السنة الأولى من عهده، نظراً لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التى تتعلق بشئون الوطن وأمور المواطنين، فضلاً عن الظروف الطارئة التى شهدها العالم الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، واستدعت من سموه توجيه الجهات المعنية إلى بذل جهودها الحثيثة للحد من تداعياتها على البلاد. وفى الجانب الاقتصادى كان يحرص على تحفيز القطاعات الاقتصادية وتطوير منتجاتها وخدماتها وخلق فرص استثمارية تنافسية فضلاً عن الاهتمام بالقطاعين الصناعى والزراعى وتطوير منتجاتهما وصادراتهما. وأولى الشيخ نواف اهتماماً بالغاً لفئة الشباب ووجه إلى العمل على رعايتهم وفتح آفاق المستقبل أمامهم من خلال تأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية وغرس القيم الكويتية الأصيلة فى نفوسهم ليشاركوا فى مسيرة التنمية والبناء باعتبارهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية. وعلى الصعيد الإعلامى كان الشيخ نواف يؤكد أهمية المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق المؤسسات الإعلامية فى التعبير عن قضايا البلاد وهموم المواطنين وفق ما تمليه عليها ضمائرها وتخاف الله فى وطنها وشعبها. وحرص أمير الكويت على تكريم المواطنين أصحاب الإنجازات المتميزة والمبادرات الرائدة والإشادة بما حققوه من عطاءات وتشجيعهم على المزيد من التميز والنجاح ليسهموا فى تطور وطنهم وازدهاره ورفع رايته فى كل المحافل. مصالحة خليجية وتوجت جهود الكويت التى بدأها الأمير الراحل وكثفها الشيخ نواف الأحمد فى مجال المصالحة الخليجية العربية بتوقيع اتفاق العلا فى الخامس من يناير الماضى على هامش القمة الخليجية التى عقدت فى المملكة العربية السعودية ليتحقق الحلم الذى لطالما حرصت الكويت على رؤيته على أرض الواقع وكان لها الدور الكبير فى التوصل إليه. واستمر سمو أمير البلاد الشيخ نواف الاحمد فى النهج الذى سارت عليه الكويت فى ما يخص علاقاتها مع أشقائها العرب، فكان يحرص على التنسيق مع القادة العرب فى كل ما يخص القضايا العربية والتعاون البناء معهم لحل المشكلات التى تواجه الأمة العربية مع التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى. نهج راسخ وسار الشيخ نواف فى علاقات الكويت مع دول العالم على النهج الذى طالما عهدته الكويت طوال العقود الماضية من حيث احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية والتمسك بالشرعية الدولية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وحل وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية. ويتميز سمو الشيخ نواف الأحمد بالحرص الشديد على تعزيز الفضائل والقيم ويؤمن بأهمية وحدة وتكاتف أبناء الكويت جميعاً باعتبار أن قوة الكويت فى وحدة أبنائها وأن تقدمها وتطورها مرهون بتآزرهم وتلاحمهم ووحدتهم وتفانيهم وإخلاصهم فى أعمالهم. تاريخ من المسئوليات وكان الشيخ نواف الأحمد قريباً من المواطنين طوال مسيرته السياسية فكانوا يشاهدونه فى مناسباتهم المتنوعة ويستقبلونه فى ديوانياتهم لمشاركتهم أفراحهم أو أحزانهم أو زيارة مرضاهم كما كان يستقبلهم لتلمس حاجاتهم وتلبية متطلباتهم. ومنذ استقلال البلاد كانت له بصمة فى العمل السياسى ففى 12 فبراير عام 1962 عينه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم محافظاً لحولى، وظل فى هذا المنصب حتى 19 مارس عام 1978 عندما عين وزيراً للداخلية فى عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد حتى 26 يناير 1988 عندما تولى وزارة الدفاع. وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقى الغاشم عام 1991 تولى سمو الشيخ نواف الأحمد حقيبة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل فى 20 أبريل 1991 واستمر فى ذلك المنصب حتى 17 أكتوبر 1992. وفى 16 أكتوبر 1994 تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطنى واستمر فيه حتى 13 يوليو 2003 عندما تولى وزارة الداخلية ثم صدر مرسوم أميرى فى 16 أكتوبر من العام ذاته بتعيين سموه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية وبقى فى هذا المنصب حتى تعيينه ولياً للعهد فى عام 2006.