يسأل الكثير من الناس هل كان كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بوحى من الله سبحانه ، أم كان يجتهد فى بعض الأحيان فأجاب الشيخ مدين الازهري فقال الكلام فى هذا الموضوع قد عنيت به كتب الحديث والأصول ، ولا يتسع له المقام هنا ، وخلاصته أن للعلماء فى جواز الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم ثلاثة آراء : 1 - رأى يقول بامتناع الاجتهاد عليه ، لإمكانه الوصول إلى ما يريد عن طريق الوحى، ولكن رد عليه بأن إنزال الوحى ليس فى قدرته ، وقد يكون فى حاجة ماسة إلى الإجابة على سؤال أو التصرف فى أمر عاجل ، وعندما انتظر نزول جبريل عليه فتر الوحى مدة ، وعندما جاء سأله الرسول ، فقال {وما نتنزل إلا بأمر ربك} مريم : 64 . 2 -ورأى يقول بجواز الاجتهاد وبوقوعه بالفعل منه ، كما حدث فى التشاور فى أسرى بدر، وفى إذنه لبعض الناس فى التخلف عن الغزوة ، وقد جاء فى ذلك قوله تعالى{ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض} الأنفال : 67 وقوله {عفا الله عنك لم أذنت لهم} التوبة : 43 حيث عاتبه الله سبحانه ، والعتاب لا يكون فيما صدر عن وحى . 3 - ورأى يقول بجواز اجتهاده فى الأمور السريعة الضاغطة كالحروب ، وبعدم جوازه فى غير ذلك ، وهذا الرأى فيه جمع بين الأعلة، وهو رأى حسن . والذين قالوا بجواز اجتهاده قال بعضهم : لا يجوز عليه الخطأ فكل اجتهاده صحيح . ، كما ذكره ابن أبى هريرة والماوردى ، وذلك لأنه لا نبى بعده يستدرك خطأه فلذا عصم من بينهم ، وقال ابن السبكى : الصواب أن اجتهاده لا يخطئ تنزيها لمنصب النبوة عن الخطأ فى الاجتهاد . وقال آخرون : يجوز عليه الخطأ ولكن لا يقر عليه ، بل ينزل الوحى بتصحيحه ، ومع جواز الخطأ هو مأجور، وعتاب الله له فى مثل الأسرى ليس عقابا ، "راجع الزرقانى على المواهب ج 8 ص 281 والسياسة الشرعية للشيخ عبد الرحمن تاج".