الشعب المصرى أصيل فى كل صفاته.. والترابط الأسرى على رأس أولوياته البطالة موجودة فى كل العالم.. وأنصح الشباب بأن يدركوا قيمة مصر أورث أبنائى حب مصر.. وأترك لهم حرية الاختيار فى المستقبل يعتبر التاريخ ظل الإنسان على الأرض، كما أن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان.. ومصر تضم مجموعة من الملامح تجعلها بلداً فريداً منذ فجر التاريخ. تقع مصر بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، وتتميز بموقع جغرافى يجذب السياح لها من شتى بقاع الأرض، رغم العدد الهائل من المعالم السياحية والأثرية التى تجذب السياح، إلا أن هناك عوامل جذب أخرى فى مصر تزيدها جمالاً فى عيون العالم. ورغم وهم الهجرة الذى يسيطر على عقول جزء كبير من المصريين، فإنها تستضيف ملايين المقيمين على أرضها الطاهرة من مختلف الجنسيات، الذين يحملون أجمل الذكريات وأسمى معانى الوفاء والتقدير. «الوفد» تنشر تباعاً سلسلة حوارات مع أجانب يقيمون فيها أو يقومون بزيارتها، حتى يستطيع الشباب التعرف على «مصر بعين الأجنبى». اختارت العيش فى مصر التى تراها من أفضل دول العالم بسبب توليفة شعبها وأرضها وشمسها. تعيش فيها منذ 20 عاماً حتى تشربت ثقافتها، ونجحت فى مزج الطابع الشرقى بالطابع الغربى وصممت أزياء ببصمتها الخاصة. ولدت فى الاتحاد السوفيتى قبل انهياره، ولاحظت عائلتها موهبتها منذ نعومة أظافرها فى تشكيل الملابس من القماش. اهتم جدها بموهبتها وأهداها وهى فى عمر ال12 سنة ماكينة خياطة، ولم تكن تعلم أن هذه الماكينة ستغير حياتها. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى عاشت عائلتها فترة قاسية استمرت سنوات, لتعمل وهى طفلة على حياكة الملابس والملايات والستائر وإعادة تصميم الملابس القديمة, لتتحول إلى مصدر دخل لمساعدة أسرتها. قررت وهى فى الثانية عشرة من عمرها عدم شراء الملابس الجاهزة لترتدى ملابس من صنع يديها فقط, والتحقت بأكبر كلية لتصميم أزياء فى جامعة أومسك, لتبدع فى تصميماتها بالكلية, وكانت الأولى على دفعتها, كما صممت العديد من أزياء الأوبرا.. إنها فيرا زولوترافيا, مصممة الأزياء الروسية ذات الهوية المصرية. قررت زيارة مصر بعد أن درست تاريخها وأدركت عراقة المصريين عندما رأت الأهرام لأول مرة, وأغرمت بالبحر الأحمر, وسحرتها الكائنات البحرية به, كما أحبت المصريين الذين قبلوها بالبشاشة والترحاب لتنبهر بطيبتهم وشهامتهم فى مساعدة المحتاج. ذابت عشقاً فى الموسيقى والأغانى المصرية, لتعشق مصر وتزورها 4 مرات, إلى أن تزوجت مصرياً دون شبكة أو فستان زفاف, لتحتفل قبل أيام بمرور 20 سنة على زواجها. قصة حب مستمرة: ● كيف بدأت قصة حبك لمصر? زيارتها, حيث كنت أفكر فى السفر للسياحة للخارج, فوجدت إحدى الموظفات فى شركة السياحة تتحدث عن مصر بكل حب وهيام, وقالت لى: «إنتى لو رحتى مصر مش هتنسيها.. هتكونى عايزة تسافرى مرة واتنين كل سنة.. مصر فيها سحر جذاب بيربط الناس بها جامد.. شوارعها تفوح منها روائح جميلة مميزة». وبالفعل أول ما وطئت قدماى مصر وقعت فى حبها وتكررت الزيارات لمصر كسياحة خلال أربع سنوات قبل اتخاذ قرارى النهائى بالهجرة لها. ● ما أكثر شىء جذبك فى مصر? من زيارة تأكدت أن المصريين شعب كريم بطبعه مضياف ودود وليس مجرد تمثيل أمام السائحين, حتى الناس الذين يعملون بالسياحة وجدتهم يتكلمون باحترام وتقدير عن بلادهم وعن البنت والمرأة المصرية. وجدت مصر دولة مختلفة فى كل شىء, وشعبها مميز لا يوصف, فهو يساعد الآخرين دون أن يطلب منه, ويحرص على سلامتهم وراحتهم, وابتسمت قائلة «ممكن أنتم شايفين إن دى حاجة عادية.. لكن دى حاجة مميزة فيكم, مش موجودة فى روسيا ولا فى أى دولة تانية.. فى روسيا الناس جامدة وناشفة فى التعامل بعضها مع بعض وعادى الواحد يغلط فى التانى مفيش مراعاة لمشاعر الآخر والتعامل بطبقية وبتعالٍ بشكل لافت.. لكن فى مصر التعامل بإنسانية وطيبة مشاعر وحب واحترام. الهجرة إلى مصر ● هل أسرتك تقبلت هجرتك لمصر بسهولة? فى كل مرة أسافر إلى مصر كانت الأسرة تشعر بأننى لن أعود لروسيا مرة أخرى «هما شايفين انبهارى بمصر, وفى كل سفرية برجع منها كنت بحكى بحماس عن مصر وإن فيها حاجات حلوة كتير.. لدرجة إنى لما برجع بلدى بشعر بأنى حزينة, وفى حاجة مهمة نقصانى».. فى مصر كل شىء جميل.. السماء, الشمس, ابتسامة الناس فى الشارع, شعب يحب الضحك ومعروف بالدم الخفيف ومرحب بالضيف والغريب. ● بعد اتخاذ قرارك النهائى بالعيش فى مصر.. هل كنت مخططة لذلك كمكان للإقامة والعمل? فى إيدها شغل وموهبة.. مصممة أزياء, تقدر تشتغل فى أى مكان, الناس حتى لو فى حرب هتفضل تلبس».. أمى كانت مؤمنة بى جداً, فى أى خطوة بحياتى دائماً كانت تشجعنى, وهذا الدعم الأسرى كان سبباً رئيسياً فى ثقتى بنفسى. ● 20 عاماً فى مصر..كيف ترين اختلاف الحياة اليومية عن أسلوب الحياة فى روسيا? الحياة هنا مختلفة تماماً عن روسيا, ويرجع ذلك إلى اختلاف المناخ والجو, هنا أغلب الناس تنام كثيراً الصبح بسبب قوة الشمس وتسهر بالليل والشوارع مفعمة بالحياة حتى منتصف الليل, روسيا على العكس تماماً, فى الساعة 10 الكل نائم, لا توجد حياة فى الشوارع ليلاً.. وتضيف بابتسامة: «أنا سعيدة جداً بالشمس», «فى روسيا لما بنشوف شخص بشرته غامقة بنقول عليه إنه غنى لأن هذا معناه إنه يقدر يسافر سياحة للخارج», لكن أصحاب البشرة البيضاء فى روسيا يعنى أنهم فقراء, ولذلك تجد الروس يحبون السياحة فى مصر أكتر من تركيا لشمسها وشواطئها». ● تحدثت عن والدتك بأنها مصدر تشجيع ودعم لقراراتك.. بماذا تنصحين أى أم ترغب ابنتها فى السفر للخارج للدراسة أو للعمل? أن الثقافة المصرية مختلفة عن الروسية, لكننى أستطيع أن أنصح أى فتاة وهى فى بيت أسرتها بأن تستغل وقتها الذى وهبه لها الله بالتعليم والكورسات والقراءة, وتتعلم كل شىء, قبل أن تنشغل بعد الزواج بمسئوليات المنزل وتربية أطفالها. الارتباط بمصر: ● تزوجت من شاب مصرى زواجاً بسيطاً دون فستان زفاف وشبكة وبلا مهر.. هل تشعرين بالندم? نزولى مصر كنت أصمم أزياء لمسرح الأوبرا وكانت فساتينى أقوى من فساتين السواريه والأفراح, وكل يوم كنت أرى هذه الفساتين المبهرة, لذلك حصل لعينى تشبع, ثم إن فستان الزفاف ليس كل شىء.. أما عن الشبكة والمهر فلم أكن أفهم هذه التقاليد والعادات, لكن زوجى اشترى لى بعد ذلك, وتضيف: «كنت أقول له انه عجبنى خاتم الماس كان يشتريه لى». . كان يعلم أن الأفضل أن يشترى لى شيئًا يعجبنى وليس لمجرد شراء ذهب وشبكة فقط, كما أن حماتى أهدتنى قطعة ذهبية خاصة بالعائلة, وكنت أقول: «ليه كل ده.. دى حاجات كتيرة أوووى». وأضافت: زوجى كريم معى جدًّا وأعطانى أموالًا, وقال لى «هذا مهرك قدام ربنا» وأنا أخذت الفلوس للسفر, أما عن الفرح فتقول: «أنا مش عايزة فرح ده تقليد مش حلو, موسيقى عالية وأنا مش بحبها.. والحياة صعبة, ليه أصرف فلوسى فى حاجات أنا مش محتاجها». ● لديك 3 أطفال معهم الجنسية الروسية والمصرية..هل هم يحبون مصر مثلك أم يفضلون روسيا? منى, لكن هم بيفضلوا يجربوا حياتهم فى دولة أخرى كإسبانيا أو إيطاليا, وأنا موافقة حتى يعلموا بعد التجربة والمقارنات قيمة مصر الحقيقية, وتضيف بابتسامة: «عشان ييجوا فى الآخر يقولوا ماما إنتى صح, مفيش أحلى من مصر». ● كم عمر أبنائك, وبأى لغة تتحدثون فيما بينكم? و5 ونتحدث بالعربية والإنجليزية مثل باقى الأطفال فى مصر, ولكن نتحدث داخل البيت بالروسية حتى لا ينسوا لغتهم الثانية, وهم يحبون روسيا وسافروا إليها كثيراً, لكن مصر بالنسبة لهم البيت والوطن. ● فى أغلب الزيجات السنة الأولى تكون من أصعب الفترات.. فكيف مرت عليك خصوصاً فى ظل ثقافة وعادات مختلفة عن روسيا? بحب أجرب كل حاجة غريبة, وفى أول الزواج كان زوجى وما زال هو صديقى, وهو دائماً داعم لى ولم يمنعنى من شىء.. فى البداية كان يشعر بالخوف من نزولى الشارع بمفردى, خصوصاً أننى لم أكن أتحدث العربية أو الإنجليزية ولكن كنت أرى أن مصر دولة آمنة. ● هل نستطيع القول إن التفاهم هو كلمة السر فى نجاح زواجك واستمراره حتى الآن? , فأنتم عندكم صبر, الرجل المصرى مثالى.. وتبتسم قائلًا «ممكن الناس فى روسيا تزعل لكن معلش, الرجل المصرى هو برفكت مان», لأنه يعتبر أسرته رقم واحد فى حياته, وهذه الميزة ليست موجودة فى أى رجل فى العالم. ● ننتقل لموهبتك وشغفك بعالم الأزياء الذى ظهر مبكراً.. كيف تعاملت العائلة مع هذه الموهبة? قمت بقص ستارة جديدة كنت أحتاجها لتصميم فستان لعروستى اللعبة, وكنت أذهب مع جدى لمحل القماش وأختار الأقمشة والإكسسوارات, ثم يذهب بى للخياطة لتفصيل الفستان وفقاً لتصميمى الذى كان يتعارض مع الشائع. وبعد الانتهاء منه كان ينال إعجاب الجميع ويقولون لى: أنت مصممة أزياء.. التصميم بيجرى فى دمك, ومن هنا أصبحت مؤمنة منذ صغرى بأننى مصممة أزياء. موهبة مبكرة ● عاصرت انهيار الاتحاد السوفيتى.. فكيف ساعدتى أسرتك من خلال موهبتك فى التصميم? تفصيل جاكت لشقيقى وكنت مبتدئة, لكن فعلًا أحضرت ملابس قديمة وأعدت تدويرها وصنعت جاكت بوجهين وكل من يراه ينبهر به وبجودته, وفى روسيا معروف أن الجو بارد جداً, لذلك استخدمت فرو أرنب فى تصميم جاكت لأختى, حتى إن كل الجيران سألوا كيف فعلت ذلك, وطلبوا مثله. وتضيف: كانت لنا جارة مديرة محل شهير, تشبه صوفيا لورين, الكل ينبهر بها, وينتظر عودتها من العمل لرؤيتها, وذات يوم فوجئت أنها تطلب منى تصميم بدلة لها, وكان ذلك بمثابة تحدٍ كبير, وبالفعل فصلت لها البدلة, ونالت إعجاب كل من يراها ومن هنا بدأت انطلاقتى فى عالم الأزياء الفعلى. عالم الموضة والأزياء ● على صفحتك فى فيسبوك تقدمين تحليلات أزياء لشخصيات عالمية وأفراد من الأسرة المالكة وفنانين, ونصائح فى الموضة.. ما الشخصية التى تتمنين تصميم الأزياء لها? أكثر فى عالم الأزياء وقوانين وقواعد الموضة, لأن التريند ليس الملابس الموجودة حالياً فى المحلات, لذلك يلجأون لبعض الشخصيات العامة لتصميم الأزياء لهم (رفضت الإفصاح عن أسمائهم حفاظاً على خصوصية عملائها). ● جدتك اشتغلت لمصر رغم أنها لم تزر مصر قبل ذلك.. فما قصة هذا الموضوع? ما رجعت من مصر وهى تضحك: «انا اشتريت ليكى قطعة فى مصر, عندما كنت بشتغل لها دون أموال من خلال مشروع مشترك بين روسيا ومصر لإنتاج المراوح للطائرات الحربية أثناء حرب أكتوبر وتطوعت للعمل مدة شهرين لمساعدة مصر. ● تحدثت عن الفاكهة المصرية, خصوصاً البرتقال ولك ذكريات معه فما قصته? نراها مثل الموز الذى كان يصل لنا من مصر «طرى» لعدم وجود وسائل حفظ ونقل حديثة, لذلك حتى الآن الروس يحبون «الموز المستوى» عكس المصريين يحبون الموز الناضج أو «الناشف», أما البرتقال ده فكان كنز بالنسبة للروس, زمان كانت الحكومة الروسية توزع على الطلاب هدايا الكريسماس كيساً به حلوى وشيكولاتة وبرتقالة واحدة من مصر عليها لوجو نفرتارى, فكنا نترك كل الحلويات ونحب تناول البرتقالة التى توزع على باقى أفراد الأسرة. نصيحة لشباب مصر: ● فى النهاية ما النصيحة التى تقدمينها للشباب المصرى الذى يحلم بالهجرة أو يتحدث بدونية عن بلده أو شعبه? معى بعصبية قائلاً «مين الغبية اللى تسيب روسيا عشان تيجى هنا».. فحاولت نصف ساعة بهدوء أفهمه, وقلت له: «إنت عشان تحكم صح لازم إنت بنفسك تروح تجرب وتعيش معاهم هناك عشان تفهم هما عايشين إزاى مش تعتمد على حد ينقلك الصورة.. إنت مثلاً تشوف فى مصر إنك تقدر تشترى فاكهة دى حاجة عادية, لكن هناك إنت مش هتقدر تشترى الحاجات دى بسهولة.. إنت شايف إن الشمس كل يوم بتطلع ده عادى.. هناك الجو كئيب, برد وسماء بعيدة.. فى حاجات طبيعية موجودة فى مصر كالبحار والنيل والجو المشمس, الناس مش عارفة قيمتها.. فى ناس فاكرة إن البطالة فى مصر بس, لكن الحقيقة المشكلة دى هناك 10 أضعاف. وتابعت: «انتم مصريين طيبين, هتروح هناك هتكون خدام مش إنسان, هناك مفيش حد بيساعد حد.. هنا من قبل ما تطلب المساعدة فى كذا حد بيقدمها.. إنت هنا تقدر تعيش بمبلغ بسيط وسط أسرتك.. هناك المعيشة غالية جداً.. هنا كل واحد بيحترم مستوى الآخر, حتى لو فقير بيتعامل معاه كإنسان».