رسوم على فاتورة الكهرباء.. واشتراكات شهرية.. وأكوام القمامة تحتل الشوارع «النبيشة» واختفاء «الزبّال».. تحديات يومية ومطالبات بإصلاح المنظومة بالمحافظات! تبذل الحكومة فى الآونة الأخيرة مجهودات كبيرة من أجل خدمة وتطوير الأحياء العشوائية، ومع ذلك فما زالت المشكلات قائمة فى الكثير من أحياء القاهرةوالمحافظات، وعلى رأسها انتشار القمامة فى الشوارع، وعدم وجود حل جذرى لتلك المشكلة منذ سنوات. فقد فشلت الحكومات على مدار سنوات عديدة فى حل أزمة القمامة داخل الشوارع، حيث يصل معدل حجم المخلفات فى مصر لعام 2020 نحو 26 مليون طن نصفها تنتجه القاهرة الكبرى، وتعانى هذه المشكلة الكثير من الأحياء، ولكنها تزداد أكثر وأكثر فى الأحياء الشعبية. وفى هذا السياق، قال مصطفى صلاح، 25 عاما، من سكان إمبابة، إن مشكلة تراكم القمامة متواصلة منذ سنوات لا نجد لها حلا حتى الآن، رغم أننا ندفع 30 جنيها شهريا لأحد متعهدى القمامة ليأخذها من بيوتنا، خاصة فى ظل الخوف من انتشار فيروس كورونا، ورغم ذلك نجد أن القمامة تنتشر فى الشوارع والميادين العامة، ورغم أن عمال هيئة النظافة والتجميل يعملون فى الشوارع الرئيسية إلا أن القمامة تنتشر بها أيضا، أما فى الشوارع الداخلية فلا عمال نظافة يقومون بكنسها، ولا عمال لجمعها من المنازل، رغم أننا ندفع رسوم نظافة على إيصال الكهرباء تبلغ 8 جنيهات شهريا، دون أن نحصل على أى خدمة فى المقابل، ولذلك نضطر إلى الدفع للمتعهد ليخلصنا منها، على أن يأتى كل يومين ليأخذ القمامة من المنازل. أما حسين شاكر، 43 عاما من سكان الزاوية الحمراء، كشف عن وجود مشكلة أخرى وهى «نبيشة القمامة» الذين يقومون بفرز القمامة من وقت لآخر، ويقومون ببعثرة القمامة فى الشوارع، والتى تنتج عنها روائح كريهة، ورغم أننا تقدمنا بالعديد من الشكاوى لمدير مكتب اللواء هشام عبدالحميد، رئيس حى الزاوية الحمراء، إلا أنه لم تتم الاستجابة لأى من شكاوانا، وأضاف أن الأمر يزداد سوءا يوما تلو الآخر بسبب الكوارث البيئية التى تحدث فى شوارع الزاوية، وعند حضور السيارات المخصصة لنقل القمامة من الصناديق يجدون الصناديق فارغة، والقمامة ملقاة على جانبى الرصيف، وعند جمعها من الشارع تتعطل حركة المرور. ويتساءل «شاكر» كيف نربى جيلا على النظافة وهو لم ير أمامه إلا القمامة على أبواب الشوارع والحارات، حتى أصبحت القمامة فى الشوارع أكثر من البشر أنفسهم وتزداد يوميا. وعند التوجه إلى «بقلظ النبيش»، 18 عاما، من سكان المرج، أكد أنه يأتى لمنطقة الزاوية الحمراء، لنبش القمامة بحثاً عن الأدوات البلاستيكية والمعدنية من صندوق واحد فقط، مشيرا إلى أن كل منطقة تمتلك «معلم لنباشين» القمامة، ويعمل على جمع الشباب والسيدات الذين ليس لهم أحد، او الهاربين من أسرهم بالقرى والنجوع والشحاذين، ويتفق معهم على راتب أسبوعى مقابل وقوف كل فرد على صندوق قمامة للنبش فيه، وفرز المخلفات من الأدوات البلاستيكية والمعدنية حتى الساعة الرابعة صباحاً، وجمع الحصيلة بالميزان، فكل صندوق له حصيلة يومية لا تقل بل تزيد دائما، ولا تستطيع سيارات جمع القمامة أو موظفى الحى منع أحد من النبش فى صناديق القمامة حيث إن «معلم النبيشة» يدفع راتب لأحد موظفى الحى الذى يدعى «ع»، وكل صندوق عليه ورديات من «نبيشة الزبالة» حتى نستطيع استكمال مهام العمل طول اليوم. وأضاف عيسى قابيل، شيخ الزبالين، أن جميع المحافظات على مستوى الجمهورية تتحصل على مبالغ مالية من المواطنين عن طريق فواتير الكهرباء، وعامل جمع القمامة من المنازل والمخلفات من الشوارع والحوارى التابع للشركات المتعاقدة مع المحافظات لا يحصل على راتبه من الحكومة، وأن العاملين ببعض شركات النظافة يعانون عدم صرف رواتبهم من شهر 11 لعام 2020، بسبب عدم صرف المستحقات من المحافظة، ومن هنا بدأت مشكلة تراكم القمامة، خاصة بعد الاستغناء عن جامعى القمامة من المنازل والحوارى، حيث لجأت المحافظات للشركات الأجنبية غير القادرين على العمل أو التعامل مع المواطنين فى جمع القمامة، وهناك شبهة محسوبيات لحصول الشركات الأجنبية على توقيع عقد جمع القمامة من المحافظات، مؤكداً:«أن قانون المحليات والمحافظة هما العقبة الوحيدة فى حياة الموطن المصرى، بالإضافة إلى أن هناك موظفين يعملون على انهيار المنظومة الخدمية لدى المواطن واستغلاله بالإتاوات، كما أنهم يتعمدون التأخير فى دفع رواتب عمال جمع القمامة بالشهور، حتى لجأ العمال للبحث عن أعمال أخرى لتوفير مصدر دخل جديد يساعدهم على متطلبات الحياة الشاقة». واقترح قابيل إصدار «دفتر» معتمد بختم المحافظة مثلما كان يحدث قديماً، بمبلغ 10 أو20 جنيهاً فى الشهر يستخدمه عامل جمع القمامة من المنازل حتى يحصل عمال النظافة على حقوقهم بعد تقديم الخدمة البيئية بشكل مستمر، ووقف تحصيل الرسوم عن طريق شركة الكهرباء، والتى تختلف من منطقة لأخرى، ففى الأحياء الراقية تتراوح خدمة النظافة بين 20 إلى 30 جنيهاً على فاتورة الكهرباء دون الإكراميات اليومية، وفى بعض المناطق يمتنع عمال جمع القمامة عن صعود البيوت لجمع المخلفات بسبب المشكلات المالية، قائلا: «أنا أول مؤسس شركة نظافة على مستوى زبالين مصر وبقفلها الآن وبسرّح العمال، والمواطنين مش لاقيين مكان يرموا فيه الزبالة غير الشارع، والمحافظة مش بتشيل والأفراد اللى بتاخد المناقصة ملهاش فى الشغلانة». وأوضح قابيل أن يومية عامل النظافة تتراوح بين 120 إلى 150 جنيها، والعامل ليس مرتبطا بعدد ساعات فهو مكلف بطريحة من 200 شقة حتى 250 شقة فى اليوم الواحد لجمع القمامة منها، ويبدأ فى مهام العمل من الساعة الثالثة صباحا حتى ينتهى من الأعداد المكلف بها يوميا، حتى يتجنب درجة الحرارة العالية وزحام المواطنين بالشوارع والحوارى نهارا، وطالب عيسى محافظ القاهرة والجيزة، بالاستعانة بشيوخ مهنة النظافة والاعتماد عليهم، وإعطائهم ترخيص العمل بالمناطق والأحياء المختلفة، لافتا إلى أن عمال النظافة أول المواطنين المعرضين للإصابة بفيروس كورونا، ولا بد من توفير الحماية لهم.