تنفرد تركيا بعادات وتقاليد فى شهر رمضان المبارك عن سواها من الدول الإسلامية فشهر رمضان مميز جدا لدى الأتراك الذين يطلقون عليه اسم «سلطان الشهور». وتظهر مظاهر سلطان الشهور واضحة فى مدينة إسطنبول، كبرى المدن التركية التى كانت فيما مضى عاصمة الخلافة العثمانية، والتى ما زالت تحافظ على تراثها الإسلامى فستستقبل الشهر الكريم بتزيين وإنارة منارات مساجدها التاريخية ترحيبا بشهر الصوم وتكتب بالإضاءة عبارة أهلا وسهلا بك يا رمضان. أما فى سوق العطارين «السوق المصرى» أهم وأكبر الأسواق القديمة فى قلب العاصمة التجارية «إسطنبول» فتدب فيه الحياة ويعج بالباعة والمشترين قبيل وخلال شهر رمضان حيث يبتاع منه الأتراك ما لذ وطاب من حلويات وأكلات تقليدية التى تقدم على موائد الإفطار إذ يباع فيه الزيتون والجبن والبسطرمة والتمر وهى المواد الغذائية التى يتناولها الأتراك عند الإفطار. ويعتاد الأتراك فى شهر رمضان أن يبدأوا إفطارهم بتناول التمر أو الزيتون فيما يبقى طبق الشوربة الساخنة من الأطعمة الأساسية فى المائدة التركية فى حين تعتبر الكنافة والقلاش والبقلاوة من أكثر الحلويات التى يقبل عليها الأتراك فى شهر رمضان المبارك. وتقوم أيضا المخابز فى جميع أنحاء تركيا بإعداد نوع مميز من الخبز والمعروف باسم خبز «بيده» وهو من أهم أصناف وجبة الإفطار فى رمضان والتى تعد ناقصة فى حال لم يكن خبز بيده الطازج جزءا منها. واستمراراً للعادة الجديدة التى وضع أسسها الزعيم الإسلامى نجم الدين أربكان فى فترة توليه لرئاسة الحكومة فى عام 1996 تقيم العديد من البلديات فى تركيا خيما وشوادر رمضانية فى الميادين والأماكن العامة لتقديم طعام الإفطار المجانى لكل من يدركه وقت الإفطار خارج منزله حيث يتسابق رجال الأعمال والأثرياء فى تركيا خلال الشهر الفضيل فى إقامة موائد الرحمن زكاة عن أموالهم وتجاراتهم والتماساً للأجر فى هذا الشهر الكريم. كما تقوم العديد من الجمعيات الخيرية بإعداد الموائد المجانية داخل الشوادر، وتعد بلديتا إسطنبول وأنقرة أولى البلديات التركية التى تقدم طعام الإفطار للصائمين فى الشوارع والميادين العامة. ويتميز شهر رمضان فى إسطنبول بأجواء رمضانية روحانية رائعة وساحرة، وذلك لأنها تضم عدداً من المساجد الجميلة التى تحتفل بهذا الشهر عبر لافتات ضوئية مصنوعة من أسلاك ممدودة بين المآذن يكتب عليها رسائل ترحيب بشهر رمضان. وتشهد الجوامع والمساجد التركية فى إسطنبول أكبر المدن التركية ازدحاماً كبيراً لأداء صلاة التراويح. ومن أشهر الجوامع التاريخية التى يتوافد عليها أغلبية المصلين جامع «السلطان أحمد» لإحياء ليلة القدر نظرا لاحتوائها على العديد من مقابر الأولياء والسلاطين العثمانيين. أما أحد المظاهر الواضحة فى تركيا فهى قراءة القرآن الكريم حيث معروف عن الشعب التركى احترامهم وتبجيلهم لكتاب الله ومن العادات الجميلة عندهم اهتمامهم بقراءة القرآن طيلة شهر رمضان المبارك. ومن العادات الشهيرة الأخرى عند الأتراك فى رمضان قيام الرجال والسيدات فى كل أنحاء تركيا بزيارة جامع «الخرقة» الشريفة بحى الفاتح بإسطنبول لمشاهدة الخرقة النبوية الشريفة، وقد نقلها السلطان سليم من الحجاز لإسطنبول أثناء حكمه للدولة العثمانية، وهذه الخرقة محفوظة فى جامع الخرقة الشريفة منذ تأسيسه عام 1853م، حيث سمح السلطان عبدالحميد الثانى بفتح صندوق الخرقة الشريفة لعرضها على المواطنين فى شهر رمضان. ومع اقتراب وقت السحور يدور «المسحراتى» فى شوارع وأزقة المدن ليوقظ المسلمين من أجل تناول السحور، التى تتكون مائدته غالباً من العجائن وبعض الحلويات مثل الأرز بالحليب والمربيات كمربى المشمش والزيتون والجبن الأبيض والتمر المجفف والفطائر. ويعد تبادل الزيارات بين العائلات خلال الشهر الفضيل جزءاً من الثقافة التركية كما يتم أيضاً تبادل أطباق الطعام فيما بين الجيران ما يعزز جسور العلاقات الاجتماعية ويخلق جواً من الألفة والمحبة.