أكد الدكتور عبد الحليم منصور ، استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ، أن الأزهر كان ولا يزال من أعرق مؤسسات الدنيا قاطبة في مصر والعالم بأسره ومواقفه الوطنية والتعليمية عبر التاريخ أكثر من أن تحصى ، وهو لا يزال إلى اليوم من خلال شيوخه وعلمائه يؤكد على هذا المفهوم ، فهو بيت الشعب المصري الكبير الذي يجمع بين كل التيارات للتحاور عبر أروقته . مؤكداً أن الأزهر يجمع الكل على كلمة سواء ، لذا فإنني أشد على يد فضيلة شيخ الأزهر ، وكل العلماء في القيام بهذا الدور بل وأدعوهم إلى أكثر من ذلك بكثير في سبيل توحيد صفوف الشعب المصري وقواه المختلفة . وأشار منصور إلى أن وثيقة الأزهر تضمنت عدة مباديء هامة منها مثلا :الالتزام بقَداسة وصِيانة حُرمات الدماء والأموال والأعراض فرديَّةً أو اجتماعيَّةً كانت هذه الدماء . وهذا أمر في غاية الأهمية ، فالحفاظ على دماء المصريين ، مسلمين وأقباط أمرا مهما ، بل إن ثاني الكليات الخمس التي جاءت الشريعة لحمايتها الحفاظ على النفس . قال تعالى ( من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) وفي الحديث :" اجتنبوا السبع الموبقات .. ) ومنها : قتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق . وقال عليه الصلاة والسلام وهو أمام الكعبة يوما : ( ما أعظمك وما أعظم حرمتك وإن المؤمن أشد حرمة عند الله منك ) . وقال أيضا ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ) وقال تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمد فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وأضاف منصور ، " ومن ثم لا يمكن لأي عاقل ينتسب لدين الاسلام ويؤمن بمبادئه السمحة ويفهمه حق الفهم أن يستبيح دماء المسلمين وأعراضهم على هذا النحو بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ". وأوضح منصور، أن من مباديء هذه الوثيقة الالتزام بتوظيف التعددية والاختلاف، وسِلمية التنافُس على السلطة وسلمية التداوُل لهذه السّلطة، مع إعلان التحريم والتجريم لكل ألوان العُنف والإكراه لتحقيق الأفكار والمطالب والسياسات. مؤكداً أن ما يحدث في المجتمع المصري الآن من مهاترات ومنابذات وإهانات بين ابناء الوطن الواحد أمرا لا يقبله عاقل ، وعلى الجميع أن يعلم ان من حقه ان يتبنى ما يشاء من اراء وفقا لقناعاته واسبابه التي يبني عليها رأيه سواء باختيار هذا أو ذاك لكن ما يحدث هو مصادرة لهذا الحق ممن ينتمون لفلان ضد انصار فلان الاخر ، والعكس بالعكس وهذا يتنافى مع ابسط قواعد الحرية بل والديمقراطية بل وقواعد الاسلام . وأشار منصور ، إلى أن من مباديء هذه الوثيقة هو دعوةِ كل المنابر الدينية والفكرية والثقافية والإعلامية إلى نبْذ كل ما يتصل بلُغة العنف في حلِّ المشكلات، مشاكل بالحوار ، لأن العنف سيؤدي إلى تدمير الوطن ، وسؤدي إلى الفساد في الأرض ، والله لا يحب الفساد قال تعالى في سورة البقرة وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) بل إنه سبحانه ولا تعالى لا يحب المفسدين في الأرض قال تعالى في سورة القصص :"وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) وشدد منصور على ضرورة التوحد والحفاظ على المباديء العليا للحفاظ على الوطن من الضياع ، فلا بد من إعلاء مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية ، ولا بد أيضا من الحفاظ على سلامة الوطن وأمنه من كل خطر يتهدده ، ومن كل ما يؤدي إلى تفتيته وضياعه ، لا بد من النظر بعين الاعتبار إلى المشكلة الاقتصادية القائمة ، لا بدمن من الاتفاق على احترام اليات الديمقراطية التي يعترف بها العالم كله وهي ديمقراطية الصندوق ، لا بد من احترام المخالف في الرأي ، لا بد من التأكد من أنه لا يوجد إنسان على ظهر الكرة الأرضية أو تيار سياسي أو غيره يملك الحقيقة المطلقة ، ومن ثم فهذا يدعونا إلى احترام اراء الآخرين وعدم التهوين من شأنها أو تحقيرها ، أو التقليل من شأن قائليها .