مكارم الأخلاق هي ما يسمو به المرء في طبعه ونفسه عن السّوء، وقد حثّ الدّين الإسلاميّ النّاس على التّزيّن بهذه المكارم والخصال العظيمة، فالإنسان المؤمن يرتبط إيمانه إرتباطًا وثيقًا بحسن الخلق، ولقد رُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في نهيه عن سوء الخلق وتأكيده الفضل العظيم لمن حسن خلقه فقال: "ما مِن شَيءٍ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ من حُسنِ الخُلُقِ، وإنَّ اللهَ يُبغِضُ الفاحِشَ البَذيءَ"، ولقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مثالًا عظيمًا يحتذى به في كمال أخلاقه، ولقد إمتدحه الله -عزّ وجلّ- في سورة القلم في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وإنّ الأمانة من مكارم الأخلاق التي أمر الإسلام بتأديتها ونهى عن خيانتها. ويتحدث الدكتور محمد عاشور العالم بالاوقاف وقال إنّ تعريف الأمانة في الإسلام يحتمل العموميّة والخصوصيّة، ففي المعنى العام دلّت الأمانة في الإسلام على ما تناولته الشريعة الإسلاميّة من الواجبات والطاعات وتوضيح المعاصي والمنهيّات، ولقد تمّت الإشارة إلى ذلك في قول الله -تعالى- من سورة الأحزاب: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. فهي تشمل الإلتزام بجميع التعاليم الدّينيّة التي نزلت على النبيّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا من النّاحية الخاصّة في تعريف الأمانة فقد دلّت على ما يجب على الإنسان المؤمن حفظه وصونه وأدائه في وقته المناسب، فالمسلم يعطي كلّ ذي حقٍّ حقّه ويؤدّي حقّ الله -عزّ وجلّ- في العبادة ويحفظ جوارحه عن الحرام. ولقد أوضح الله تعالى في القرآن الكريم أنّ الأمانة في الإسلام صفةٌ ملازمةٌ لعباده المؤمنين، وقد قال تعالى في سورة المؤمنون: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}،ولقد نزل في القرآن الكريم عن الأمر بتأدية الأمانة قوله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}. فهي خلقٌ جليل من مكارم الأخلاق التي أمرنا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالتّحلي بها.