برلمانية تطالب "التعليم" بتعزيز التوعية ضد التحرش والعنف في المدارس    تنسيق الجامعات 2025.. تعرف على تفاصيل الالتحاق بكلية التكنولوجيا والتعليم بجامعة حلوان    ارتفاع أسعار الفاكهة اليوم بأسواق الإسكندرية.. البرقوق ب55 جنيها للكيلو    الحجر الزراعي: استيراد 4.9 مليون طن قمح منذ بداية العام وحتى الآن.. و6.6 مليون طن ذرة صفراء وفول صويا    23 يونيو 2025.. رغم التوترات الجيوسياسية الجنيه يرتفع 20 قرشا في بداية تعاملات البنوك    ملك الأردن وسلطان عُمان يبحثان سبل التوصل للتهدئة الشاملة في الإقليم    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    بوتين: العدوان المستفز ضد إيران لا يستند إلى أي مبررات أو أعذار    ترامب: أضرار جسيمة لحقت بالمواقع النووية الإيرانية على عمق كبير تحت الأرض    سيناريوهات تأهل الهلال السعودي بعد تعادله أمام سالزبورج    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    مدرب إنتر ميامي: مواجهة بالميراس لحظة تاريخية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة بورتو البرتغالي    تاجر مخدرات.. حقيقة ادعاء سيدة باقتحام الشرطة لمنزلها وضبط زوجها دون وجه حق بالدقهلية    التعليم تحدد الأوراق المطلوبة لتقديم تظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية    ضبط متهمين بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني للمواطنين في المنيا    التحقيقات تكشف تفاصيل انهيار عقار ب شبرا مصر    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    د.حماد عبدالله يكتب: عصر "الكتاتيب"،"والتكايا!!"    البحوث الإسلامية: إنصاف الأرامل واجب ديني ومجتمعي لا يحتمل التأجيل    الصحة السورية: ارتفاع ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس إلى 25 قتيلا و63 مصابا    محافظ أسيوط يسلم ماكينات خياطة وتطريز للصم وضعاف السمع    الطاقة الذرية : لا زيادة فى مستوى الإشعاع خارج المواقع النووية الإيرانية    المجموعة الخليجية بالأمم المتحدة تحذر من تداعيات استمرار التصعيد بالشرق الأوسط    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بمحافظتى بني سويف والمنيا خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية    المتهم بالتعدى على الطفل ياسين يصل للمحكمة لنظر جلسة الاستئناف على الحكم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    خلال تعاملات اليوم .. هبوط جديد بأسعار الذهب فى مصر.. وعيار 21 يسجل 4810 جنيهات    «وزير الإسكان» يشدد على رفع مستوى الخدمات المقدمة لسكان ورواد قرى مارينا    الزمالك: الإعلان عن المدير الفني الجديد خلال الأسبوع الجارى    ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر: مرض السرطان تحديًا صحيًا عالميًا جسيمًا    «التضامن» تقر عقد التأسيس والنظام الداخلى لجمعية العلا التعاونية للخدمات الاجتماعية    رئيس جامعة قناة السويس يتابع امتحانات كلية الألسن    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    رئيس جامعة قناة السويس يشهد مؤتمر جمعية أبحاث الجهاز الهضمي بالإسماعيلية    شركات الطيران العالمية تراجع خططها فى الشرق الأوسط بسبب حرب إيران وإسرائيل    رغم تذبذب مستوي محمد هاني .. لماذا يرفض الأهلي تدعيم الجبهة اليمنى بالميركاتو الصيفي؟ اعرف السبب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الأمريكي على إيران    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    في القاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    «متقللش منه».. مشادة على الهواء بين جمال عبدالحميد وأحمد بلال بسبب ميدو (فيديو)    روبي بعد تصدر "ليه بيداري" الترند مجددًا: الجمهور بيحبها كأنها لسه نازلة امبارح!    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود باسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يجيب    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    السبكي: الأورام السرطانية "صداع في رأس" أي نظام صحي.. ومصر تعاملت معها بذكاء    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الأشهب يكتب :ثمن استرداد السنوسي
نشر في الوفد يوم 20 - 01 - 2013


ة
سواء نفت الحكومة الليبية أنها دفعت مبلغ 300 مليون دولار، مقابل استلام المسؤول الأول السابق في جهاز استخبارات العقيد القذافي، أو أقرت جهات ما بذلك، في إطار لعبة الصراع وتحويل الأنظار، فإن رأس عبدالله السنوسي كان مطلوباً، مع وقف التنفيذ، بمقابل أو من دونه.
ولن تكون الحكومة الليبية حققت سبقاً من أجل اعتقال الوجوه والأسماء المطلوبة. فالاستخبارات الأميركية اعتمدت «فدية» المقايضة بالأموال، من أجل رأس صدام حسين وأبرز شركائه في الحكم. لكن الفدية التي تدفع لتنظيمات خارجة عن القانون مقابل الإفراج عن رهائن ورعايا أجانب مختطفين، تكون عادة لتأمين سلامتهم، وتتغاير في حال المطلوبين للقصاص منهم.
ما يحدد سقف المبالغ المالية ليس قيمة الشخص المطلوب. فعند انهيار أي نظام استبدادي، تتوزع شظايا سلطته وقبضته إلى دخان. وما يدفع إلى الإصرار على قنص الرؤوس الكبيرة الخوف من معاودة لم شمل بقايا الأنظمة المتهاوية. إذ يوجد دائماً من يناهض التغيير ومن يحن إلى الوراء. وفي حال كهذه لا قيمة لأي مبلغ مالي أو صفقة سياسية تحد من المخاوف. وإلى اليوم لا يزال بعض مظاهر الانفلات وغياب الاستقرار في بلدان انهارت أنظمتها السابقة، ينسب في الغالبية إلى «فلول النظام السابق»، وقد تحولت إلى ورقة يخرجها الحكم لإبطال مفعول أي انفجار.
في تطورات الأحداث في ليبيا، نحت السلطة الجديدة في اتجاه قنص رؤوس النظام السابق بأي ثمن. وحين كانت تقع بين أيديها طريدة في حجم الحيتان الكبيرة، لم تكن تتورع في منح الأسبقية لنظامها القضائي في متابعتهم على رغم أنهم مطلوبون إلى محكمة الجنايات الدولية. ولولا أن الأخيرة وضعت قوائم المطلوبين، على خلفية قرارات دولية في صلب اختصاصاتها، لما ضاقت أرض الله الواسعة أمام الهاربين الذين لم يكن يعوزهم لا المال ولا العصابات التي تكفل تهريبهم.
الراجح أن اعتقال المطلوبين الكبار، وقد أصبحوا مثل جرذان، على حد تعبير العقيد الراحل، لا يراد من أجل القصاص الذي يكون أكثر إنصافاً أمام محاكم دولية، تشتغل وفق قاعدة المتابعات العادلة. وإنما من أجل فك لغاز العلب السرية التي غالباً ما تشتغل بسياسة الأوامر الشفوية، حيث لا وثائق ولا مرجعيات ولا إثباتات.
في الحال الليبية تحديداً، فإن آخر شيء كان يفكر فيه العقيد هو الأوضاع الداخلية في بلاده، باستثناء ما يطاول تصفية المعارضين، وإن تطلب الأمر متابعتهم في أقصى أرجاء الأرض، إذ كان في وسعه الالتفاف على تورط أجهزته بفتح الخزائن التي لا حسيب عليها ولا رقيب. ولعل ما يبرر إصرار السلطات الليبية على محاكمة «أبطال» النظام السابق في ليبيا وليس خارجها، أن هكذا ملفات متشعبة ومتداخلة، يمكن معرفة بدايتها، كما لا يمكن الجزم بالمدى الذي تصل إليه المكاشفة عند بسط كل الأوراق والملفات.
لم ينقض على سقوط أنظمة عربية استبدادية الوقت الكافي الذي يساعد في معاودة قراءة الأحداث وتجلية الأسرار. فقد أعدم صدام حسين ولم يفتح كتابه أمام العلن. وهرب زين العابدين بن علي، ومعه أسراره الدفينة. فيما أن محاكمة حسني مبارك لم تزد عن الجزئيات الظاهرة من جبل الجليد. ولا يبدو أن فترة حكم القذافي ستكون استثناء في هذا المسار الذي يغلف الأحداث، ويحول دون انفجار مناطق الظل.
منطقياً فإن التغيير الذي عرفته بلدان عربية، وإن لم تتلمس بعد طريقها نحو العبور إلى الاستقرار والديموقراطية يشجع على تغيير عادات وتقاليد، وفي مقدمها أن يصار إلى فتح كتاب الماضي لاستيعاب الدروس. فما يطلق عليه أسرار الدولة، لا يبقى كذلك إلى نهاية العالم، بل هناك فترات محددة، يصبح فيها من حق الرأي العام الإطلاع على الأسرار التي تكتشف قضايا وأزمات عدة.
ولأن الأصل في ذلك الحفاظ على استمرارية الدولة ومؤسساتها، فإن الأمر يبدو مختلفاً عند إطاحة نظام، يفترض أن ينتج عنه إلغاء تقاليد وأعراف. وكما تكون المحاكمات التي تتوافر لها الشروط العادلة مناسبة لإماطة اللثام عن كثير من الممارسات المشينة، فإن المحاكمات الأكبر التي تنسب إلى التاريخ لا تكون بدورها عادلة، ما لم يتم الكشف عن كل المعطيات والأسرار التي أحاطت بممارسات وقرارات وصفقات.
إن لم يكن من ميزة دفعت إلى استرداد رئيس الاستخبارات الليبية عبدالله السنوسي من موريتانيا، سوى الإلمام بتفاصيل الملفات التي تورط فيها، فإنها تستحق أن تدار حولها المفاوضات التي تكفل استعادته. كما في استرداد الكنوز والنفائس. وإن لم يكن من هدف لبدء محاكمة سيف الإسلام القذافي في الزنتان سوى التوغل في الأدوار التي اضطلع بها خلال حكم والده، فإنها أقل قيمة من أي جهد يبذل للكشف عن الحقيقة. غير أن ظروف هذه المحاكمة التي تشي بأن الدولة الليبية لم تفرض بعد سيطرتها على كل المفاصل، تماماً كما ارتفاع الجدل حول كلفة استرداد السنوسي، لا تبدو مشجعة بالقدر الكافي الذي يحول محاكمة رؤوس النظام إلى دروس تاريخية، لا يهم من خلالها المصير الذي سيلقاه أي واحد. بل يهم مصير الأسرار والوثائق والمعطيات التي تفيد في فهم حقائق، لا يجب أن تبقى مغيبة إلى الأبد.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.