هل لليهود وطن فى قصص ألف ليلة ؟، هل المؤلف العربى وضع على خريطته بلداً تجمع اليهود وحدهم؟، ما هى مساحتها؟، وما هو عدد سكانها؟، وما هي عادات وتقاليد أهل هذه المدينة ؟، وما هى لغتهم؟، فى أي قارة تقع في آسيا أم أفريقيا؟، وهل هى خاصة بأتباع الديانة اليهودية فقط؟، هل من الممكن أن يعيش بها أصحاب الديانات الأخرى؟، ما هو نظام الحكم بها؟، وهل قوانينها تطبق الشريعة الموسوية أم قوانينها مدنية؟، هل تعتمد على الزراعة والصناعة والتجارة فى اقتصادها؟، ولماذا ذكرت فى الليالي؟، هل تم إقحامها أم كان لها سياقها الخاص بها؟، وهل صياغتها تمت بعقلية عربية يهودية أم عربية إسلامية؟، ما الفرق بين شوارعها وشوارع وأزقة المدن العربية؟، على تقع على بحر أو محيط أم وسط جبال؟ في الليلة الخامسة والثمانين بعد الأربعمائة، خلال رحلة بلوقيا في البحث عن النبى محمد عليه الصلاة والسلام، التقي شاب يدعي «جانشاه» بن الملك طيغموس حاكم بلاد كابول، قص بلوقيا قصته، وحكي جانشاه حكايته، ملخصها انه خرج في احدي الرحلات، وغرقت السفينة ونزل في جزيرة القرود، وعثر علي لوح من المرمر، كتب فيه: اعلم يا من دخل هذه الأرض، أنك تصير سلطاناً علي هؤلاء القرود، وما يتأتى لك رواحاً من عندهم إلا أن رحت من الدرب الشرقي بناحية الجبل وطوله ثلاثة أشهر، وأنت سائر بين الوحوش والغيلان والمردة والعفاريت.. وفي نهاية اللوح كتب: ثم تنتهي إلي نهر عظيم يجري وجريانه يخطف البصر من شدة عزمه، وذلك النهر في كل يوم سبت ييبس، وبجانبه مدينة أهلها كلهم يهود، ويختلي جانشاه بجنوده ويقول لهم: أريد أن نهرب ونخرج إلي وادي النمل ونسير إلي مدينة اليهود، لعل الله ينجينا من هؤلاء القرود، وبالفعل سار حتى النهر ورأي بجانبه مدينة عظيمة وهي مدينة اليهود التي رآها مكتوبة في اللوح، فأقام هناك حتى يوم السبت، جفت المياه في النهر، فعبر النهر حتى وصل إلي مدينة اليهود، فلم ير فيها أحداً، فمشي فيها حتى وصل إلي باب بيت، ففتحه ودخل، فرأي أهله ساكتين لا يتكلمون أبداً، فقال لهم: إني رجل غريب جائع، فقالوا له بالإشارة: كل واشرب ولا تتكلم، فقعد عندهم، وأكل وشرب ونام تلك الليلة، فلما أصبح الصباح سلم عليه صاحب البيت، ورحب به وقال له من أين أنت وأين رائح!! فحكي له جانشاه حكايته ونفي اليهودي له علمه بموضع بلدته. علي أية حال يتضح من الحكاية أن حلم مدينة اليهود كان سائداً في زمن رواية ألف ليلة العربية، وان اليهود العرب قد أدخلوا ثقافات البلدان المحيطة، فكرة مدينة اليهود، ويتضح أيضا ان هذه المدينة لم تكن محددة الجغرافيا، وان الراوي فشل في العثور علي من يعلم بها أو بموضعها، سوي أهالي مدينة شمعون، وهم من خلال الاسم أقرب للديانة اليهودية، والمدهش في الأمر ان مدينة اليهود هذه، ليست لها علاقة بأرض الأجداد التوراتية، حيث يتبين من السياق أنها اقرب إلي روسيا القديمة، من منطقة الشرق الأوسط، عملتها الدينار، وتقع على بعد أميال من جبل يسمى قاف، لها أزقة تشبه أزقة المدن العربية، على أبوابها نهر يجف يوم السبت، وسكانها يتحدثون اللغة التى كان يتحدثها بلوقيا، وربما كانت العربية، الحياة والطبيعة تتوقف تماماً يوم السبت، والسكان يلتزمون بيوتهم، لا يتكلمون ولا يأكلون ولا يعملون، سكانها حسب السياق طيبون يتميزون بكرم الضيافة، لا يرفضون أصحاب الديانات الأخرى، ويمدون يد المساعدة للأغراب، مدينة اليهود أقرب للمدن العربية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، الخيال العربي رسمها بذهنيته وثقافته الشرقية، رأى مدينة اليهود مماثلة لمدنه التي سكنها وعاش بها، يعيش أهلها على التجارة والصناعة الخفيفة، وتنتشر فيها الخرافة، الذهب والياقوت من الممكن أن تعثر عليه في أعالي الجبال أو في الأماكن المهجورة، يعيش الجن مع الإنسان، وكثيراً ما يلتقون أو يحتكون بعضهم ببعض، ربما نظام الحكم مثل الأنظمة المصرية، يغلب عليها الطابع الديني، ففي السبت تتوقف الطبيعة وتتوقف الحياة البشرية.