هناك حكمة تقول «ما نفع الركض، إذا كان الركض فى الطريق الخطأ» ويبدو أن جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها قد فقدت الطريق الصواب ويبدو أيضا أنها لم تدرك حتى هذه اللحظة أنها وحزبها يحكمان فى دولة بحجم مصر بتاريخها ومؤسساتها.. ويبدو كذلك أنهم يركضون فى الفراغ.. لا يخشون السقوط الى حافة الهاوية لأنهم لم يعوا لا اللحظة التاريخية القدرية التى أتت بهم لحكم دولة بحكم المحروسة.. ولا يدركون ما يجب فعله ويحتم عليهم وضع الخطط والاستراتيجات المنبثقة عن رؤية واضحة المعالم تنم على عقليات سياسية حقيقية لها - كما يدعون أكثر من ثمانين عاما – ولكن يبدو أن هذه السنوات تشبه سنوات العجاف لا زرع فيها ولا حياة.. فهى سنوات بلا سياسة ولا رؤية بل وحتى لا نضال حقيقى.. إنما فقط معين للثأر والانتقام.. وما بين الحين والحين يتحفنا أحد قادة هذه الجماعة بإطلاق تصريحات هنا وهناك أقل ما يقال عنها وأقل ما توصف بها أنها تصريحات وآراء لا علاقة لها – لا بالسياسة ولا باحترام تاريخ هذه الأمة بمؤسساتها العريقة. أولا الدكتور عصام العريان وتصريحاته الأخيرة عن اليهود الذين هاجروا من مصر ودعوته لهم حسب ما فهم من سياق كلامه أنه من حقهم العودة والمطالبة بممتلكاتهم.. وهى دعوة غريبة وتنم عن عدم معرفة حقيقة تاريخ هجرات اليهود من مصر.. سواء أعدادهم أو جنسياتهم أو حتى دياناتهم.. وبالطبع مفهوم لدى الجميع ما الغرض الذى أطلق العريان تصريحاته العنترية من أجله.. ثانيا: الدكتور أحمد أبو بركة المستشار القانونى لحزب الجماعة يقول بالحرف الواحد (الرئيس يريد أن يصلح الإعلام والقضاء.. وهما أفسد مؤسستين مارستا الفساد بشكل واضح فى الدولة.. فالإعلام مؤسسة فاسدة والقضاء لحقه ما لحق المجتمع المصرى كله» حوار له مع جريدة الصباح فى 5/11/2013 ومن يدقق فى كلمات أبوبركة لا يسعه إلا أن يضرب كل الكفوف.. كيف يجرؤ أن يتحدث هكذا وباستخفاف عن مؤسستين ساهمتا نتيجة ما تتمعتا به من معرفة المصريين بهذه الجماعة المحظورة التى لم توفق اوضاعها حتى الآن.. أليس القضاء هو الذى أشرف على انتخابات الرئاسة التى أتت بمرشحهم الى سدة الحكم؟ أليس القضاء هو الذى أتى بنحو 70% من أعضاء برلمان نوفمبر 2010 الى القبة والذى سرعان ما كشفوا عن ضعف أدائهم وسطحية خبراتهم وسذاجة أطروحاتهم؟ أليس هذا الإعلام الذى يتهمه بالفساد هو صاحب الفضل فى إيصال أفكاره هو شخصيا وكل قيادات الجماعة والحزب الى الجمهور المصرى البسيط؟.. أليس هذا الإعلام هو الذى صنع نجوميتهم وليته ما فعل.. نعم يجب أن يعاقب لانه لم يراعى القيم المهنية.. فلو كان فعلها – ومازالت أمامه الفرصة – لما تحدث اكثر من 90% ممن ينتمون الى تيار الاسلام السياسى فى وسائل الإعلام.. والشواهد كثيرة. ملحوظة .. تصدر المانشيت الرئيسى لجريدة الأهرام يوم السبت 5/1/2013 العنوان التالى: «أيها الناس اقرأوا ما قاله العريفى عن فضائل مصر» ثم قام بنشر الخطبة كاملة بالصفحة الرابعة.. ومثل الأهرام كانت معظم الصحف. وغنى عن الذكر ما قاله الشيخ محمد العريفى فى خطبة الجمعة التى القاها بمسجد البواردى بمدينة الرياض فى 14 ديسمبر 2012 والتى ودع بها عام 2012 متحدثا عن فضائل مصر وأهل مصر وثقافة مصر وتاريخ مصر الحافل.. وكذلك فى جمعة 11 يناير بمسجد عمر بن العاص بالقاهرة، فيبدو أن الشيخ السعودى يئس مما يراه على أرض المحروسة والانقضاض على منجزات مصر لصالح فئة وتيار وجماعة حتى وإن كانت تستخدم الدين كشعار لها.. وأنه يجب على المصريين أن يثقوا فى قدراتهم وعقولهم وأن يحترموا تاريخهم وانجازاتهم».. ولكن يبدو أن من يديرون دفة حكم البلاد أنهم وافدون لا يدركون قيمة هذا الوطن وفضائله.. فمثلما قال الخال عبدالرحمن الأبنودى: مصر يا أول نور فى الدنيا شق ظلام الليل.. احسبى عمر النور فى الدنيا يطلع عمر النيل.. النور من هنا الخير من هنا.. ليه اسكت انا وما أقولش وعيد.. سنظل نذكر ونعيد إلى أن يفهم الفاهمون وغيرهم.. بغض النظر عما قاله الشيخ العريفى وله كل التقدير ... وللحديث بقية.