قرية نجوع الصوامعة شرق التابعة لمركز أخميم من القرى الفقيرة بمحافظة سوهاج، يعمل أبناؤها بالأجر خارج القرية وخاصة فى القاهرة، وقد شاءت إرادة الله أن يموت اثنان من أبنائها تحت عجلات قطار البدرشين المشئوم لتصعد روحاهما الطاهرتان إلى بارئهما شاهدتين على الإهمال الذى استشرى فى معظم مرافق الدولة دون وازع من رقيب أو تأنيب من ضمير. شدة البرد لم تمنع أهل القرية البسطاء من افتراش العراء فى انتظار نعشى الشهيدين حمادة الرشيدى ووائل صبرى، حيث تجد شيوخا كبارا وقد أحرقت الدموع أجفانهم الواهية، ونساء أقعدهن الخبر المفجع، وأطفالا تمشى هنا وهناك دون أن تعرف ماذا حدث سوى قطار متهالك قضى على آمالهم. أكد أحمد عبداللاه 60 سنة مزارع «عم الشهيد حمادة الرشيدى» أن ابن شقيقه الابن الأوسط لشقيقه المتوفى وكان عليه العبء الأكبر فى الإنفاق على أسرته بالتعاون مع شقيقه الأكبر محمد 26 سنة وشقيقه الأصغر أحمد 14 سنة، وعاد الشهيد من ليبيا منذ شهور لمعرفة موقفه من التجنيد. وأضافت أمه صباح عوض أن ابنها الشهيد كانت بيده إعاقة بسبب إصابة قديمة وقدم تظلما ولكن التظلم تم رفضه، ثم قدم تظلما آخر، وكان يستعجل الأيام لكى يسافر خارج البلاد لينفق علينا بعد أن ضاقت بنا السبل منذ وفاة زوجى، فقد كان حمادة بارا بشقيقتيه المتزوجتين، وحتى الآن لا أصدق أنه مات – ابنى لم يمت فهو شهيد يعنى فى الجنة. ويتناقل أطراف الحديث أقارب الشهيد وائل صبرى الذى كان يعمل فى سوق الخضار بالقاهرة مع أبيه العامل البسيط لكى يوفرا للأسرة قوت يومها، أشار حسام صالح 25 سنة - ابن عم الشهيد إلى أن الفقيد عاد من القاهرة منذ أيام، وعندما سألناه عن سبب عودته مبكرا قال لهم: إنه يريد قضاء الخدمة الوطنية، وسهر معنا فى دوار العائلة وكأنه يشعر بأن هذا اللقاء هو آخر لقاء يجتمع فيه بالشباب من أقاربه، وقام باحتضانهم واحدا تلو الآخر ولمحت كلاما فى عينيه لم أعرف تفسيره سوى بعد خبر وفاته واستشهاده، ويضيف حربى عطا - 46 سنة - ابن خال الشهيد أن أهل القرية فقراء وكل سعادتهم أن يعيشوا يوما بيوم ولا يطلبون سوى الستر، فهم لا يطمعون إلا فى توفير فرص عمل لشبابهم. أما محمد حسن - 35 سنة - مدرس فقد طالب وزير الدفاع باستقلال منطقة تجنيد سوهاج بدلا من الذهاب إلى منطقة تجنيد أسيوط مغرد سكان محافظة سوهاج يزيد على 4 ملايين نسمة. ويتساءل هل جنود الوطن قيمتهم رخيصة لدرجة عدم تخصيص قطار حالته جيدة لهم بدلا من ذلك القطار المتهالك الذى أبلاه الدهر، ولا أعرف متى تنتهى أزمة السكة الحديد؟ ثم يستكمل كلامه عن الشهيد قائلا لقد كان الراحل أمل العائلة كلها وليس أسرته فقط – الله يرحمه ويصبرنا. أسرة «المساعد غنيمى» تطالب بالقصاص القليوبية صلاح الوكيل: شيع أهالى قرية كفر مروان مركز كفر شكر بمحافظة القليوبية فى موكب جنائزى مهيب ضحية قطار البدرشين غنيمى صبحى غنيمى مساعد أول بالقوات المسلحة الذى لقى حتفه فى الحادث خلال عودته من وحدته العسكرية لقضاء إجازة 10 أيام بالقرية. اقيمت الجنازة من مسجد القرية وشارك فيها المئات من أهالي القرية والقري المجاورة تلقي والد الفقيد وأشقاؤه العزاء علي مقابر القرية، طالب الأهالي بضرورة محاسبة المتسببين في الحادث حسابا عسيرا لاستهتارهم بأرواح الغلابة، وأشاروا الي ان الاستخفاف بأرواح المواطنين كارثة لا يمكن ان تمر مرور الكرام خاصة مع تكرار تلك الحوادث وعدم معرفة مسبباتها، مطالبين بإقالة الحكومة الحالية بكامل تشكيلها. ظهر والد الشهيد صبحي غنيمي فلاح 70 سنة متماسكًا بشدة خلال الجنازة وسيطرت عليه حالة ذهول شديدة ولم يردد سوي كلمة «إنا لله وإنا اليه راجعون»، مؤكدا ان الفقيد كان اكبر سند له بعد مصرع شقيق له كان يعمل بالقوات المسلحة أيضا، مشيرًا إلى أنه كان يرعي أبناء الفقيد خلال غياب نجله. وأضاف شقيق الفقيد ويدعي سعيد موظف ان الفقيد ترك 3 بنات وولدا هم سمر 17 سنة وسهام 16 سنة ومحمود 12 سنة وميسون 6 سنوات وأرملة تعمل مدرسة بمحافظة الشرقية وحمل سعيد حكومة الدكتور قنديل المسئولية مطالبا بإقالتها ومحاسبة المتسببين في الحادث، مشيرا إلى انه علم بالحادث من اصدقاء الفقيد الذين كانوا معه وقت الحادث وان تقرير الطب الشرعي أكد وفاة شقيقه نتيجة تهشم الجمجمة. أكد الجميع علي حسن أخلاق الضحية الذي كان مضرب الأمثال في الالتزام ودماثة الخلق وكان ملتزمًا دينيًا وأكدوا انه رجل الخدمات لكل الناس الصغير قبل الكبير وانه كان من خيرة شباب أهل القرية وانه لم يتأخر يوميا عن خدمة أي أحد من أهالي القرية ولم يشك منه أي فرد، فكان مثالا طيبا يقدم واجبه علي أكمل وجه.