القلب ولا العين.. مين السبب فى الحب؟ ناس تقول العين وناس تقول القلب مين يا ترى كان السبب فى الحب مين؟ لما العين تناجى العين وتسألها قلبك فين؟ مين السبب فى الحب، القلب ولا العين؟ فى الحقيقة السؤال صعب جدا.. لأنه يعبر عن قضية عاطفية شائكة تتعلق بالعواطف والأحاسيس وليس بمشكلة أرقام حسابية أو معادلات كيميائية. والغريب أن كلمات الأغنية (للمطربة سعاد محمد) تعيد طرح تلك القضية التى احتارت البرية فى حلها منذ ظهور الإنسان على ظهر البسيطة.. ومع ذلك لم تجب عن السؤال ولم تحسم القضية على أية حال.. ناس قالت العين هى السبب فى الحب، حيث إنها دائما البادئة: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء هذا ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقى، أما الشعر العربى القديم فقد أكد على: إن العيون التى فى طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا فالعيون الجميلة ذات الأطراف المسحوبة.. لا يستطيع أحد مقاومتها، حتى لو اشتهر برجاحة العقل!! وحديثا قالت فيروز إن السيوف البتارة تعجبت واندهشت من قسوة العين.. وحدة رموشها التى تفوقت على السيوف القواطع! تعجب السيف الذى جردته عيناك أقسى من مضارب حده كل السيوف قواطع إن جردت وحسام لحظك قاطع فى غمده ومع وضوح ما شهدت به الفنانة الكبيرة.. من أن العيون الجميلة أشد ضراوة من مضارب حد السيف.. إلا أنها تعود فى مقطع آخر لتؤكد أن القلب هو الأساس.. وهو السبب فى الحب: لو كان قلبى معى ما اخترت غيركم ولا رضيت سواكم فى الهوى بدلا ولكنه راغب فيمن يعذبه وليس يقبل لا لوما ولا عتبا فالقلب هنا لا سيطرة عليه.. وعندما يقع فى الحب فلن تفلح معه كل وسائل الشفاعة.. أو العتاب واللوم.. بل إنه يستعذب ما هو فيه.. ويرغب فيمن يعذبه! وسيدة الغناء العربى أم كلثوم.. تتحيز أيضا إلى القلب: وكنت إذا سألت القلب يوما تولى الدمع عن قلبى الجوابا ولى بين الضلوع دم ولحم هما الواهى الذى ثكل الشبابا فدموع العين.. ما هى إلا تعبير عن حالة القلب الولهان الساكن بين الضلوع فى صورة (دم ولحم) وكان سبباً فى ضياع الشباب! ولكن الحب أكبر من أن يكون العين والقلب وحدهما سبباً له.. فالأذن أيضا يمكن أن تكون سبباً، وهو ما حدث فعلا مع الشاعر بشار بن برد الذى أحب امرأة لم يرها فقد كان كفيفا وقد قال فى ذلك: قالوا: بمن لا ترى تهزى؟ فقلت لهم الأذن كالعين توفى القلب ما كان يا قوم، أذنى لبعض الحى عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا بل لم يقتصر الأمر على العين والقلب ومن بعدهما الأذن.. فقد تبين أن «الكبد» أيضا يمكن أن يكون سبباً.. وهو ما حدث أيضا مع «القس» فى فيلم «سلامة» فقد لامه الناس كيف يقع فى الحب وهو رجل تقى وورع؟ فكان رده عليهم أنه بشر مثلهم وله كبد يهفو كأكبادهم. قالوا: أحب القس سلامة وهو الرجل التقى الورع الطاهر قلت: يا قوم لى كبد كأكبادكم يهفو ولى فؤاد مثلكم شاعر إذن الحكاية ليست القلب أو العين.. فمن الواضح أن الهوى (الحب) وعد ومكتوب فوق الجبين! وهو حالة من الوجد تصيب الإنسان.. قريبا كان أو بعيدا عن المحبوب.. وقد يكون لم يره.. ولكنه سمعه وأحس به بحواسه المختلفة.. وفى مقدمتها القلب.. والكبد كما رأينا حيث إن: دلائل الحب لا تخفى على أحد كحامل المسك لا يخلو من العبق وتأمل معى الحالة التى كان عليها امرؤ القيس عندما وقف على أطلال قبيلة محبوبته وهو يتذكر منزلها وما كان بينهما من لقاءات: فاضت دموع العين منى صبابة على النحر حتى بل دمعى محملى فقد فاضت عيونه بالدمع الغزير حتى إنها سقطت على صدره وبللت جراب سيفه، فيا أيها المحبون.. عيشوا حبكم ولا تشغلوا أنفسكم عن الأسباب، فالحب جميل.. وهو قدر مكتوب على الجبين، أما من لا يحركه العود وأوتاره والربيع وأزهاره، فهو فاسد المزاج.. ليس له علاج!