حدثتنا كتب السيرة أن الرسول الكريم كان يخضب لحيته بالحناء، والحناء تصبغ الشعر بلون لا هو بالأسود الفاحم ولا الأحمر القاني، وكثيراً ما نري الناس في زماننا والأزمنة السابقة يصبغون شعور رؤوسهم كمادة للتجميل وإخفاء الشعر الأبيض «الشيب» وهذا لا بأس به، أما اللحي الكثة المنفرة أحياناً فقد صارت في الآونة الأخيرة وبعد ثورة 25 يناير تعبر عن طائفة من الناس ممن يسمون أنفسهم بالسلفيين، فتراهم يطلقون لحاهم ويقصرون ثيابهم ويمشون في الأرض كأنما يقفزون أو كأن وراءهم من يتعقبهم، وهم في مظهرهم الغريب علي شعبنا الضارب في عمق التاريخ يظنون أنهم هم المسلمون الحقيقيون وأن غيرهم من الناس ليسوا كذلك بل إن بعضهم يتطاول ويصف الآخرين بالكفر، كما نسمع ونشاهد بعض الألسنة الملتحية في القنوات المسماة «الدينية» التي تظهر علينا يوماً بعد الآخر - والحقيقة أن إطلاق اللحي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالإسلام الحق ولا بالإيمان الحقيقي - فقد كان عتاه المشركين من كفار قريش وعلي رأسهم «أبوجهل» ذوي لحاة كثيفة.. تفوق لحية الرسول صلي الله عليه وسلم.. كما أنه في كل الأديان السماوية من يطلقون لحاهم ونري هذا في قساوسة ورجال الدين المسيحي وعلي رأسهم البابا.. وكذلك الحاخامات في الدين اليهودي التي تصل لحاهم إلي منتصف صدورهم.. إذن فليست اللحي هي التي تعبر أو تميز المسلم والإسلام.. وعندما نري ما يحدث من هذا الفصيل الذي انطلق بيننا بعد ثبات من ترويع يصل لحد القتل كما حدث عند سور قصر الاتحادية، وغيره نقول لهم: إن لحاكم صارت مخضبة بالدماء وليست بالحناء، وإنكم تحملون وزر الدم الزكي الذي أرقتموه عن جهالة بتعاليم الإسلام الحقيقية السمحة الغراء، كما أسس لها سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم، فالمسلم كما قال الرسول الكريم هو «من سلم الناس من لسانه ويده» والإيمان هو الدرجة الأعلي في الإسلام «قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم» صدق الله العظيم.. ولهذا أقول لهؤلاء: تعلموا دينكم قبل أن تكونوا جميعاً إمعة يسوقكم من أتخذتموهم رموزاً لكن وهم علي غير الحق والصواب فمنكم الملتحي الذي يرمي المحصنات جهراً ويقذفهن بأقذع الألفاظ والعبارات.. فهل هذا من الإسلام؟.. ومنكم من يتطاول علي الوطن والشعب كله ويدعو ببجاحة منقطعة النظير اليهود للعودة لمصر وتعويضهم عن ممتلكاتهم وكأنه مفوض من الشعب المصري بذلك.. والأدهي أنه مستشار للرئيس ولا نسمع من الرئاسة أكثر من كلمة أن دعواه شخصية وخاصة به وحده.. ولو كان أحد من النظام السابق قد قالها لعلق له أصحاب اللحي أعواد المشانق واتهموه بالخيانة العظمي، وهنا أتذكر كلمة الراحل الساخر الذي كم كنا نحتاجه الآن، صلاح جاهين «عجبي». عجبي علي ما أري وأسمع من خوارج هذا الزمان، كنت في جلسة نتحاور في شئون حياتنا ووطننا وما نحن فيه.. وقال صديق من الجلوس مقولة عفوية مستنكراً ما يحدث من حصار للمحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي واقتحام حزب الوفد من هؤلاء الملتحين.. قال في أسي: بكابورت مقفول وانفتح وطلعت علينا منه كل ما نراه ومنهم لله اللي فتحوه كلمة قاسية لكن ما نري ونسمع عبر فضائياتهم التي انفجرت مع ظهورهم.. تشبيه يستحقونه عن جدارة.. ولهذا أقول لكل فرد منهم: اتق الله.. وعد إلي صوابك أو إلي أمريكا.. أو أقفل عليك دكانك.. ولا تفتحه مرة أخري. وأقول لأصحاب اللحي المتورطين في القتل والترويع وإرهاب الناس أياً كان انتماؤهم: اغسلوا لحاكم جيداً بالماء والصابون ثم خضبوها بالحناء أو احلقوها.. فلعل الله يغفر لكم.. فهو الغفور الرحيم.