كثرة الاستغفار من صفات المؤمنين و جاء بيان ثمرات الاستغفار ونتائجه في العديد من المواضع في كتاب الله سبحانه وتعالى، وأحاديث نبيّه المصطفى عليه الصّلاة والسّلام؛ وممّا جاء فيها قول الله تعالى في سورة نوح: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). وكان من تلك الثّمرات والفضائل التي أشارت إليها النّصوص الصّحيحة ما يأتي: الاستغفار سببٌ لجلب الرّزق وتنميته وتكثيره: حيث يُعدّ الاستغفار من أهمّ الأسباب التي تجلب الرّزق، وتُنمّيه، وتبارك فيه، ومن أوجُه تكثير الرّزق نزول الغيث بعد القُنوط منه، وما له من آثار في نموّ الزَّرع وزيادة المحاصيل، والاستغفار كذلك سببٌ لتحصيل الرّزق المتمثّل بتحقُّق البركة في الأموال والأولاد، قال الشعبيّ: (خرج عمر يستسقي، فلم يزِد على الاستغفار حتّى رجع، فأُمْطِروا، فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السّماء التي يُستنزَلُ بها المطر). الاستغفار تكفيرٌ للذّنوب وإزالة الآثام والسيّئات: فإن المسلم إذا عصى الله أو أذنَبَ ذنباً ثمّ استغفر الله، فإنّ الله وعده بأن يمحو تلك المعاصي والذّنوب عنه حتّى تعود صفحته بيضاء خاليةً من الذّنوب والآثام، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا). محبّة الله لمَن يستغفره: أوجب الله سُبحانه وتعالى محبّته لمن يستغفره؛ فهو يفرح بتوبة عباده ورجوعهم إليه، ويرضى عنهم ويُباهي بهم الملائكة على قربهم منه. استجلاب الخير والبركة: فالمداومة على الاستغفار تجلب الخير والبركة للعبد، ودليل ذلك دعوة نوح عليه السّلام لقومه وتوجيهه لهم بالاستغفار؛ ليُزاد رزقُهم وينمو، ويظهر ذلك في قول الله تعالى على لسانه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). الاستغفار طريقٌ للنّجاة من عذاب الله واستحقاق عذاب القبر: فقد قال الله تعالى لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). الاستغفار سببٌ في تفرِيج الكروب والبُعد عن الهموم: فقد رُوِي عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ لهُ من كلِّ همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مخرَجاً، ورزَقه من حيثُ لا يحتسبُ). في الاستغفار اقتداءٌ بالأنبياء والرُّسل عليهم السّلام: فقد لجأ الأنبياء والرُّسل جميعاً إلى استغفار الله والتوجُّه إليه في أوقات الشِّدّة وفي أوقات الرخاء، فقد طلب آدم عليه السّلام وزوجته حوّاء المغفرة من الله تعالى بعد أن خالفا أوامره، فأكلا من الشّجرة التي نهاهما عن الاقتراب منها، ويظهر ذلك في قول الله سبحانه تعالى: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). واستغفر موسى عليه السّلام ربّه بعد أن وكز رجلاً فقتله دون قصد، فقال الله تعالى على لسان موسى عليه السّلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).