العقيقة سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تُسنَّ لوليِّ الأمر حين يُرزق بمولودٍ ذكرًا كان أو أنثى، وحثّ عليها في مواطن متعدّدة، ولها أحكام متعلّقة بها، لعلّ من أهمّها: يستحب ذبح شاتين عن الغلام، وواحدة عن البنت، علمًا أنه لو ذبح عن الذكر ذبيحة واحدة أجزأه ذلك، ويحصل به أصل السنة، ويستحبّ أنْ يكون ذلك في اليوم السابع من ولادته أو في اليوم الرابع عشر أو ما تلاه من أسابع. يشترط في العقيقة كل ما يشترط في الأضحية من حيث الجنس والسن والسلامة من العيوب، بحيث تكون سليمة من كل عيب ينقص اللحم أو القيمة، أمّا السنّ المعتبرة عند كثير من أهل العلم فيشترط في الضأن تجاوزها السّنة، أو تكون سقطت أسنانها، ويطلق على الشاة التي سقطت أسنانها عند أهل الاصطلاح بالشّاة التي أجذعت، وأما المعز والبقر فيجب أن تكون قد أتّمت السنتين ودخلت في الثالثة. جمهور أهل العلم أنّه يجزئ في العقيقة ما يجزئ في الأضحية من الأنعام، سواء كان إبل وبقر وغنم، ولا يجزئ غيرها، وهذا متفق عليه بين الحنفية والشافعية والحنابلة، والأفضل أن تكون العقيقة من الغنم، اتباعاً للسنة. في الحقيقة أنّه لا حدّ فيما يأكل ويتصدق ويطعم الفقراء والأقارب والجيران، إن شاء نيئًا وإن شاء مطبوخًا، وذلك لتعدّد الروايات في المسألة، ولقول النبي -عليه السلام-: (فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا)، وذهب بعض الفقهاء إلى أنّ السنة تتحقّق بتقسيمها ثلاثة أثلاث كما في الأضحية، ويجوز أن يحتفظ بها كلها بشرط أن يخرج منها قدرًا ولو يسيرًا للفقراء والمساكين. أهل العلم متّفقون على أنّه لا يجوز بيع أي جزء من لحم العقيقة لأي أحد، وكذلك يحرم البيع من غير لحمها كالجلد أو الأحشاء، أو غير ذلك، ولا يجوز إعطاء الجزار جزء منها بدلًا من أجرة ذبح العقيقة، وهذا كلّه قياسًا على أحكام الأضحية. [5] يستحبّ للمسلم أن لا يكسر من عظم العقيقة شيئًا ما استطاع، ويحرص على تقطيع كل عظمة من مفصلها، وفي ذلك تفاؤل بسلامة أعضاء المولود. ذهب أهل العلم إلى استحباب أن يعقّ المسلم عن نفسه إذا علِم أن والده لم يعق عنه سابقًا؛ فيذبح عن نفسه، تحقيقًا للسنة، والتماسًا للأجر والثواب. شراء الشاة المذبوحة لا تعد عقيقة، فهي لم تذبح بهذه النية، والعقيقة تحتاج إلى انعقاد النية لها. أباح العلماء شراء العقيقة بالتقسيط، أو أن تقترض ثمنها قرضًا حسنًا من أحدهم في حال غلب على الظنّ الوفاء بالقسط أو بالقرض، إلا أنّ الأوْلى عدم فعل ذلك، ولكن من استدان لتحقيق السنة رجونا أن يخلف الله عليه ويعينه على أمره، مع العلم أنّ العقيقة يسقط حكمها عند العجز عن دفع ثمنها، مصادقًا لقول الله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: 286) فلا ينبغي للمسلم أن يكلف نفسه بالعقيقة إن كان فقيرًا غير مستطيع.