مستقبل غامض ينتظر الصحافة والإعلام في مصر، مع قدوم عام جديد، بعد أن تم تمرير الدستور المعيب الذي ينص علي عدة مواد من شأنها تقييد الحريات، وتكميم الأفواه، هذا فضلاً عن الإعداد لمزيد من التشريعات والقوانين التي سيتم تمريرها من قبل مجلس الشوري في الفترة المقبلة، والتي ستمثل قيوداً لتنظيم بث القنوات الفضائية أيضا، وتوقع أساتذة الصحافة والإعلام، مزيدا من القوانين الكارثية في العام الجديد في ظل ضعف الأداء الحكومي الذي لم يعد يحتمل النقد. صلاح عيسي الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة «القاهرة»، يقول: في ظل الدستور الجديد سوف نشهد مزيداً من تقييد الحريات، هذا الدستور الذي رفض إلغاء العقوبات في جرائم النشر، فالتهديدات معلنة في هذا الشأن ومتكررة، فقد تم إضافة المواد الدستورية التي تؤدي لتعطيل الصحف وإغلاقها بحكم قضائي، ومنها أيضاً احتفاظ الحكومة بالسيطرة علي الصحف القومية، فقد نبه الرئيس محمد مرسي في خطابه، إلي أنه سيختار بنفسه رؤساء الهيئات المستقلة، وهذا يعني مزيدا من القيود التي سوف يتم فرضها علي الصحافة من أجل تقييد حرية الصحافة والإعلام في مصر. الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، ورئيس لجنة رصد وتقييم الأداء الإعلامي، يقول: سوف تشهد الفترة القادمة مزيداً من الارتباك، لأنه لا توجد آلية تنظم العمل، فهناك تصريحات غير مطمئنة من قبل المسئولين في الدولة، فنحن في حالة تحول وسيطرة من قبل الإخوان، ولا شك ان هذا سيؤدي لحدوث حالة من الانقسام في المجتمع. وبدأت بوادرها تظهر بوضوح أثناء عملية التصويت للدستور، كما ان التصريح بتلقي القنوات الفضائية أموالاً مشبوهة لمحاربة الإخوان أمر غير معقول، ويجب ألا يتم التصريح به إلا في حالة وجود أدلة علي هذا التمويل. الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، يقول: من المتوقع أن تصدر حزمة من التشريعات المقيدة للصحافة وحرية التعبير عن الرأي داخل القنوات الفضائية، وهناك مؤشرات كثيرة تدل علي ذلك، أولها: ان الحكومة أعدت مشروعاً لتنظيم الصحافة، وينظم بث القنوات الفضائية، إعمالاً لعدد من مواد الدستور الأخير، الذي تم تمريره من بينها المادة التي تنص علي إصدار الصحف بالإخطار، فالحكومة الآن بصدد إعداد تشريع ينظم الشروط الواجبة في حالة الإخطار تلك، وأتوقع ان نضع مزيد من القيود علي الأخطار تجعله أقرب إلي الترخيص، كذلك هناك مادة نصت علي أن إنشاء القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية يتم وفقا للقانون، وبالتالي فإنه من المؤكد ان قانوناً سيصدر لتنظيم إنشائها، وسوف يضع شروطاً معينة في هذا الاتجاه، يمكن أن تؤدي لفرض نوع من القيود علي الخريطة، الفضائية المصرية، مما يجعلنا نتوقع ان القوانين الجديدة ستعتمد علي التقييد، وهو موقف السلطة الحاكمة من الإعلام، فهي دائمة الشكوي منه، وتحاول أن تلصق كافة المشكلات في المجتمع به، مثل الطريقة التي أديرت به أزمة النائب العام، حيث اتهم الإعلام بانه السبب في حدوثها ثم تصريحات الجماعة التي تصف الإعلاميين بأنهم سحرة فرعون، وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي، والهجوم علي الصحف ومن بينها جريدة الوفد، وكل هذه المؤشرات، تدل علي أننا بصدد قوانين مقيدة لحرية الرأي والتعبير، وخلال الفترة القادمة لن تحتمل أعصاب النظام الحاكم مزيدا من النقد، لذا فهو يريد في ظل ضعف أدائه ألا يسمح بمزيد من الانتقادات تجاهه. أحمد طه النقر الكاتب الصحفي ومدير تحرير جريدة الأخبار، يقول: لقد بدأ بالفعل مشروع تقييد الحريات حيث تم نشر مشروع قانون خاص بتنظيم المظاهرات والاجتماعات في إحدي الصحف، وهو مشروع كارتي، لأنه ينص علي ان المظاهرات يجب أن تتم في حضور ضابط شرطة، وفي حالة حدوث هتافات فانه من حقه حل المظاهرة، وهذا شيء مؤسف، وأري أنه قد بدأت بالفعل نذر حرب حقيقية منظمة علي حرية الصحافة والإعلام وعلي حرية التظاهر أيضا، فنحن الآن أمام العديد من القيود، وتمثلت في الدستور المعيب الذي لم يلغ عقوبة الحبس في قضايا النشر، وأتاح إمكانية إغلاق الصحف بالقانون، فهذا الدستور يجب ان نسعي سلمياً لإسقاطه لأنه لا يليق بمصر، ومن المتوقع حدوث «ماركاثية» مثل ما حدث في أمريكا عندما اتهموا المعارضة اليسارية بأنها تعادي الوطن، ونحن في انتظار مثل هذه الحملة، فرئيس الجمهورية ظهر منفصلا عن الواقع، حيث يقول مزيداً من التصريحات ثم لا تُنفذ، فهو أول من تنصل من تعهداته، حيث تعهد بستة التزامات مع الجبهة الوطنية، ومنها إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ولم ينفذ منها شيئا فلو كان نفذ وعودة بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لخرج دستور أفضل من هذا الدستور الطائفي الذي لم يحظ بالتوافق ورفضت الأغلبية، وأري أن ما تعهد به من الحفاظ علي حرية الإعلام لا مكان له فهي مثل باقي تعهداته الأخري.