بعد انتظار ما يقرب من عامين على مرور ثورة 25 يناير لتحقيق أهدافها التى طالبت بها من حرية وعدالة يأتى مشروع قانون التظاهر الذى تم طرحه للمناقشة على مجلس الشورى. والذى أثار الرعب والخوف في نفوس عدد من السياسيين والحقوقيين الذين طالما نادوا بالحريات وتحملوا القمع خلال عصر النظام البائد، فإنهم جهروا بأصواتهم ضد هذا المشروع الذى وصفوه بالقامع الذى يعيد مصر إلى عصور الاضطهاد السياسى. ومشروع القانون الذى شمل 26 مادة لإلزام من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمى بإخطار الجهات الإدارية المختصة قبلها بثلاثة أيام على الأقل في ظل منح الجهة الإدارية منع الاجتماع إذا رأت أنه يترتب عليه اضطراب في النظام أو الأمن العام، ولرجال الشرطة دائمًا الحق في حضور الاجتماع، ومن حقهم طلب حل الاجتماع لأسباب من بينها خروج الاجتماع عن الصفة المعينة له في الإخطار أو إذا حدث صياح أو ألقيت خطب تتضمن الدعوة إلى الفتنة. كما احتوى القانون على أن التظاهرات تبدأ من السابعة صباحا حتى الحادية عشرة مساءً فقط، وتعطى الحق لرجال الشرطة لاستخدام الوسائل المتبعة لتفريق المتظاهرين إذا هددت المظاهرة الأمن العام، بالإضافة إلى حظر الخطب والأناشيد "التي تدعو للفتنة"، وحظر الاعتصام والتظاهر الذي يعطل مؤسسات الدولة والمصالح العامة، فى الوقت الذى نص القانون على عقوبة الحبس سنة وغرامة لا تقل عن 30 ألفا ولا تزيد على 100 ألف لمن يخالف القانون. ومن قبل المجتمع المدنى بدأت البيانات المعترضة تنهال ضد المشروع الذى وصفوه بالقمعى الذى يكبت الآراء ويعيد زمن الديكتاتورية، فأصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بيانا ترفض فيه مشروع قانون التظاهر الذى طرح مؤخرا للعرض على مجلس الشورى ضمن مهامه بالتشريع لحين انتخاب مجلس النواب لما يتضمنه من مواد قانونية تعصف بالحق في التظاهر السلمى ويخالف المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان. وطالبت المنظمة الحكومة المصرية بالعدول عن هذا القانون وطرح موقفها من هذا القانون في ضوء التكهنات حول هذا القانون، مؤكدة أنه ليس من المعقول أن تسن مصر بعد ثورة الخامس والعشرين قانوناً بهذا الشكل من السوء ينتهك الحق في التظاهر السلمي على هذا النحو السافر والواضح. كما رفضت مبادرة "عين على الدستور" مشروع القانون معتبرة إياه تطبيقا للدستور الذى وصفته بالمقيد للحريات الذى يؤسس لحكم الديكتاتور الجديد في ظل محاولة إعدام الحقوق المدنية والسياسية والحق في التظاهر والاجتماعات العامة. واستنكرت المبادرة إعطاء الحق لجهة الإدارة بمنع الاجتماع إذا رأت أن من شأنه أن يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام، كما قام بمنعها فى كافة المؤسسات الحكومة وهو الذى يعطى إشارة بمنع العمل السياسى داخل الجامعات والمدارس. وبدأ الناشطون في إعلاء أصواتهم مهاجمين المشروع.. وفي المقدمة يأتى حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، الذى رفض المشروع شكلا ومضمونا ووصف هذا القانون بأنه أغرب قانون مر على جمهورية مصر طوال تاريخها، مشبها إياه بالقانون رقم 10 لسنة 1923 إبان فترة الاحتلال الإنجليزي للبلاد، لما أقره القانون من مصادرة الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي. وأشار أبو سعدة إلى أن قيام مجلس الشورى بتمرير هذا القانون مستغلاً الأغلبية ذات التيار الإسلامي سيكون بمثابة شرارة ثورة جديدة ضد هذه المنظومة من القوانين السيئة السمعة التي تعصف بحقوق وحريات المواطنين، مؤكدا أن هذا القانون سيسقطه المتظاهرون في مختلف المحافظات. وسخرت د. هبة رؤوف عزت من مشروع قانون التظاهر لما يفرضه بتحديد مواعيد التظاهر، قائلة "إن هذا القانون مواعيده تناسب جو أوروبا 7 صباحا مثلاً في الشتاء وسننتهي 7 مساء حتى في الصيف". وشبهت رؤوف، خلال تغريدة على الحساب الشخصى عبر"تويتر"، هذا القانون بمسرحية "صحصح لما ينجح" أيام جيل السبعينيات، متسائلة بسخرية " من هو رَجل الساعات الأسطوري المختبئ في الحكومة؟" واستنكر أحمد دومة، الناشط السياسي ومنسق عام تحالف "ضد العسكر والإخوان"، مشروع القرار موضحاً أن لجنة حقوق الإنسان التابعة لجماعة الإخوان بدأت عملها بمجلس الشورى الموالي للإخوان بصناعة قانون طوارئ جديد ولم تفكّر في قانون يمنع التعذيب في السجون أو إهانة المصريين ومحاكمة قاتليهم قائلا إنّها حقّا دولة الإخوان.