مفاجأة في سعر الدولار اليوم في البنوك    مفاجأة عن نهج الرئيس الجديد لتايوان مع بكين    توافد طلاب الشهادة الإعدادية على لجان الشرقية لأداء امتحانة العربي والدين (صور)    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    جلسات تحفيزية بفندق الإقامة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الترجي    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتوجه نصائح لمواجهة ارتفاع الحرارة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    أكثر من 142 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية اليوم    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد أمين التندى أستاذ الشريعة: الأزهر.. أحد حصون الدين والعلم
نشر في الوفد يوم 30 - 12 - 2020

الدين لا يُقر الفوضى والعشوائية.. والفساد عقبة فى طريق الإصلاح
السُّنة أصل من أصول التشريع.. والتشكيك فيها جهل وحقد
الشريعة الإسلامية وفّرت البيئة الداعمة للاستثمار
افتقاد القدوة والتربية غير السليمة أبرز أسباب الإلحاد
أقترح إنشاء سوق إسلامية مشتركة لتبادل مصادر الإنتاج بين أقطار الأمة
وُلد المفكر الإسلامى الكبير الدكتور محمد أمين إبراهيم التندى بقرية تندة - مركز ملوى بمحافظة المنيا فى قلب صعيد مصر، حصل على الليسانس من كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وفى باكورة أيام دراساته الجامعية تلقى تعليمه على يد كبار العلماء فى القانون والشريعة الإسلامية أمثال الإمام الراحل الشيخ محمد أبوزهرة والشيخ على الخفيف أحد رواد مدرسة القضاء الشرعى وأستاذ الشريعة الإسلامية بحقوق القاهرة، والشيخ محمد فرج السنهورى والدكتور محمد سلام مدكور صاحب الموسوعة الفقهية بالكويت، والدكتور يوسف قاسم رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية حقوق القاهرة آنذاك.
واصل «التندى» دراساته العليا حتى حصل على درجة الماجستير بدراسة بحثية تحت اسم «سلطان الإرادة فى عقد الزواج وجريمة الزنا للحفاظ على الأعراض» ثم نال درجة الدكتوراه عن بحث بعنوان «نظرية البطلان فى الشريعة الإسلامية والقانون».
عمل فى بواكير حياته نائبا لمجلس مدينة ديرمواس ثم عمل مدرسًا فى قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة المنيا، ثم أستاذًا مساعدًا وأستاذًا بالكلية، وتدرج فى العديد من المناصب العلمية، ونال عضوية العديد من الهيئات والجمعيات، كما درس فى العديد من الجامعات المصرية مثل جامعة أسيوط والمنيا والزقازيق وفى الخارج بالمملكة العربية السعودية واليمن وغيرهما.
قدم أستاذ الشريعة الإسلامية العديد من المؤلفات والأبحاث التى أثرت المكتبة الإسلامية ومنها: «هذا هو ديننا» و«فقه المعاملات والمشكلة الاقتصادية وحلها من منظور إسلامى».، و«القضايا المعاصرة والدين»، و«قطوف من الكتاب والسنة»، و«المسيح بن مريم فى التوارة والانجيل والقرآن»، و«الحفاظ على العرض»، و«الوكالة فى العقود»، و«قطوف من أخلاق القرآن والإسلام»، و«الدين وقضايا العصر»، و«آيات الاعجاز القرآنى» و«مدخل إلى علم التفسير والمفسرين».
«الوفد» التقت الدكتور «التندى» وهذا نص الحوار،،
الأمة الإسلامية تمتلك مقومات النهضة والتقدم، والإسلام يدفع المسلمين إلى العمل والانتاج من أجل الرقى والتحضر ومواكبة كل الأزمنة.. لماذا لا نرى ذلك على أرض الواقع؟
- الواقع أن الإسلام دين ودنيا وعقيدة وشريعة، هو الدين الخاتم ونبيه هو خاتم الأنبياء والمرسلين، لهذا جاء التشريع الإسلامى شاملاً لكل مناحى الحياة، ومن فضل الله على الأمة أن حباها بوسائل كثيرة للتقدم والعمل والحضارة منها أمور طبيعية مادية من التقارب الجغرافى وتعدد المناخ والأراضى المتسعة وغيرها من عناصر القوة، وجاء التشريع السماوى ليأمر المسلمين أن يكونوا قادة فى المجتمعات بالعمل والعلم ومواكبة الظروف والأحوال، وقد تصدر العالم الإسلامى قديمًا المجتمعات فى التحضر والرقى والاقتصاد والعلوم والحضارة التى استمدت منها أوروبا والغرب العلوم والثقافة والتحضر، وقد كان ذلك عندما فهم المسلمون تشريع الإسلام وطبقوه فكانوا منارات الحضارة والعلم والتقدم، وإن كان واقع الحال فى أوقاتنا هذه التأخر عن ركب الحضارة والتقدم وما كان ذلك إلا نتيجة للبعد عن التطبيق للشريعة الغراء والتكاسل والتواكل والاتكال على الغير مما يكرهه الإسلام وشريعته، والقرآن والسنة يوجبان العمل والتقدم العلمى لتحقيق الحضارة بل والسعى فى الأرض لتحقيق ذلك الهدف، ولنا أن نشير إلى بعض الأسباب أو العوامل التى ترتب عليها تخلف الأمة الإسلامية وعلاج ذلك، فمن أسباب التخلف فى بلادنا، أولاً: الاستعمار الذى أخضع البلاد فترات طويلة سلب فيها خيرات البلاد والعباد، والبطالة وعدم توافر التخصصات المختلفة أو قلتها وندرتها، ثالثا: هروب الخبرات والأموال إلى خارج البلاد الإسلامية، والحروب الداخلية والاختلافات بين المجتمعات، اضافة إلى غياب التكافل والتضامن والتعاون بين الأوطان الإسلامية، وعدم الاستشعار بالمسئولية والاخلاص للوطن والدين، وعلاج ذلك كله هو التخلص من هذه المعوقات باخلاص من الجميع حكامًا ومحكومين، أفرادًا وجماعات والافادة من عناصر القوة والانتاج اضافة إلى ذلك التنمية فى جميع مجالات الحياة والتخصصات المختلفة والتكافل والتضامن بين الأقطار الإسلامية، ولذا أقترح انشاء سوق إسلامية مشتركة وموحدة بين أقطار الأمة وتبادل العناصر ومصادر الانتاج بين الوطن، وبهذا تتصدر الأمة الإسلامية النهضة والتقدم والسير على خطى الأقدمين، قال تعالى: «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض».
ماذا عن تصوركم لشكل الخطاب الإسلامى المعاصر الذى يجمع بين مقاصد الشريعة ويحقق مصالح العباد؟
- الحقيقة إن الخطاب الإسلامى - فى عصرنا الحاضر - لا يلزم أن ينحصر فى أمور محددة كالعبادات وغيرها مع أهميتها القصوى وإنما يلزم أن يشمل كل المستجدات فى المجتمعات والظروف التى تواجه المجتمعات خاصة الشباب الذى ينقصه كثير من فهم حقيقة الدين الإسلامى وشموليته، لأنه «دنيا ودين» «عقيدة وشريعة» قال تعالى: «ما فرطنا فى الكتاب من شىء» (الأنعام).
فالخطاب الدينى يلزم أن يواجه المشكلات المعاصرة التى منها محاربة الفقر والمرض والجهل والالحاد والتخلف، وهذه أساسيات فى الدين الإسلامى اختص بها، ولابد أن يتوسع الخطاب الدينى ليشمل حل المشكلات التى تواجه المجتمعات ومحاربة أسباب الضعف وضرورة الاهتمام بأمور مهمة وهى الإيثار والبعد عن الأنانية والانعزالية وحب الذات ونشر التكافل الاجتماعى وحقوق الجار وحقوق الوطن، والاهتمام بالعلم والعمل ومحاربة كل أسباب التخلف وبث روح العمل، اضافة إلى أن الخطاب الدينى لابد وأن يشمل عدم معاداة المخالفين فى الدين أو الرأى، بل يلزم الاحسان إلى كل الخلق من البشر بل والحيوان والجماد، قال تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» «الممتحنة: 8»، كما يلزم الخطاب الدينى تخفيف التعصب فى الرأى والعقيدة قال تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن» «النحل: 125». وقال تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن» «العنكبوت: 46»، كما يجب الاهتمام بمشكلات الشباب والتصدى لظاهرة التكفير ومقاومة الالحاد والرد على الشبهات وترسيخ الأخلاق السامية والقدوة الحسنة وتصحيح الأخطاء التاريخية الكاذبة، وعرض الحقائق، حتى يكون الخطاب الدينى محققًا للأهداف المرجوة منه ويكون دعوة للتطبيق بل وعرض الإسلام بشكل صحيح درءًا للشبهات وصد دعوات التكفير ومعاداة الإسلام.
إحياء التراث والثقافة الإسلامية مهمة كيف يمكن ذلك وما السبيل نحو أمة موحدة؟
- التراث والثقافة الإسلامية قضية مهمة، لأن فيها الجذور العلمية والثقافية لأى حضارة ولبيان التاريخ الحقيقى للأمم، واغفال التراث أمر خطير وضياع معلم من معالم الأمم وحضارتها خاصة التراث الإسلامى والثقافى لارتباطه بالماضى المجيد والنور الساطع الذى أضاء الدنيا برسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة من بعده والتابعين على خطى ومسيرة الهدى النبوى، وآثاره فى نشر الحضارة والتقدم فى العالم وبروز العلماء والمحققين من الأجلاء والمخلصين والتقدم الثقافى والعلمى بل والاقتصادى و الأخلاقى من خلال المنظومة الإسلامية ومنبع الحضارة والرقى فى الشرق والغرب، لأنها اقتباس من النور الهادى من شريعة الإسلام واجتهادات العلماء المخلصين والمتخصصين الذين وعوا حقيقة الإسلام وإنقاذ المجتمعات المختلفة من التخلف، حضارة الإسلام نشرت الوعى والتقدم فى الشرق والغرب، وكان لها فضل السبق على كل الحضارات السابقة
على الإسلام وشريعته والقضاء على الجهل والظلم والتخلف فى الغرب، وإحياء هذا التراث فرض كفاية على كل المسلمين وقد يكون فرض عين على البعض، والسبل كثيرة لإحياء هذا التراث، والحقيقة أن التراث حى وإنما الأصح هو القول إنقاذ التراث - من ذلك - ويكون ذلك بما يلى الأبحاث العلمية التى تقع على كاهل العلماء والباحثين من أهل العلم واستخراج كنوز هذا التراث، أيضا المؤتمرات العلمية فى الجامعات ودور الثقافة المختلفة وتنشيطها، أيضا التضامن بين الشعوب الإسلامية والحكومات كل بقدر إمكاناته، كذلك البعثات العلمية للتنقيب عن مصادر وموارد هذه الثقافة سواء فى الآثار القديمة أو المخطوطات وبيان جهود السابقين من العلماء والمخلصين وكتاباتهم وآرائهم فى حلول المشاكل والفتاوى والآراء المختلفة.
تتعرض السنة النبوية الشريفة لموجات من التشكيك من حين لآخر.. فما ردكم على ذلك؟
- السنة النوية المشرفة أصل من أصول التشريع وهى المصدر الثانى للتشريع والأحكام الشرعية، وقد ثبت بما لا مجال فيه للشك ذلك سواء بالكتاب أو السنة أيضا، أو الإجماع على ذلك، قال تعالى: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول» وقال تعالى: «من يطع الرسول فقد أطاع الله»، هذا من الكتاب أما من السنة نفسها فيقول النبى صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى كتاب الله وسنتى»، ومن نافلة القول أن حفظ السنة كان عهدا من خالق البشر سبحانه وتعالى، لأنها من الذكر، وقال تعالى: «إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، لأن السنة أيضا ضمن «ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» (النجم 4)، فهى محفوظة من الله تعالى مهما تعرض لها المشككون الضالون المكذبون الحاقدون، فإنهم كمثل القائل «كناطح صخرة يوما ليوهنها فأوهى قرنه الوعل» وتخرج أيديهم وعقولهم وأفئدتهم خاوية خاسرة، لهذا قيض الله تعالى من عباده المخلصين العلماء الأجلاء بإثباتها وكتابتها وهى من الأصل محفوظة فى الصدور والسطور قديما وحديثًا، والتشكيك فيها إما حقدا وكراهية للإسلام أو جهلا أو ضحالة فى العلم والفكر أو ركوبا للعلمانية الوضيعة ولنا أن نشير إلى أهمية السنة الشريفة للرد على هؤلاء العابثين الضالين فى كل مكان وزمان لتسكت الألسنة المعتدية، فهى بالنسبة للتشريع إما أن تكون مؤكدة للأحكام القرآنية كما فى الفرائض وغيرها، أو أن تكون مفسرة لآيات القرآن أو موضحة ومقيدة أو منشئة لحكم، والخلاصة أن السنة المشرفة محفوظة بحفظ الله تعالى، وأن السنة ذاتها أكدت وجودها وحقيقتها وكشفت عن أعدائها وردت عليهم قبل أن يشككوا فيها وهى إعجاز علمى للإخبار بالمستقبل، قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إنى أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه» رواه أحمد وأبوداود.
ما رأيكم فى انتشار ظاهرة الإلحاد بين بعض الشباب وما أسبابها من وجهة نظركم؟
- الإنسان متدين بطبعه، فما يراه فى نفسه وما حوله من المخلوقات وبدائع صنع الله يدفع العقل السليم إلى الاعتقاد بوجود الخالق سبحانه وتعالى لأن «البعرة تدل على البعير» ولكل صانع مصنوع ولكل مخلوق خالق، والنظر إلى خلق الإنسان وتطوره يخلق الإيمان «وفى أنفسكم أفلا تبصرون»، وتطور خلق الإنسان معجز يدفع للإيمان بالله، قال تعالى: «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين» (المؤمنون 12 -14).
ألا يدعو ذلك إلى التفكير والإيمان والاعتقاد بوجود إله عظيم هو الخالق الكريم والإيمان بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله، أما عن أسباب هذه الظاهرة الغريبة على عقل الإنسان الواعي ذى الفطرة السليمة وإنكار وجود الله تعالى والكفر به والإلحاد وعدم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله حتى نضع الحلول ومواجهة هذا الفكر الضال، أولا: وسائل الاتصالات الحديثة المسماة «التواصل الاجتماعى» المفتوحة على الخارج الملحد، والكثير منها يسبح فى ظلام الفساد والإفساد وعرض معلومات مخلة بالأخلاق وأخرى عارية من الصحة والحقيقة فى فحواها فى ثبات الإثارة والجاذبية خاصة من الشباب غير الناضج فكريا وعقليا وثقافيا وهذا وجه من وجوه السلبية للمخترعات الحديثة التى يفترض أنها عنصر من عناصر الرقى والحضارة، والفكر السليم، ثانيا: بعض وسائل الإعلام التى قد لا يهمها إلا الكسب ولو من الحرام، ثالثا: التربية غير السليمة وافتقاد القدوة فى البيت أو المجتمع أو مؤسسات التعليم، رابعا: ضآلة الثقافة الدينية فى مناهج التعليم وإهمالها كليا وجزئيا، خامسا: انشغال الوالدين بحياتهما ومعاشهما الذى من شأنه إهمال الشباب والتواصل معهم وأفكارهم، سادسا: سلبية دور العبادة - أحيانا - والتركيز على نوع من الخطب والتعرض للأمور المعلومة من الدين وإهمال المعاملات بما تشمل العلاقة بين الإنسان ونفسه وبينه والناس، سابعا: الفتاوى الخاطئة أو الانحلال والتى لا تعتمد على الأدلة الشرعية الصحيحة، ثامنا: المعلومات الخاطئة والتاريخ المضلل والممسوخ والعارى من الحقيقة مثل تشويه صورة الدين أو الأنبياء أو المعلومات الخاطئة عن «الرق - حقوق المرأة الخاصة - الميراث وظلم المرأة - تزوير تاريخ الصحابة والأوائل السابقين وفهم السلفية الخاطئ والحدود وعرضها عرضا خاطئا.
بعد أن ذكرت فضيلتكم كل هذه الأسباب.. إذن ما سبل العلاج؟
- أولا: بيان الحقيقة الدينية مثل ميراث المرأة التى ربما تأخذ نصيبا مماثلا للذكر وقد يكون أزيد، وأحيانا تكون المرأة حاجبة لرجل، وأما حالات زيادة نصيب الرجل فهى فقط فى أربع حالات ولا مجال هنا لعرضها، ثانيا: عرض الإعجاز العلمى والتاريخى والتكنولوجى وآيات القرآن الكريم التى جاءت الحقائق العلمية مطابقة لما فيها مثل «أطوار الجنين، قلة الأكسجين فى الطبقات العليا، انقسام الذرة، كروية الأرض وحركتها «وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب» - الذكورة والأنوثة من ماء الرجل، قال تعالى: «إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه» ومراحل تكوين جسم الجنين «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين.....»، ثالثا: تصدى الجهات المختصة والدينية للرد على الشبهات بكل الوسائل الممكنة
والبعثات العلمية فى البلاد الإسلامية وغيرها لوأد الفتنة فى بدايتها وتكثيف الندوات العلمية والدينية.
رابعا: توجيه الشباب للاطلاع على الكتب الدينية «القرآن وكتب السنة والتفسير والكتب الثقافية الراقية والندوات الدينية وجذب الشباب إلى المساجد والمؤسسات الدينية المتخصصة وتوجيه الشباب إلى قراءة القرآن خاصة السور التى تحتوى على قواعد وأحكام شرعية تتعلق بقواعد وأحكام شاملة والتى فيها كثير من الردود التى تزيل الشبهات والافتراءات والمعلومات الضالة والتاريخ المزور والسلبى للدين وقواعد الدين وحقائقه والحقيقة ذاتها.
ما تقييمك لدور مؤسسة الأزهر الشريف فى مواجهة «الإسلاموفوبيا» والتصدى للفكر المتطرف؟
- الأزهر الشريف منارة العلم والحضارة، ومؤسسة عظيمة القدر والنفع، عالية المقام، أزهر مصر التى جاء ذكرها فى القرآن الكريم، مصر الدين والدنيا التى صدّرت العلم والثقافة للعالم حتى لمنبع الرسالة المحمدية «السعودية» وهذا شرف لكل مصرى ومسلم عربى، الأزهر الذى لم يكن مسجدا فحسب ولا مكانا للعلم ولا مركزا لإشعاع الحضارة للعالم بل ومكانا وحصنا من حصون الدفاع عن الدين والشرف والعلم والحق والعدل، هذه المؤسسة التى خرّجت أفواجا من علماء الأمة والتى أدارها المخلصون والمجاهدون وجهابذة العلم وأهل الورع والدين نذكر منهم بعضا من الأعلام أمثال الشيخ الخراشي والشيخ الشرقاوي والشيخ المراغي والشيخ حسنين مخلوف والشيخ الخضر حسين التونسى، والشيخ حسن مأمون والشيخ الفحام والشيخ جاد الحق، ومن العلماء الذين أشاعوا ونشروا العلم الكثير والكثير نذكر منهم الإمام الشيخ محمد أبوزهرة والشيخ محمد فرج السنهورى والشيخ على الخفيف «المجدد للفقه» والدكتور محد سلام مدكور صاحب الموسوعة الفقهية بالكويت، والعلماء الأجلاء أمثال الشيخ محمد متولى الشعراوى والشيخ حسن التندى والشيخ محمد محمد التندى قاضى قضاة دولة الإمارات. وهذه المؤسسة غنية بالعلم الزاهر والوسطية الإسلامية والسماحة والاجتهاد وعلى هذا فإن الواجب عظيم والحمل ثقيل لا تستطيع أداءه إلا هذه المؤسسة «الأزهر الشريف» وهو محاربة التطرف والآراء المخالفة للدين وهو ما يعتبر مهما جدا لمحاربة «الإسلاموفوبيا».
وهو مبدأ الأوغاد من الغرب الحقود للإسلام بلا مبرر، والأزهر يقوم بجهد كبير يستحق الشكر عليه إلا أننا نطالب بزيادة الجهد، وأقترح أولا: متابعة ما يحدث وما يتهم به الإسلام من الدعاوى الباطلة والرد عليها فى حينها بكل طريقة وأسلوب كالنشرات والصحف ووسائل الإعلام المختلفة سواء بالنسبة ل«الإسلاموفوبيا» أو التطرف المذموم، ثانيا: تنظيم مؤتمرات فى البلاد المختلفة للرد على الشبهات وبيان سماحة الإسلام وشموليته وعموميته، ثالثا: إن أمكن أن يتواجد فى البلاد التى ينتشر فيها العداء للإسلام أو التطرف مكتب كالسفارات لبيان حقيقة الإسلام والرد على الشبهات، والتواصل مع الآخرين على نظام السفارات الخاصة بالدول التى تقوم برعاية المواطنين وحل مشكلاتهم فى الخارج وأن يكون المسئولون عنها من المتخصصين فى المجالات الدينية والأخرى، رابعا: إعطاء المسئولين مجالا للأزهر فى أداء وظيفته هذه بكل مرونة ويسر، خامسا: الاشتراك فى مجالات الإعلام المباشرة المسموع والمرئى لبيان وتوضيح والرد على الشبهات ونشر العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية والفتاوى الصحيحة وبيان خصائص الإسلام وشموليته عقيدة وشريعة وخلقا وعلما وعملا.
كيف وفرت الشريعة الإسلامية البيئة الداعمة للاستثمار وما موقف الإسلام من الأغنياء الذين لا يسعون لتوظيف أموالهم بما يعود بالنفع على مجتمعاتهم، وما الواجب فعله لرعاية الفئات الفقيرة المتضررة من جائحة «كورونا»؟
- الشريعة الإسلامية وفرت البيئة الداعمة للاستثمار وفرضت على الأغنياء السعى لتوظيف أموالهم بما يعود بالنفع على مجتمعاتهم، فإن كان الإسلام منح الإنسان حق «الملكية الخاصة» فهو أيضا ولو كان غنيا فإنما يفاد من الملكية العامة، وكما ذكرنا من قبل أن الملكية «حقوق وواجبات» فمن حق صاحب المال أن يتصرف فى ماله كما يريد ويشاء بما لا يخالف الشرع، لكن على الجانب الآخر أين حق المجتمع والأهل والمؤسسات فى هذا المال «لا النظام الرأسمالى ولا النظام الشيوعى ولا الاشتراكى» حقق أى نجاح فى المجتمعات، لكن النظام الإسلامى لأنه من رب الأرباب ليس كالتشريعات الوضعية التى تتغير بالزمان والمكان والظروف، ومن هنا وضع الإسلام القواعد العامة لتحقيق النفع العام والنفع الخاص، فالإسلام سبق كل النظريات الوضعية الحديثة منها والقديمة فى إرساء القواعد الاقتصادية الراقية، وألزم الشرع الإسلامى أصحاب الأموال باستثمار أموالهم لا أن يكون نهبا للاستهلاك فحسب، بل لابد من الاستثمار فى المشاريع المختلفة، ولابد من التعاون والتكافل والتكامل بين أبناء الأمة الإسلامية شعوبا وحكاما، أن يكون التعاون والتبادل بينهم فى كل المشروعات الاستثمارية والمنتجة لإفادة المجتمع الإسلامى، ولابد أن تكون هناك سوق إسلامية عربية بين الدول وتجمعات إنتاجية متكاملة مشتركة حتى يسعد الفرد والمجتمع وتتحقق عزة المسلمين وقوتهم اقتصاديا وحضاريا واجتماعيا. ولما كان العالم بصفة عامة وبلاد الإسلام بصفة خاصة تواجه مشكلة جائحة «كورونا» فأصبح من الواجب على كل مسلم أن يشارك فى دفع هذا المرض من الوقاية والعلاج كل على قدر طاقته وامكاناته ، فالمال أول رصيد يقدم لعلاج هذا الداء من الأغنياء والقادرين، وهذا ليس أمرا فيه خيار، بل فيه وجوب شرعا، لأنه حفاظ على الأرواح التى أمر الله تعالى بالحفاظ عليها، فالكل مدعو للمشاركة طبيا وعلميا وماليا وإن كان من أبواب الصرف فى الزكاة «فى سبيل الله» وهو يشمل التبرعات لغير القادرين وتقديم العلاج والتقنية العلمية، فالصدقات وغيرها باب لعلاج المرضى ومعاونة للدولة للقيام بواجبها نحو ذلك الأمر الذى يلزم تضامن الجميع فيه.
ما موقف الشريعة الإسلامية من الذين يخربون الممتلكات العامة والخاصة تحت شعارات ثورية؟
- هذا موضوع خطير جدا، فما أوسع البون بين الثورات إن كان لها مسوغ شرعى أو قومى لإصلاح المجتمعات أو حل المشكلات التى قد تعترض بعض الجهات عند الضرورة والتى لا تستحب حتى لا تترتب عليها الآثار الضارة والتخريب ونشر الفوضى، وأرى أن الثورات قد لا تأتى بنتائج مفيدة غالبا، فهناك من الوسائل البديلة المناسبة لحل مشكلات المجتمعات المختلفة، فقد تأتى بالإضرار ولا تحقق الخير، ولكن إذا وجد مبرر أو ظروف تستلزم تلك الثورات، كما فى حالة الثورة ضد مستعمر أجنبى أو تدخل أجنبى بسبب الضرر للعامة والخاصة فإنه يلزم أن تكون فى حدود ما يفيد المجتمع وينفع ولا يضر، وحتى لا يركب الموجة الأشرار والطامعون والمستغلون والمخربون، والغوغاء والخروج على القانون بها، والهدف من هذه التجمعات قد لا يكون لأصحاب الحق مقال وسبب شرعى لكن الفوضى والعشوائية لا يقرها الإسلام ولا الدين، فالملكيات العامة أولا والخاصة ثانيا مصونة ومحفوظة ومحمية بالشريعة، لأن الفساد ضد الإصلاح، والإسلام وضع القواعد الكفيلة أولا بإزالة الأسباب التى قد تكون سببا فى الاختلاف، ولكنه قبل ذلك أيضا أمر بالحفاظ على المال وجعله مقصدا شرعيا من المقاصد الشرعية الأصيلة «الحفاظ على النفس والمال والعرض والعقل والدين» بل حرم كل ما يعرض أحد هذه الأمور إلى الاعتداء وجرم ذلك وحرمه تحريما مطلقا «لا ضرر ولا ضرار»، وقد أكد التشريع ضرورة الحفاظ عى الملكية بنوعيها وعدم الاعتداء عليها وحمايتها وتحريم كل ما يضر بالملكية بنوعيها حتى ولو كان تصرفا من الدولة ألزم الشارع بضرورة التعويض المناسب، فما بال الاعتداء على تلك الملكية المصانة من الدين والتشريع، فحرم الشرع السرقة والنصب أو الإضرار أو الاستيلاء عليها دون حق شرعى أو قانونى، أو منع المالك من الاستفادة بما يملك بلا استثناء، وحتى حرم الشرع الأضرار أو الاستيلاء على مال الغير ولو كان بحكم قضائى غير صحيح أو لا يستند إلى سبب شرعى، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام» (البقرة 188).
أخيرا.. ماذا عن اقتراحاتك لتحقيق الأمن والرفاهية فى المجتمعات العربية والإسلامية؟
- أرى ضرورة أن تجتمع الجهود من الكل فى التعاون وتشكيل فريق عمل لإظهار حقيقة الإسلام وأهدافه وعرضها عرضا يفيد المجتمع من جماعة متخصصة علميا «علوم الدين والعلوم الأخرى» حتى تكون دعوة لفهم الإسلام وسد باب الكراهية للإسلام «الإسلاموفوبيا»، والإلحاد والتكفير والإرهاب والتطرف، على أن يتميز هذا الفريق بالأخلاق والإخلاص والعمل لوجه الله تعالى، بل ويكون دعوة لدين الله تعالى. ثانيا، بما أنه يوجد تشابه كبير فى المشاكل والظروف الاجتماعية فى البلاد الإسلامية من هنا كانت الحاجة إلى التعاون والتضامن بين الأمة فى كل الأقطار والتعاون فى هيئة من الجميع تحقق الأهداف وتطبق الأحكام وحل المشاكل «هيئة كبار العلماء، علماء الدين والعلوم الحديثة» من جميع بلاد الأمة وجميع التخصصات، ثالثا: اتحاد الفتوى فى البلاد من العلماء لمنع الاختلاف الفكرى بين الأمم وتوحيد البلاد والعباد ومنع ظهور المشاكل التى قد تترتب على الخلاف، رابعا: هيئة على شكل ونظام «مجلس الأمن» لحل الخلافات بين الدول المتجاورة ومنع الانشقاق بين الإخوة فى الدين والعادات والتقاليد، خامسا: التعاون بين الأقطار العربية والإسلامية فى حل المشكلات والأمراض الاجتماعية ومواجهة هذه الأمور مجتمعين وهو تعاون على البر والتقوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.