سأكون رئيساً يعمل على توحيد الولاياتالمتحدة التي تعرضت لهزة بسبب حالة الإنقسام" و " لقد حان الوقت لتنحية اللغة العدائية جانباً والاستماع لبعضنا البعض وإنهاء حالة الشيطنة، هذا وقت التعافي ومداوة الجراح في أمريكا". كانت هذه بعضًا من العبارات، التي وردت في خطاب الفوز الذي ألقاه الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، بمقر حملته في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، والذي يجمع كثير من المراقبين على أنه جاء في لغة هادئة تدعو للتصالح، ولطمأنة جميع الأمريكيين، في وقت تشهد فيه الولاياتالمتحدة، حالة متفاقمة من الانقسام برأي كثير من المحللين، زادت منها حالة التخندق، التي رافقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بين مؤيدي الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، والرئيس المنتخب جو بايدن. وعلى غرار حديث بايدن أيضا، جاء حديث (كمالا هاريس)، الفائزة بمنصب نائب الرئيس، التي قالت في كلمتها خلال الاحتفال ، إن (جو بايدن) سيعمل على مداواة جراح البلاد ونحن نفتح صفحة جديدة بالفعل في الولاياتالمتحدة، أولوية صعبة وكما قال الرئيس الأمريكي المنتخب في خطابه، فإن الأولوية الأولى بالنسبة له، على طريق علاج مشكلات الولاياتالمتحدة، تتمثل في معالجة حالة الانقسام الحاد الذي تشهده البلاد، في ظل وجود معسكر لايستهان به من مؤيدي دونالد ترامب ممن لايشعرون بالرضا، عن نتيجة الانتخابات الأخيرة، ويرون أن مرشحهم كان أولى بالرئاسة، وبدا أن بايدن يركز كثيرا على هذه النقطة حيث قال " أتعهّد أن أكون رئيساً لا يسعى إلى التقسيم بل إلى التوحيد"، ولم ينس أن يقر بأن أنصار ترامب، اصيبوا بخيبة أمل جراء فوزه، فأضاف "هؤلاء ليسوا أعداءنا. إنّهم أميركيّون". غير أن مهمة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في معالجة الانقسام الحاصل في المجتمع الأمريكي، بعد معركة انتخابية شرسة، ربما لاتكون سهلة ،إذ أن من منحوا أصواتهم لترامب، يصلون وفق ما قال ترامب نفسه في واحدة من تغريداته، إلى 71 مليون شخص، وهم يمثلون كتلة واسعة من المجتمع الأمريكي، ويرتبطون بصورة وثيقة بشخصية ترامب وسياساته، التي أرساها خلال فترة حكمه التي امتدت أربع سنوات فيما يعرف ب"الترامبية". ويعترف كثيرون بأنه حتى وإن ذهب دونالد ترامب، فإن ما أقره من سياسات ومن رؤى في المجتمع، والحياة السياسية الأمريكية، لن ينتهي بسهولة، وأن ذلك قد يمثل عائقا أمام الرئيس الجديد، فعلى مدار سنواته الأربع الماضية في الحكم، لعب ترامب من وجهة نظر مراقبين على وتر الانقسام في المجتمع الأمريكي، الذي تعيش به العديد من الطوائف والأجناس، ليعمق من الانقسام، بدلا من أن يسعى لتوحيد الناس، كما كان يفعل معظم الرؤساء الأمريكيين، وسط تهميش لطوائف من المجتمع مثل السود والمهاجرين بشكل عام ومغازلة متواصلة للأمريكيين البيض. ويعتقد كثيرون بأن مهمة بايدن في الحكم، وفقا لمبادئ الديمقراطيين قد تكون بالغة الصعوبة، في ظل فلسفة الديمقراطيين التي تنادي بالعولمة وتؤمن بها، في مواجهة ما أقره ترامب خلال سنوات حكمه، من إنعزالية قومية، تنادي بانكفاء الولاياتالمتحدة على نفسها، وتقطيع صلاتها بالعديد من القوى العالمية الذي لم يستثن الحلفاء.