سلق المواد فى 48 ساعة وأفسد التوافق الوطنى.. والمكافأة رئاسة مجلس حقوق الإنسان قبل رئاسته للجمعية التأسيسية لإعداد الدستور كان ثوب المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق ناصع البياض يكشف عن تاريخ نضالى كبير للرجل الذى ينتمى إلى تيار الاستقلال ولكن بقع سوداء أصابت الثوب الأبيض حتى أصبح مائلاً إلى السواد بعد أن شارك الإخوان والسلفيين فى سلق دستور لا يحمل بين مواده أى لغة توافق ولا يعرف من الحرية سوى شعارات فضفاضة تتوارى خلف نصوص تكرس للحكم الفردى الاستبدادى. تاريخ «الغريانى» النضالى مشرف إلى حد كبير فيكفى انه القاضى الذى أصدر الحكم الشهير ببطلان الانتخابات فى دائرة الزيتون عام 2003 وكان الرجل القوى فى نظام مبارك الدكتور زكريا عزمى هو الفائز فيها ولن ينسى التاريخ أيضا انه انتفض بعد إحالة عدد من رموز تيار الاستقلال إلى الصلاحية مثل المستشار محمود مكى والمستشار هشام البسطويسى ونظم مظاهرات القضاة الشهيرة عام 2006. ولكن «الغريانى» أهال التراب على تاريخة النضالى وانقلب على أفكاره ومبادئه بعد وصول الإخوان الى السلطة وظهر كما لو كان المدافع الأول عن كل قرارات وسياسات الرئيس الإخوانى مستخدما سيف القضاء لمحاربة كل معارضى الرئيس وكانت النتيجة ان ساهم الرجل فى الحرب على القضاء الذى يديرها الرئيس لتقليم أظافر السلطة القضائية. ورغم أن «الغريانى» ينفى بشكل مستمر إنتماءه لجماعة الإخوان إلا ان الجماعة استعانت به لرئاسة الجمعية التأسيسية الثانية خلفا للدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب الذى كان يرأس الجمعية الأولى قبل أن تحل بحكم قضائى والمعروف أن الجماعة لا ترشح إلا أحد أبنائها أو المحبين لها فى المناصب القيادية وهى تدرك ان الدستور هى اهم معاركها ومن الصعب ان تتخلى عنه فرشحت الغريانى المقرب لها لرئاسة الجمعية لعلمها أنه سيسير فى الطريق الذى رسمته له وانه يتخلى عنها. وكمكافأة للغريانى على ما يفعله فى التأسيسية لصالح الجماعة تم تعيينه رئيسا للمجلس القومى لحقوق الإنسان وهناك مصادر توقعت خوضه الانتخابات البرلمانية القادمة على قوائم الحرية والعدالة تمهيدا لترشيحة لرئاسة المجلس أو لإحدى اللجان البرلمانية. لن يغفر التاريخ للغريانى سلقه للدستور الذى تنتظره مصر بعد الثورة ولم يبال بالتوافق الوطنى واهتم بصياغة الدستور فى منتصف الليل وفى بضع ساعات فى حضور أعضاء الجمعية من الإسلاميين فقط وفى غياب كامل لباقى القوى السياسية واعتراض فئات المجتمع التى انسحبت من الجمعية ولكنه لم ينتظر الى كل ذلك وأخرج الدستور فى 48 ساعة فقط رغم ان الرئيس مرسى مد عمل الجمعية الى شهرين وهى مدة كانت تكفى لعمل توافق وطنى حول الدستور ولكنه استجاب لرغبة الجماعة فى خروج الدستور إلى النور فى زمن قياسى دون الاهتمام بمضمون الدستور «الغريانى» الذى أنتقد نظام الرئيس المخلوع مبارك واستبداده بالسلطة انقلب على أفكاره وساهم فى وضع مواد تكرس كل السلطات فى يد الرئيس مرسى وتحوله إلى ديكتاتور جديد ينفرد بكل القرارات دون ان يراجعه أحد. الغريانى افتعل أزمات عديدة فى الجمعية التأسيسية ابرزها مع الدكتورة منال الطيبى وايمن نور ومحمد انور السادات وفرض ما تريده الجماعة فى الدستور فرغم انه كان ينادى بحرية الصحافة أثناء أزمة تيار الاستقلال الذى ينتمى إليه إلا أنه رفض ذلك فى الدستور الجديد وقال: ان الصحافة ليست سلطة ورفض مطالب الصحفيين بإقرار مواد تحافظ على الحريات ونفس الأمر بالنسبة للمحامين والقضاة ومعظم فئات المجتمع. «الغريانى» أيضا قضي على محاولات الاعتراض على أى مادة من مواد الدستور أثناء جلسة التصويت الأخيرة ومرر المسودة التى اعترضت عليها كل القوى السياسية وفئات المجتمع رغما عن انف الجميع وهى خطيئة كبرى ستجر مصر إلى أزمات عديدة طوال السنوات القادمة. «الغريانى» بجوار الرئيس فى أزمته مع القضاة فالرجل كان بطل الخلاف الأول بين الرئيس والنائب العام فعندما أصدر مرسى قرارا بنقل المستشار عبدالمجيد محمود للعمل كسفير فى الفاتيكان قام بتهديد النائب العام السابق فى حالة عدم استجابته لقرار الرئيس كما انه دافع باستماته عن الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره الرئيس والذى يهدم استقلال القضاء وحاول ان يبرره ويؤكد انه ينتهى بمجرد إقرار الدستور الجديد. «الغريانى» يدافع عن الدستور المعيب الذى خرج من عبائته وأكد ان التأسيسية عقدت 49 جلسة عامة استغرقت حوالي 240 ساعة وعقدت اللجان الفرعية 408 جلسة استغرقت 1622ساعة رغم أن الأرقام التى يتحدث عنها خالية من اى توافق وطنى على مواد الدستور الذى لا يعبر إلا عن رؤية الإخوان فى الحكم.