رأت صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية أن احتواء السلفيين، الجماعة الإسلامية الأكثر تشددًا في تونس، يعد الحل الأمثل لتجنب الخطر والتهديد الذي يفرضونه على الشعب التونسي، والذي ظهر جليا في دورهم لفرض معتقداتهم على الدستور الذي يجرى صياغته الآن. وقالت الصحيفة إنه ليس المصريين فقط من يتصدون للتوغل الإسلامي في ديمقراطيتهم الناشئة، ففي تونس، بل وربما أكثر مما في القاهرة، مازالت المعركة بين الليبراليين والإسلاميين مستمرة منذ الإطاحة بالرئيس السابق "زين العابدين بن علي". وقارنت الصحيفة بين تونس بعد أن كانت دولة علمانية ووصلت إلى حد اعتقال الشرطة للنساء اللواتي يرتدين الحجاب، وبين تلك التي يسيطر عليها الإسلاميين في جميع المجالات، مما يوضح حقيقة صعوبة المواجهة الشديدة مع معارضيهم الأكثر تصميمًا مما عليه الوضع في مصر. وأشارت الصحيفة إلى أن حدة النقاش على الدستور التونسي الجديد الذي تجري صياغته الآن كانت أقل سخونة مما حدث في مصر بسبب سياسة حزب النهضة، وهو الحزب الإسلامي الرئيسي الذي يقود الحكومة، حيث أنه لم يصر على إدراج الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع، وقبل ببقاء المادة الأولى من الدستور كما كانت في الماضي، مشيرًا إلى أن الدين في البلاد هو الإسلام. ولكن السلفيين المتشددين بسلوكهم العنيف وتهديداتهم الصريحة يمثلون أكبر مصدر للقلق في البلاد، حيث أنهم الجماعة الأكثر تطرفًا هناك وأخذوا القانون بأيديهم، في محاولة لفرض رؤيتهم المتشددة للإسلام بغض النظر عن ما تقوم به حكومة أو أي جماعات إسلامية أخرى. ففي الأسبوع الماضي، قال "المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي المؤقت، العلماني المتحالف مع حزب النهضة: "لا ينبغي المبالغة في التهديد السلفي أو السماح للإساءة إلى صورة البلاد ووضعها على الطريق الصعب من أجل التحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، ويجب على الدولة التونسية أن تفعل المزيد لاحتواء السلفيين. وأضاف المرزوقي، الطبيب والمدافع عن حقوق الإنسان، "يجب النظر إلى السلفيين بوضع الاعتبار، وعلى الرغم مما نشعر به من قلق، فإن السلفيين أقلية صغيرة لا يمثلون خطرا على الدولة أو المجتمع. وتابع المرزوقي قائلاً: إن السلفيون ليس لديهم معسكرات تدريب في تونس، مثلما يدعى بعض من المعارضة، وأنما هم مجرد جماعة تعتقد في الفكر الإسلامي الأكثر راديكالية أو جهادية، وليس كل السلفيين يتبنون هذا الفكر. وقالت الصحيفة أنه رغم صغر عدد السلفيين إلا أنهم يمثلون صدمة لليبرالي تونس، والخطر الذي يشكلونه على العلمانيين يتضاعف ويتعظم نتيجة تردد الحكومة في اتخاذ موقف حازم ضدهم، فمشكلة السلفيين في تونس هو أنها يمكن أن تصبح خطرا على الدولة إذا سُمح بنشر فكرهم وإذا أساءوا فهم تحذير الحكومة واعتبروه تشجيع لهم، حيث أنهم يمكن فهم الموقف الغامض لحزب النهضة الحاكم نحو السلفيين بأنه مزيد من الحرية حتى يفعل السلفيين ما يحلو لهم. وقال "راشد الغنوشي"، زعيم حزب النهضة الإسلامي، لصحيفة فايننشيال تايمز، "إن السلفيين الذين ظهروا في تونس مؤخراً هم ظاهرة معقدة لا تتطلب حلا أمنيا، بل مزيجا من الحوار والسياسات للتعامل مع الأمراض الاجتماعية المغذية لدعوتها التي تنتشر في الأحياء الفقيرة. وأضاف الغنوشي: يجب اعتقال السلفيين إذا خالفوا القانون، لكن وضعهم جميعاً في السجن كما فعل النظام السابق مع أعضاء حزب النهضة، سيكون وصفة كارثية للمستقبل، محذرا من أن اعتقالهم بشكل جماعي سيساهم في إيصالهم للحكم في غضون 10 سنوات.