وصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى لحظة الحسم مساء امس اخيرا وبعد طول انتظار، بتقديم طلب بلاده للحصول على مقعد دولة «مراقب» بالاممالمتحدة بدلا من وضعها الحالى «كيان» مراقب، وهو وضع دولى جديد ، يعنى اعتراف الدول الاعضاء بالجمعية العامة للمنظمة الدولية بفلسطين كدولة بدلا من «كيان»، ولكن غير كاملة العضوية، وتم اختيار تاريخ الامس لتقديم هذا الطلب ليس من قبيل المصادفة، بل لانه تاريخ ذكرى نكبة دولية ابتليت بها فلسطين بإقرار الاممالمتحدة عام 1947 خطة تقسيم الاراضى الفلسطينية الى دولتين يهودية وعربية، وهو القرار الذى استفادت منه اسرائيل باعلان دولتها، وبينما تم وضع المعوقات الاسرائيلية والغربية امام فلسطين لاعلان دولتها على الجزء المتبقى لها من الارض. وحتى مثول الجريدة لطبعتها الاولى كان عباس قد طرح مشروع القرار امام الجمعية العامة للتصويت عليه، وسط ترجيحات كبيرة بقبول الطلب وتصويت الاغلبية بالايجاب، حيث كان عباس قد حصل مسبقا على ضمانات بتأييد اغلبية بسيطة «130 دولة» من اجمالى الدول الاعضاء بالجمعية العامة ال193، بينها 12 دولة من دول الاتحاد الاوروبى ال27، ومرجح انضمام دول أخرى، وقبول فلسطين كدولة غير كاملة العضوية سيمنحها الامل مجددا امام مجلس الامن لاعادة النظر مستقبلا في قبول طلب الدولة كاملة العضوية في الاممالمتحدة، وهو الطلب الذى سبق أن قدمه عباس فى سبتمبر العام الماضى وتعثر في مجلس الامن لتهديد امريكا باستخدام حق الفيتو، وتدعو فلسطين الى استئناف المفاوضات المتعثرة مع اسرائيل منذ اكثر من سنتين للوصول الى «تسوية سلمية» تسمح بقيام دولة فلسطينية «تعيش بجانب اسرائيل في سلام وامن على اساس حدود ما قبل 1967»، وسيسمح وضع دولة مراقب لفلسطين بالانضمام الى عدد من المنظمات والمعاهدات الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية او معاهدة جنيف الرابعة فيما يتعلق بحماية المدنيين، وأكد المسئولون الفلسطينيون استعدادهم لمواجهة تداعيات هذه العملية. ورفضت امريكا وكندا القرار وكذلك المانيا ، وتزعم واشنطن واسرائيل ان المفاوضات المباشرة هي السبيل الوحيد للتوصل الى قيام دولة فلسطينية، واكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مساء الاربعاء ان «الطريق الى حل الدولتين الذي يلبي تطلعات الفلسطينيين يمر عبر رام الله والقدس وليس عبر نيويورك» ، وسعت امريكا للضغط على عباس للتراجع عن خطوته فيما رأت الدول الرافضة ان الوقت غير مناسب لمثل هذا القرار. واعتبر عدد من ساسة تل ابيب ان حصول فلسطين على لقب دولة واستقلالها، انما يعد وصمة عار فى حق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بينما بدأت مساع من دول الصداقة اليهودية بالاتفاق مع إسرائيل لتجويع اصحاب الارض الفلسطينيين، حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية انه حال التصويت على القرار فلا يجب «الاعتماد على تجاوب من الكونجرس» حول الافراج عن 200 مليون دولار من المساعدات وعدت بها واشنطن السلطة الفلسطينية بوصفها اكبر ممول وحيد للصناديق التنموية للفلسطينيين، كما ستقطع امريكا التمويل عن وكالات الاممالمتحدة التي سيصبح من حق فلسطينيين الانضمام اليها او التعاون معها بموجب وضعها الجديد فى المنظمة الدولية ، على غرار ما فعلته امريكا مع اليونسكو في اكتوبر العام الماضى ، كما لوحت اسرائيل بقطع الاموال التى تسلمها للسلطة الفلسطينية من الضرائب والتي تجمعها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية ، وتخفيض عدد تصاريح العمل للفلسطينيين او حتى الغاء اتفاقيات اوسلو للسلام الموقعة عام 1993. من ناحيته افاد المفاوض الفلسطيني صائب عريقات بانه «عندما تحصل فلسطين على وضع دولة غير عضو، ستصبح فلسطين دولة تحت الاحتلال ولا يستطيع اي اسرائيلي ان يجادل فى انها مناطق متنازع عليها، ووعدت الجامعة العربية الفلسطينيين ب«شبكة امان» قدرها مائة مليون دولار في الشهر.