ممنوع الضرب.. قرار حاسم حول حظر استخدام العصا أو الخرطوم في المدارس ومحاسبة المسؤولين    البابا تواضروس الثاني: المسيح هو الراعي الأمين الذي يقودنا إلى الطمأنينة والأبدية    نائب محافظ القاهرة يستقبل وفدًا كنسيًا من شبرا لبحث سبل التعاون وتعزيز التلاحم الوطني    البطريرك أفرام الثاني يشارك في مؤتمر بإربيل حول "سوريا: بحثًا عن الوحدة في ظلّ التشرذم"    7 آلاف محضر بشأن «تراخيص عمل الأجانب» خلال 27 يومًا    سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 9-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    تراجع عدد طلبات الحصول على تمويل المساكن في أمريكا للأسبوع الثاني    حماس: سلمنا قوائم أسرانا ضمن المعايير المتفق عليها    بسبب أزمة التمويل.. الأمم المتحدة تقلص قوات حفظ السلام بنسبة 25%    روبيو يسلم ورقة لترامب يطلب فيها موافقته على منشور يتعلق باتفاق الشرق الأوسط    أ ف ب: واشنطن تحضر نص خطاب يفترض أن يدلي به ترامب لإعلان التوصل لاتفاق بشأن غزة    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    شيخ الأزهر يؤدي واجب العزاء في وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم    أرمينيا وطاجيكستان تتفقان على تعزيز التعاون الدبلوماسي والقطاعي بين البلدين    وزير الرياضة وأبوريدة يدعمان منتخب مصر المشارك في كأس العرب    أمطار غزيرة على هذه الأماكن.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    إصابة 3 أشخاص في تصادم تروسيكل بدراجتين ناريتين بالداخلة    مقتل شاب على يد شقيقه الأصغر بسبب خلاف على الميراث في الشرقية    انهيار محادثات الاتحاد الأوروبي بشأن الرقابة على الدردشة دون التوصل إلى اتفاق    ضبط 400 كيلو كبدة فاسدة في دمياط    وكيل صحة الفيوم تُتابع أداء المستشفيات في اجتماع إشرافي موسع| صور    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    « احتفالًا بالتأهل للمونديال».. سعد سمير يطالب بفتح استاد القاهرة مجانًا في مباراة مصر أمام غينيا بيساو    نجوم الفن يحتفلون بتأهل مصر إلى كأس العالم.. يسرا ل اليوم السابع: بعد تأهل المنتخب وفوز العنانى الفرحة فرحتين.. نادية الجندي: يا رب كتر أفراحنا.. حمادة هلال: والله وعملوها الرجالة لسة عايشة ومتفائل للمنتخب    وزير الرياضة بعد تأهل مصر لكأس العالم: «سيكون هناك تكريم ل محمد صلاح ولاعبي الفراعنة»    استجابة عاجلة من الجيزة لشكاوى الأهالى.. إزالة القمامة وخيم النباشين باللبينى    مصادر بالبترول تنفى زيادة أسعار البنزين والسولار صباح الخميس.. إنفوجراف    كُتبت فيها ساعة الصفر.. حكاية «كراسة حنان» التي احتوت على خطة حرب أكتوبر    الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    أمين عام الأمم المتحدة يعرب عن حزنه الشديد بسبب الاحتجاجات الدامية في مدغشقر    أسماء الوفيات والمصابين في تصادم سيارة ملاكي وميكروباص بصحراوى الأقصر    الآن على موقع وزارة التعليم.. رابط التقييمات الأسبوعية 2025-2026 (PDF)    رسمياً.. مواصفات الورقة الامتحانية ل مادة العلوم المتكاملة شهر أكتوبر 2025 للثانوية العامة    «قلت له التليفون نور».. شاهيناز تكشف لأول مرة تفاصيل تجربتها مع محمد رمضان    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    مصطفى قمر: مبروك لمصر رفعتوا راسنا يا رجالة مستنيين بقى تشرفونا فى كأس العالم    زواج وعلاقات.. كيف يتعامل برج الحمل مع نظيره؟    ختام مبهر لأسبوع الموضة فى باريس بمشاركة واسعة من عشاق الأناقة حول العالم    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025 بعد قرار التأمينات الاجتماعية (تفاصيل)    منها منتجات الألبان.. 6 أطعمة ممنوعة لمرضى جرثومة المعدة (تفاقم الألم)    أسهل طريقة لعمل البليلة في ساعة.. شرط النقع    رشوة_جنسية مقابل اراضي المصريين .. هل تحولت مصر لعزبة لجنرالات الجيش المتقاعس عن حماية أمنها القومي؟!    السيسي يُعبّر عن خوفه من الثورة والتغيير .. وناشطون: فات الأوان يا عميل    انخفاض البتلو والضاني، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    مدير حملة العناني ل بوابة أخبار اليوم: دعم الرئيس ساهم في الإنجاز التاريخي لمصر    استشاري نفسي: نسبة الطلاق بين الأزواج في مراحل متقدمة من العمر    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة بيت المعمار لشباب المعماريين لإعادة تأهيل مراكز الإبداع    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    نقيب المحامين: الرئيس أعاد المادة 105 لزيادة ضمانات حقوق المواطن    تصفيات كأس العالم، زامبيا تفوز على تنزانيا بهدف نظيف    وزير الرياضة بعد التأهل لكأس العالم: محمد صلاح منتج مصري نفخر به    مروان عطية: فخورون بالتأهل لكأس العالم ونسعى لتحقيق الإنجاز في إفريقيا    بعد إصابة منى فاروق.. تعرف على أسباب واعراض شلل المعدة    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    رئيس جامعة المنوفية يعلن بدء أعمال المجسات لإنشاء توسعات معهد الأورام    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح سالم يكتب:الاختبار المرير للديبلوماسية المصرية
نشر في الوفد يوم 24 - 11 - 2012

يضع العدوان الإسرائيلي على غزة ديبلوماسية الرئيس مرسي في مأزق صعب واختبار مرير، فإذا حاول الرجل التصعيد في مواجهة العدوان ربما انزلق إلى صراع مسلح أدخل حُكمه وجماعة «الإخوان المسلمين» في نفق الأزمة الشاملة.
وإذا اختار التعقل والتروي فقد جزءاً كبيراً من شعبيته لدى أنصاره الإسلاميين، الذين طالما عبروا عن مواقف ودعوا إلى سياسات راديكالية في مواجهة الغرب وإسرائيل وهم في موقف المعارضة وعلى سبيل المزايدة، ويريدون أن يخطو رجلهم الآن في الطريق الذي كانوا يتصورونه مفتوحاً، فإذا بالرجل يواجه أمراً واقعاً صعباً يعجز في مواجهته عن اتخاذ قرارات كبرى تشفي الغليل وترضي الكبرياء.
لقد وقع العدوان على غزة في وقت كانت مصر تسعى إلى تثبيت التهدئة بين «حماس» وإسرائيل، ويعني هذا أن الأخيرة لم تكن ترغب في التهدئة وأن لها مصلحة في التصعيد. قد تكون هذه المصلحة نفسية تتعلق بتجديد إعلان قدرتها على الردع، خصوصاً في مواجهة ما تعلمه من تنامي القدرة الصاروخية لجماعات المقاومة المسلحة في القطاع البائس، بخاصة لدى كتائب القسام وحركة الجهاد في السنوات الأربع الماضية والمنقضية على عدوان كانون الأول (ديسمبر) 2008. وقد تكون مصلحة انتخابية قبل نحو الشهرين من انتخابات تشريعية تحتاج إلى تمهيد سياسي يتصور رئيس الوزراء الإسرائيلي أن تعميده بالدم والنار ضمانة لأن يكون أشد تأثيراً، وهنا فلا جغرافيا أفضل من غزة، تلك البقعة الرخوة في الجدار المحيط، ولا هدف أفضل من حماس والجهاد، هاتين الحركتين المعاديتين، اللتين تحتلان في العقل الجمعي الإسرائيلي موقع الشيطان، ما يجعل المهمة مقدسة. وقد تكون هذه المصلحة سياسية تتمثل في إرهاب الفلسطينيين عموماً لمنع مسعاهم إلى التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يمنحهم صفة الدولة المراقب، وذلك من خلال عملية إعادة خلط الأوراق، وقلب الأولويات، التي تعرفها إسرائيل جيداً، وطالما مارستها في مناسبات عدة. أو في اختبار مدى صلابة التحالف الأميركي - الإسرائيلي بعد انتهاء الانتخابات الأميركية ببقاء أوباما في سدة البيت الأبيض على رغم جهود نتانياهو في دعم منافسه، ما يمكن أن يثير هواجس نتانياهو في إمكانية ثأر أوباما منه، انتخابياً أو سياسياً. وأخيراً، وهذا هو المهم، قد يكون العدوان الإسرائيلي بهدف معنوي - استراتيجي، وهو اختبار مدى الاختلاف بين طبيعة الردود العربية بعد عاصفة الثورات عنه فيما قبلها، خصوصاً في مصر الظهير الطبيعي لغزة، وبالذات لدى الرئيس «الإخواني» وجماعته، باعتبارهما الشريك الأيديولوجي لحماس، الحاكم المعتمد للقطاع.
في المقابل وعلى الجانب المصري، يمثل هدف إبداء الاختلاف عن العصر السابق، والمغايرة عن نهج الرئيس السابق مبارك في التعاطي مع العدوانية الإسرائيلية، هاجساً مؤرقاً لقرارات الرئيس مرسي، وتصريحات مساعديه ومستشاريه، وأركان جماعته، إذ ورد على لسان الكثير من رموزهم، وأبرزهم عصام العريان، مثلاً، القول إن على إسرائيل أن تعرف أن مصر قد تغيرت، وأنها بعد «25 يناير» لم تعد كما كانت قبلها. وهو بالطبع، على منوال كثيرين، يريد القول إن على إسرائيل أن لا تنتظر ردود فعل مشابهة لما كان يصدر عن القاهرة قبل الثورة. وقد قيل ذلك في مناسبات مواكبة، أو حتى تعليقاً على قرارات الرئيس مرسي الثلاثة وهي: أولاً، تبليغ السفير الإسرائيلي إدانة مصر الشديدة ورفضها القاطع للعدوان على غزة. وثانياً، تكليف المندوب المصري في الأمم المتحدة التحرك والدعوة إلى جلسة لمجلس الأمن تدين العدوان، وتطالب بوقف إطلاق النار فوراً، وذلك في موازاة الدعوة إلى عقد مؤتمر على مستوى وزراء الخارجية العرب في القاهرة للرد على العدوان. وثالثاً، استدعاء السفير المصري من تل أبيب اعتراضاً على العدوان. وتكشف هذه القرارات الثلاثة عن مأزق الرئيس «الإخواني» والديبلوماسية المصرية في اللحظة الراهنة وذلك على مستويين أساسيين:
على المستوى الأول الديبلوماسي يتبدى ضعف وربما انعدام الخبرة السياسية، حيث اتخذ الرئيس القرارات الثلاثة في اليوم التالي للعدوان مباشرة، وهو عدوان كان واضحاً أنه لا يزال في طوره الأول، وأنه معرض للتصاعد تدريجاً باتجاه الغزو البري، والمفترض في رئيس مصر أن يكون واعياً لذلك، والمؤكد أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية قد أخبرته بذلك، كاشفة له عن احتمالات تطور العدوان، وإلا فما معنى وجودها؟ وفي ظل حال صراع رجراج كهذا، يفترض أن تكون القرارات تصاعدية تبدأ بالأدنى خطورة والأقل تأثيراً باتجاه الأعلى والأكبر، وهكذا وفق تطور مجريات الصراع. ومن ثم كان واجباً أن يأخذ الرئيس القرار الأول ثم ينتظر، فيما تقوم الديبلوماسية المصرية بتلمس تأثيره، فإذا ما كان رد الفعل محدوداً يأتي القرار الثاني بعد أيام ولو قليلة، ثم الثالث، وهكذا ليكون هناك فرصة لأن تؤتي القرارت ثمارها، وأن يدور حولها جدل في أروقة السياسة والإعلام الإسرائيليين ربما كان في صالح التهدئة. أما صدور هذه القرارات بذلك التسرع، فقد أوصل الديبلوماسية المصرية إلى نقطة نهاية والصراع لا يزال في لحظة البداية، وهنا تصبح مصر أمام معضلة حقيقية: فإما أن تقف عاجزة طيلة باقي مراحل الصراع، ما دامت جعبتها خلت من أوراق الضغط، وإما أن تسعى في التشديد على أن لديها المزيد، وذلك عبر خطوات تصعيدية غير محسوبة يدفع باتجاهها تسارع وتيرة العدوان الإسرائيلي، وتراكم ضغوط الرأي العام الإسلاموي وربما المصري أو حتى العربي.
وعلى المستوى الثاني تتبدى المعضلة الهيكلية التي يواجهها «الإخوان» في حكم مصر، وهي هيمنة التصورات الأيديولوجية البسيطة على إدراكاتهم السياسية، فطالما تصوروا أن تحدي إسرائيل هو قضية (نخوة)، أي قضية أخلاقية تتعلق بهمة الرئيس والنظام وشجاعتهما، ولأنهم يفترضون النخوة العقائدية في أنفسهم فقد تصوروا أن وجودهم في الحكم سيردع إسرائيل عن العدوان، أو يصدها إذا ما قامت به. وإزاء تهافت هذه التصورات البسيطة، وتشابك مكونات الواقع، يتبدى لهم الآن أن الأمر أخطر من همة حزب أو شجاعة رئيس، وإننا إزاء دولة عدوانية من طراز فائق الهمجية، تربطنا بها اتفاقيات دولية، تحكمها توازنات حرجة، لا يعدو التحرر منها أن يكون بداية تصعيد نحو ذروة ربما كانت هي الحرب.
وفي الحقيقة، فإنني لست ممن يستبعدون الحرب مع إسرائيل قطعياً، ولست ممن يمنحون السلام أولوية مطلقة تعلو على كل ما عداها. ذلك أن المجتمعات الحية لا بد وأن تحارب في لحظة ما حفاظاً على حيويتها، وعلي قدرتها الخلاقة. لست أردد هنا رأي نيتشه في الحرب، ولا أعتقد أنها ضرورة للحضارة، ولتجديد الأمم كما يزعم البعض، فتجدد الشعوب يمكن أن تنهض به فكرة فلسفية كالحرية، وسياسية كالديموقراطية عبر صراع سياسي مقنن، وتبادل سلمي للسلطة. ولكن الحرب قد تصبح ضرورة وجودية عندما يوجد عدو يصر عليها، لأنك هنا لست أمام خيار ثالث، فإما أن تحاربه أو أن تخضع له، ولعل تلك هي مفارقة السيد والعبد التي تحدث عنها هيغل مفسراً بها نشأة ظاهرة العبودية، التي بدأت مع خوف رجل من أن يرفع سيفه في مواجهة آخر، فلم يكن أمامه آنذاك سوى الاستسلام له، والدخول في فلك طاعته.
لست إذاً، ممن يرفضون الحرب قطعياً، ولكنني أدرك أيضاً أنها مهمة كبرى وصعبة، لا يمكن الشروع فيها إلا بحسابات رشيدة، تقوم على التنمية الاقتصادية، وعلى التطور العسكري تسليحاً وتدريباً، وأيضا ًعلى التهيؤ الاستراتيجي الحقيقي، والإجماع الوطني الكامل. كما أدرك أن مصر في هذه اللحظة تفتقد (هيكلياً)، لجل هذه المقومات. فحتى أبسطها، وهو الإجماع الوطني، نجده غير قائم في ظل الاستقطاب السياسي والثقافي الشديد بين التيارين المدني والديني، والذي لم تبذل جماعة الرئيس أي جهد لتجاوزه، بل إنها لم تترك فرصة متاحة أمامها لتعميقه إلا وانتهزتها في شتى الملفات الداخلية المفتوحة للجدل والنقاش، وهو أمر يزيد موقف الرئيس تعقيداً على صعيد التحديات الخارجية، ويجعله عاجزاً في مواجهة الموقف الصعب والاختبار المرير لديبلوماسيته في ظل الصراع الحالي، الذي فقد فيه كل أوراقه منذ اللحظة الأولى، ولم يعد أمامه سوى عجز كريه موروث عن نظام قديم يود إحداث القطيعة معه فيما تود إسرائيل إشعاره بهذا العجز للنيل من معنوياته، أو محاولة امتلاك أوراق جديدة مكلفة، عبر تصعيد سياسي غير محسوب يدفع به إلى خيارات صعبة، وتلك هي المعضلة التي يعانيها الرئيس الآن، وتضغط عليه بشدة.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.