العبرة من قصص القرآن من اسباب زيادة الايمان واسباب الثبات على الطاعة وورد فى قصص الانبياء لابن كثير تدور أحداث قصة صاحب الجنتين حول رجلين، جعل الله -سبحانه وتعالى- لأحدهما جنتين عظيمتين جميلتين من أعناب، والأعناب محاطة بالنخيل، وكان الزرع ينبت بين الأشجار، وقد فجر الله بينهما نهرًا، وأمرهما فأنتجتا كلّ ما فيهما، من ثمار يانعة ناضجة، في منظرٍ في غاية الحُسن والبهاء. قال تعالى: "وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ وَحَفَفناهُما بِنَخلٍ وَجَعَلنا بَينَهُما زَرعًا ،كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَت أُكُلَها وَلَم تَظلِم مِنهُ شَيئًا وَفَجَّرنا خِلالَهُما نَهَرًا". . أما الرجل الآخر فهو رجل فقير، لا يملك شيئًا من متاع الدنيا، ولكنه مؤمن بالله -سبحانه وتعالى-، وقد جرى حوار بينه وبين صاحب البُسْتانين، الذي قال له في تكبرٍ وازدراء، مغترًا بماله ومفتخرًا بجاهه: أنا أكثر منك مالًا وأعز نفرًا، ودخل جنته وهو يقول: ما أظن أن تبيد هذه أبدًا، وما أظنُّ الساعة قائمة، ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرًا منها منقلبًا، فما كان من الرجل المؤمن إلا أن ذَكَّرَه بخالقه، وحذره من الكفر وعاقبته، وأرشده إلى شكر المُنْعم على النعمة، وعدم الاغترار بالمظاهر الزائلة، وعدم التكبر، وحذره من نزع النعمة عنه؛ بسبب جحوده وكفره وتكبره. ولكنّ صاحب الجنتين لم يتّعظْ بكلام صاحبه المؤمن، بل أصَرَّ على كفره، واستكباره، وجحوده، وغروره؛ فَعَاقَبَه الله- سبحانه وتعالى- بزوال النعمة؛ إذ أرسل صاعقة دمّرت ما في جنتيه، قال تعالى: "فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكثَرُ مِنكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هذِهِ أَبَدً ، وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِن رُدِدتُ إِلى رَبّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنها مُنقَلَبًا ، قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا، لكِنّا هُوَ اللَّهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا، وَلَولا إِذ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنا أَقَلَّ مِنكَ مالًا وَوَلَدًا، فَعَسى رَبّي أَن يُؤتِيَنِ خَيرًا مِن جَنَّتِكَ وَيُرسِلَ عَلَيها حُسبانًا مِنَ السَّماءِ فَتُصبِحَ صَعيدًا زَلَقًا، أَو يُصبِحَ ماؤُها غَورًا فَلَن تَستَطيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيهِ عَلى ما أَنفَقَ فيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها وَيَقولُ يا لَيتَني لَم أُشرِك بِرَبّي أَحَدًا" .